رغم الاختلاف الحاصل بين الناس من الناحية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، نجد أن مرحلة الطفولة هي القاسم المشترك بين الأغلبية. فمعظمنا كانت تسكننا رغبة في أن نكون في المستقبل إما مدرساً، أو طبيباً، أو مهندساً أو كابتن طائرة، مغنياً أو عازفاً. ورغم أحلام الطفولة المتشابهة كانت أيضاً تجمعنا بعض الألعاب، لذلك لو سمعت حواراً بين سيدة من الشرق وأخرى من الغرب، لا يوجد بينهما أي من القواسم المشتركة في العادات والتقاليد مروراً بالمكان وأساليب العيش نهاية بالمناخ والأعياد والمناسبات لسمعتهم يتكلمون عن ألعاب الطفولة وتلاحظ أنها إلى حد كبير متشابهة، مثلاً لعبة المعلمة والتلامذة، الأم وأبنائها، وكيف كنا نستخدم حبوب الفاصوليا والحمص على أنها طعام العائلة وكيف كنا نصنع نقوداً من ورق، أشياء كثيرة حلوة وجميلة تجمعنا وإن كانت طريقة تطبيقها مختلفة ومنسجمة مع واقع كل واحد منا.
ومع كل هذا وإن وجد الاختلاف يبقى أمراً واحداً مشتركاً، واستحالة أن ترى غيره، وهو بناء القصور من الرمال عند ذهابنا إلى شاطئ البحر. صغاراً كنا نعمر القصور، لماذا القصور؟ أحاول أن أعرف وأحلل لا أدري لماذا؟!
هل لأن القصور شيء كنا نسمع عنه في الحكايات وأمر صعب المنال!! وهل الأمور التي لا نقدر أن نحققها في الحقيقة نأمل أن نعمرها بالرمال أو في الخيال!!
كنا نعمر القصر ونضع يدنا على قلبنا آملين ألا تأتي موجة قوية تنسفه، أو أحد إخواننا يدمره لكي يشعل فينا قليلاً من الغضب.. كنا نبكي حرقة على قصرنا الرملي المتهدم. كانت طفولة بريئة براقة مشرقة متلألئة.. رغم الغارات الحربية التي كانت تخيم على بعض المناطق العربية ولكن براءة وبساطة كانت تسيطر علينا. ولكن إن نظرنا الآن إلى أبنائنا، نجد أن التكنولوجيا العمياء باتت مسيطرة على عقولهم وتفكيرهم، أصبحوا يتنفسون رائحة الكربون والمعدن المحترق من الآلات الكهرومغناطيسية التي أدمنوا التعامل معها ولم تعجبهم سوى الأضواء الصناعية والنغمات غير التقليدية. فكلما قدمنا لأطفالنا من التكنولوجيا الجديد يقولون لنا هل من مزيد!!
ولا شك أنني أقصد أطفال العالم العربي، الذين ينظرون إلى القصر من الرمال على أنه من أيام زمان ويحكى عنه في الحكايات، لذلك خانتني دموعي عندما استلمت صورة من خلال برنامج «الواتس اب» لطفل إفريقي يحمل هاتفاً محمولاً صنعه من طين، والابتسامة والغبطة تملأ وجهه، فهو يعتبر حصوله على الهاتف المحمول أكبر آماله وطموحاته باعتبار أن أبناء جيله من العالم العربي يملكون بدل الهاتف اثنين وهذا الأمر ليس فقط في الأحلام وليس فقط نقشاً على الرمال. فمن السهولة أن تجد الآن طفلاً لا يزيد عمره عن 8 سنوات بحوزته ألعاباً إلكترونية منثورة أمامه، وكأنها زهر الربيع في شهر أبريل. نظرت إلى الصورة وتأملت شكل أبنائنا الحالي «أي أبناء العالم العربي» الذين ينظرون إلى الألعاب البسيطة الابتكارية التي يمكن أن تنمي العقل وتثري الذاكرة، إنها من عصر الأجداد والجدات.
فأطفالنا لم يعودوا يأبهون أن تتعطل الأجهزة في يمناهم لأنهم على يقين بأنهم سيحصلون على البديل من دون سؤال أو تعليل، أين تربيتنا لأبنائنا وحثهم ووعيهم على مستقبلهم الحقيقي بدلاً من حاضر مزيف؟! فلنعلم أبناءنا أن يتحولوا من مستهلكين مضللين إلى منتجين مبدعين!!
