«ذا بيج شو»، «ذا روك»، «جون سينا» هذه هي بعض الأسماء الرنانة في عالم مصارعة المحترفين. لدى هذه الأسماء شعبية ضخمة جداً ليس في الولايات المتحدة فقط ولكن أيضاً في منطقتنا العربية. هل رأيت الصالات الضخمة التي تقام بها هذه المباريات؟ هل رأيت الإخراج، الإمكانات، التصوير، الزوايا، الألوان الباهرة، الألعاب النارية، الشاشات الضخمة في الصالة وطبعاً الأعداد الغفيرة التي تحرص على حضور هذه المباريات، والملايين التي تتابعها على شاشات التليفزيون في أنحاء العالم.
المثير للاهتمام في هذه الرياضة هو أن كل من يتابعها يعرف يقيناً أنها رياضة زائفة. فلا الضربات حقيقية، ولا الحركات الدرامية تخدع من هم أكبر ممن هم في الثانية عشرة من عمرهم. وفي النهاية يتحدد من يفوز في هذه الرياضة التليفزيونية عن طريق اتفاقات مسبقة لتكون هناك إعادة وانتقام وثأر ليستمر العرض ويدفع الناس أكثر.
نجوم هذه الرياضة مفتولو العضلات ولكنهم لا يضربون بعنف حقيقي. لديهم أسماء رنانة مثل «الصخرة»، «السفاح»، «العاصفة» أو «المنتقم»، ولكنها أسماء شهرة لزوم الأضواء ولإضفاء بعد سينمائي «للأكشن» المزيف على الحلبة.
في عالم «الإسلامجية» هناك شخصيات سينمائية أيضاً. شخصيات أسطورية يضعهم المريدون في مصاف النجوم، ناهيك عن القداسة التي يحيطونهم بها. ولكن اليوم بدلاً من الحديث عنهم سأتحدث عمن تأثر بهم.
نحن نعتقد أن الإسلام المتطرف الذى خرج علينا في السنوات الأخيرة محصور فقط في منطقتنا العربية. ولكن الحقيقة أنه قد تم تصديره إلى أوروبا، وأمريكا وأصبح له مريدون ومدافعون، ليس فقط من الجنسيات العربية أو المهاجرين، بل من أصول أمريكية وأفريقية ولاتينية يعيشون في أمريكا وأوروبا.
من هذه النماذج شخصية اسمها عمر لي «Umar Lee».. عمر لي اشتهر في وسائل التواصل الاجتماعي كمدافع شرس عن الإسلام.، لكنه لا يهاجم فقط الغرب الإمبريالي الكافر الذي يعيش في كنفه ويتمتع بحرياته ولكنه يهاجم المسلمين والمسلمات أبناء دينه الذين باعوا مبادئهم ودينهم للغرب. فهو يهاجم السيدات المسلمات المحجبات لأنهن لا يرتدين الحجاب كما يجب، بل بدلاً من تسميتهن بالإنجليزية «Hijabis» أي محجبات، هاجمهن وأطلق عليهن «HOEjabis» أي عاهرات يرتدين الحجاب.
عمر لي.. يهاجم المسلمين الذين يحاولون التعايش مع الغرب ويحاولون إعطاء فكرة جيدة ومختلفة عن الإسلام. فبالنسبة له هؤلاء منافقون يحاولون تمييع الدين.
عمر لي.. ليس مجرد مدون أو محارب على الإنترنت. فهذا الرجل لديه الكثير من المريدين الذين يصرخون ويشجعون حين يهاجم أعداء الإسلام. فها هو يطرح هذا الشيخ الوسطي أرضا، وها هو يرمي شخصية مسلمة عاقلة على الأحبال. وهاهو يهزم شخصية مسلمة وسطية ثالثاً بلمس الأكتاف.
ولاستكمال المنظـــر التمثيلـــي الـــذي نـــراه علـــى حلبات المصارعة فقــــد سمــــى نفســــه «THE CORRECTIFIER» أو المصحـــح الـــذي يصحــــح للمسلمين دينهم بما أن إيمانهم كما هو حالياً غير كافٍ. بل إنه يفتخر بتصوير نفسه بالسيف العربي ليهدد به أعداء الدين مثلما يخرج أبطال المصارعة إلى الحلبة حاملين الفؤوس والأسلحة دليلاً على القوة والجبروت.