وماذا يقول جبران خليل جبران ابن الوادي والجبل في هذا المشهد الأليم:
على هذه الشطآن أسعى إلى الأبد
بين الرمل مسعاي وبين الزبد
سوف يطغى المد على آثار قدمي فيمحو ما وجد
وتطوح الريح بعيداً بعيداً بالزبد
أما البحر وأما الشاطئ، فباقيان إلى الأبد
ومع كل هذا وإن وجد الاختلاف يبقى أمراً واحداً مشتركاً، واستحالة أن ترى غيره، وهو بناء القصور من الرمال عند ذهابنا إلى شاطئ البحر. صغاراً كنا نعمر القصور، لماذا القصور؟ أحاول أن أعرف وأحلل لا أدري لماذا؟!
هل لأن القصور شيء كنا نسمع عنه في الحكايات وأمر صعب المنال!! وهل الأمور التي لا نقدر أن نحققها في الحقيقة نأمل أن نعمرها بالرمال أو في الخيال!!
كنا نعمر القصر ونضع يدنا على قلبنا آملين ألا تأتي موجة قوية تنسفه، أو أحد إخواننا يدمره لكي يشعل فينا قليلاً من الغضب.. كنا نبكي حرقة على قصرنا الرملي المتهدم. كانت طفولة بريئة براقة مشرقة متلألئة.. رغم الغارات الحربية التي كانت تخيم على بعض المناطق العربية ولكن براءة وبساطة كانت تسيطر علينا. ولكن إن نظرنا الآن إلى أبنائنا، نجد أن التكنولوجيا العمياء باتت مسيطرة على عقولهم وتفكيرهم، أصبحوا يتنفسون رائحة الكربون والمعدن المحترق من الآلات الكهرومغناطيسية التي أدمنوا التعامل معها ولم تعجبهم سوى الأضواء الصناعية والنغمات غير التقليدية. فكلما قدمنا لأطفالنا من التكنولوجيا الجديد يقولون لنا هل من مزيد!!
ولا شك أنني أقصد أطفال العالم العربي، الذين ينظرون إلى القصر من الرمال على أنه من أيام زمان ويحكى عنه في الحكايات، لذلك خانتني دموعي عندما استلمت صورة من خلال برنامج «الواتس اب» لطفل إفريقي يحمل هاتفاً محمولاً صنعه من طين، والابتسامة والغبطة تملأ وجهه، فهو يعتبر حصوله على الهاتف المحمول أكبر آماله وطموحاته باعتبار أن أبناء جيله من العالم العربي يملكون بدل الهاتف اثنين وهذا الأمر ليس فقط في الأحلام وليس فقط نقشاً على الرمال. فمن السهولة أن تجد الآن طفلاً لا يزيد عمره عن 8 سنوات بحوزته ألعاباً إلكترونية منثورة أمامه، وكأنها زهر الربيع في شهر أبريل. نظرت إلى الصورة وتأملت شكل أبنائنا الحالي «أي أبناء العالم العربي» الذين ينظرون إلى الألعاب البسيطة الابتكارية التي يمكن أن تنمي العقل وتثري الذاكرة، إنها من عصر الأجداد والجدات.
فأطفالنا لم يعودوا يأبهون أن تتعطل الأجهزة في يمناهم لأنهم على يقين بأنهم سيحصلون على البديل من دون سؤال أو تعليل، أين تربيتنا لأبنائنا وحثهم ووعيهم على مستقبلهم الحقيقي بدلاً من حاضر مزيف؟! فلنعلم أبناءنا أن يتحولوا من مستهلكين مضللين إلى منتجين مبدعين!!
وماذا يقول جبران خليل جبران ابن الوادي والجبل في هذا المشهد الأليم:
على هذه الشطآن أسعى إلى الأبد
بين الرمل مسعاي وبين الزبد
سوف يطغى المد على آثار قدمي فيمحو ما وجد
وتطوح الريح بعيداً بعيداً بالزبد
أما البحر وأما الشاطئ، فباقيان إلى الأبد