عمر لي.. ليس حالة فردية بل هو حالة تنتشر وتتوغل في المجتمعات المسلمة في الغرب. هؤلاء المسلمون الجدد الذين ظنوا أنهم بعثوا ليتمموا للناس دينهم أصبحوا حملاً ثقيلاً على المسلمين في الخارج. فهم ينفرون الأجانب من الإسلام بل ويمتد تنفيرهم إلى المجتمعات المسلمة في الغرب. فالشباب المسلم يجد نفسه محاصراً بين مجتمع غربي ينظر له بريبة بسبب أمثال عمر لي، وبين منظومة دعوية فاشلة سمحت لهؤلاء بالتصدر في المشهد المسلم.
وحتى نستكمل المشهد التمثيلي على الحلبة، فقد أعلن عمر لي تنصره وارتداده عن الإسلام لأنه لم يعد دين المحبة والسلام الذي اعتنقه!!!! لك أن تتخيل رد فعل المجتمع السلفي الشاب الذى كان يناصره ويهلل له في مبارياته في حلبات المصارعة الوهمية. لقد تنصر عمر لي وارتد بعد أن قام بتكفير وتخوين الكثير من الشخصيات الوسطية في المجتمع المسلم في أمريكا. فيبدو أن مقولة «في داخل كل متطرف هناك مرتد صغير يريد أن يظهر» صحيحة.
ما فعله ويفعله أمثال عمر لي هو امتداد للفكر العبثي الذي نراه في مجتمعاتنا. فعمر لي «المصحح» ذو السيف العربي المسلول لا يختلف كثيراً عن هؤلاء المهرجين والمصارعين المزيفين الذين يتباهون بورعهم وإيمانهم وتعاليهم على باقي خلق الله. لا يختلف عمر لي عمن نزل يستعرض فنون القتال عند مسجد رابعة في مظاهرات تدعو إلى «السلمية» ففي النهاية كلهم ممثلون بارعون لم يأخذوا من الدين إلا قشوره ولم يأخذوا من فنون التواصل الإنساني إلا الصوت العالي والعنف والكراهية. لكنهم كاذبون، مزيفون وممثلون مثل نجوم مصارعة المحترفين. «شكل على الفاضي».
وأنا أكتب هذه السطور، أعلن عمر لي في فيديو على الإنترنت بعيون دامعة وصوت متهدج عودته إلى الإسلام مرة أخرى.
فلتستمر المسرحية ولتستمر المصارعة وليدفع الجمهور المخدوع بمزاجه ثمن هذه المسرحية العبثية.
- عن «الشروق» المصرية
{{ article.visit_count }}
المثير للاهتمام في هذه الرياضة هو أن كل من يتابعها يعرف يقيناً أنها رياضة زائفة. فلا الضربات حقيقية، ولا الحركات الدرامية تخدع من هم أكبر ممن هم في الثانية عشرة من عمرهم. وفي النهاية يتحدد من يفوز في هذه الرياضة التليفزيونية عن طريق اتفاقات مسبقة لتكون هناك إعادة وانتقام وثأر ليستمر العرض ويدفع الناس أكثر.
نجوم هذه الرياضة مفتولو العضلات ولكنهم لا يضربون بعنف حقيقي. لديهم أسماء رنانة مثل «الصخرة»، «السفاح»، «العاصفة» أو «المنتقم»، ولكنها أسماء شهرة لزوم الأضواء ولإضفاء بعد سينمائي «للأكشن» المزيف على الحلبة.
في عالم «الإسلامجية» هناك شخصيات سينمائية أيضاً. شخصيات أسطورية يضعهم المريدون في مصاف النجوم، ناهيك عن القداسة التي يحيطونهم بها. ولكن اليوم بدلاً من الحديث عنهم سأتحدث عمن تأثر بهم.
نحن نعتقد أن الإسلام المتطرف الذى خرج علينا في السنوات الأخيرة محصور فقط في منطقتنا العربية. ولكن الحقيقة أنه قد تم تصديره إلى أوروبا، وأمريكا وأصبح له مريدون ومدافعون، ليس فقط من الجنسيات العربية أو المهاجرين، بل من أصول أمريكية وأفريقية ولاتينية يعيشون في أمريكا وأوروبا.
من هذه النماذج شخصية اسمها عمر لي «Umar Lee».. عمر لي اشتهر في وسائل التواصل الاجتماعي كمدافع شرس عن الإسلام.، لكنه لا يهاجم فقط الغرب الإمبريالي الكافر الذي يعيش في كنفه ويتمتع بحرياته ولكنه يهاجم المسلمين والمسلمات أبناء دينه الذين باعوا مبادئهم ودينهم للغرب. فهو يهاجم السيدات المسلمات المحجبات لأنهن لا يرتدين الحجاب كما يجب، بل بدلاً من تسميتهن بالإنجليزية «Hijabis» أي محجبات، هاجمهن وأطلق عليهن «HOEjabis» أي عاهرات يرتدين الحجاب.
عمر لي.. يهاجم المسلمين الذين يحاولون التعايش مع الغرب ويحاولون إعطاء فكرة جيدة ومختلفة عن الإسلام. فبالنسبة له هؤلاء منافقون يحاولون تمييع الدين.
عمر لي.. ليس مجرد مدون أو محارب على الإنترنت. فهذا الرجل لديه الكثير من المريدين الذين يصرخون ويشجعون حين يهاجم أعداء الإسلام. فها هو يطرح هذا الشيخ الوسطي أرضا، وها هو يرمي شخصية مسلمة عاقلة على الأحبال. وهاهو يهزم شخصية مسلمة وسطية ثالثاً بلمس الأكتاف.
ولاستكمال المنظـــر التمثيلـــي الـــذي نـــراه علـــى حلبات المصارعة فقــــد سمــــى نفســــه «THE CORRECTIFIER» أو المصحـــح الـــذي يصحــــح للمسلمين دينهم بما أن إيمانهم كما هو حالياً غير كافٍ. بل إنه يفتخر بتصوير نفسه بالسيف العربي ليهدد به أعداء الدين مثلما يخرج أبطال المصارعة إلى الحلبة حاملين الفؤوس والأسلحة دليلاً على القوة والجبروت.
عمر لي.. ليس حالة فردية بل هو حالة تنتشر وتتوغل في المجتمعات المسلمة في الغرب. هؤلاء المسلمون الجدد الذين ظنوا أنهم بعثوا ليتمموا للناس دينهم أصبحوا حملاً ثقيلاً على المسلمين في الخارج. فهم ينفرون الأجانب من الإسلام بل ويمتد تنفيرهم إلى المجتمعات المسلمة في الغرب. فالشباب المسلم يجد نفسه محاصراً بين مجتمع غربي ينظر له بريبة بسبب أمثال عمر لي، وبين منظومة دعوية فاشلة سمحت لهؤلاء بالتصدر في المشهد المسلم.
وحتى نستكمل المشهد التمثيلي على الحلبة، فقد أعلن عمر لي تنصره وارتداده عن الإسلام لأنه لم يعد دين المحبة والسلام الذي اعتنقه!!!! لك أن تتخيل رد فعل المجتمع السلفي الشاب الذى كان يناصره ويهلل له في مبارياته في حلبات المصارعة الوهمية. لقد تنصر عمر لي وارتد بعد أن قام بتكفير وتخوين الكثير من الشخصيات الوسطية في المجتمع المسلم في أمريكا. فيبدو أن مقولة «في داخل كل متطرف هناك مرتد صغير يريد أن يظهر» صحيحة.
ما فعله ويفعله أمثال عمر لي هو امتداد للفكر العبثي الذي نراه في مجتمعاتنا. فعمر لي «المصحح» ذو السيف العربي المسلول لا يختلف كثيراً عن هؤلاء المهرجين والمصارعين المزيفين الذين يتباهون بورعهم وإيمانهم وتعاليهم على باقي خلق الله. لا يختلف عمر لي عمن نزل يستعرض فنون القتال عند مسجد رابعة في مظاهرات تدعو إلى «السلمية» ففي النهاية كلهم ممثلون بارعون لم يأخذوا من الدين إلا قشوره ولم يأخذوا من فنون التواصل الإنساني إلا الصوت العالي والعنف والكراهية. لكنهم كاذبون، مزيفون وممثلون مثل نجوم مصارعة المحترفين. «شكل على الفاضي».
وأنا أكتب هذه السطور، أعلن عمر لي في فيديو على الإنترنت بعيون دامعة وصوت متهدج عودته إلى الإسلام مرة أخرى.
فلتستمر المسرحية ولتستمر المصارعة وليدفع الجمهور المخدوع بمزاجه ثمن هذه المسرحية العبثية.
- عن «الشروق» المصرية