أنا وهي فقط في المكتبة العامة للجامعة. أخذها شغفها وحبها له وبدأت تدندن بصوت منخفض وهي تتأمله من بعيد وعيناها تترقرق بالدموع «أهواه، أهواه بلا أمل، لي قلب بغرامك يلتهب، تضنيه فيقترب، تقصيه فيغترب في الظلمة يكتئب ويهدهده التعب». ناظرتها بابتسامة دافئة وببريق أمل جميل، فصديقتي التي ترفض الغرام وتبعد عنه أميالاً وأميالاً، ها هي الآن واقعة في شباكه وتدندن أغنية كلها شغف وحب.. فرحت لها لدرجة أنني اقتربت منها وهمست في أذنها: «منهو سعيد الحظ؟».
نظرت إلي وهي مستغربة سؤالي، مجاوبة بسؤال آخر: «سعيد الحظ .. أنا!!!».
جاوبتها: «لقد سمعتك تدندنين أغنية السيدة فيروز «أهواك» فهذا دليل على أن القلب مشغول والفكر مشوش ولكن ما لا يعجبني هو وجود دمعة تتلألأ في عيناك.. ما هو سرها؟».
ردت عليّ بدموع القهر.. نعم أنا أهواه بصمت منذ أن كنت في المرحلة المتوسطة ورغم درجاتي العلمية المتأرجحة صعوداً ونزولاً إلا أنني عملت كل جهدي وبذلت كل ما بوسعي كي أنهي دراسة الثانوية العامة بمجموع يخولني أن التقي به ونمضي أربع سنوات معاً؛ لأفهمه وأعرف محاوره وكيفية التعامل معه. ولم أكن لأصدق أن الحال ينتهي بي إلى حزن دائم كان سببه وقوف والدتي بوجه لقائنا وتعارفنا، فهي حاربت بكل طاقتها أن أبتعد عنه وأكون مع غيره».
رددت عليها مستغربة: كلامك يثير قلقي؛ فأنا لا أعلم بأنك مرتبطة منذ أن تعرفت عليك غير أنك لا تبالين للغرام من بعيد أو قريب.
قالت: إن ما يشغل بالي هو حالة خاصة اسمها دراسة الإعلام التي منعتني من دراستها والدتي لأسباب كثيرة أجهلها ولمبررات ما كنت لأفهمها، وها أنا اليوم بقي لي سنة على التخرج من الاختصاص الذي لا يروق لي ولا يعجبني.
رديت عليها بحدة: وهل ستدفنين عمرك بعدها بوظيفة لا تمت لك بصلة؟ وهل يعقل أن يتم تحديد مصيرك بدون رغبة منك؟ وهل ستتوقعين حياة مهنية ناجحة وأنت الآن تعانين كل هذا العناء النفسي؟
ردت بحزن: لقد فات الأوان...
قلت لها وبنبرة استياء من استسلامها الذي لا يطاق: لم يفت الأوان وأنت لاتزالين في البداية واذهبي إلى ما يهواك وتهواه واطلقي العنان لطموحك، وكفى أن يظل مكبوتاً في صندوق متحجر، كان لابد أن تقاتلي بكل ما لديك من قوة لتنفردي بما يهواك.. تركتها وأنا استشيط غضباً للسلبية التي كانت تتملكها.
فهذا حالها وحال كثيرات من أبناء وبنات جيلنا للأسف، لاشك أن الأهل وبخبرتهم الزمنية الطويلة يملكون رؤيا مختلفة عن رؤيانا، ولكن لابد أن تكون الموضوعية والمنطق سيدي الموقف، وأن نقف بجانب أبنائنا ونراقبهم من بعيد ونقدم لهم المعونة والمشورة عندما تدعو الحاجة، فلا يحق لنا أن نتحكم بمصيرهم فقط لإرضاء مظاهر متكلفة ترضي غرورنا أمام مجتمعاتنا المتقدمة المزيفة..
أخذت قرارها وبدلت دراستها، وما كان لتنجزه بأربع سنوات انتهت منه بفترة قياسية سنتين ونصف، كانت تسابق الزمن؛ فهي الآن مع ما يملك قلبها شغفاً وأثبتت لنفسها وللجميع أنها ممكن أن تكون من الإعلاميات التي نفتخر بهن في عالمنا العربي.
وصدق الشاعر حينما قال :
إن الأمور إذا استدت مسالكهـا
فالصبر يفتح منها كـل مرتجـا
لا تيأسن وإن طالـت مطالبـة
إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا
{{ article.visit_count }}
نظرت إلي وهي مستغربة سؤالي، مجاوبة بسؤال آخر: «سعيد الحظ .. أنا!!!».
جاوبتها: «لقد سمعتك تدندنين أغنية السيدة فيروز «أهواك» فهذا دليل على أن القلب مشغول والفكر مشوش ولكن ما لا يعجبني هو وجود دمعة تتلألأ في عيناك.. ما هو سرها؟».
ردت عليّ بدموع القهر.. نعم أنا أهواه بصمت منذ أن كنت في المرحلة المتوسطة ورغم درجاتي العلمية المتأرجحة صعوداً ونزولاً إلا أنني عملت كل جهدي وبذلت كل ما بوسعي كي أنهي دراسة الثانوية العامة بمجموع يخولني أن التقي به ونمضي أربع سنوات معاً؛ لأفهمه وأعرف محاوره وكيفية التعامل معه. ولم أكن لأصدق أن الحال ينتهي بي إلى حزن دائم كان سببه وقوف والدتي بوجه لقائنا وتعارفنا، فهي حاربت بكل طاقتها أن أبتعد عنه وأكون مع غيره».
رددت عليها مستغربة: كلامك يثير قلقي؛ فأنا لا أعلم بأنك مرتبطة منذ أن تعرفت عليك غير أنك لا تبالين للغرام من بعيد أو قريب.
قالت: إن ما يشغل بالي هو حالة خاصة اسمها دراسة الإعلام التي منعتني من دراستها والدتي لأسباب كثيرة أجهلها ولمبررات ما كنت لأفهمها، وها أنا اليوم بقي لي سنة على التخرج من الاختصاص الذي لا يروق لي ولا يعجبني.
رديت عليها بحدة: وهل ستدفنين عمرك بعدها بوظيفة لا تمت لك بصلة؟ وهل يعقل أن يتم تحديد مصيرك بدون رغبة منك؟ وهل ستتوقعين حياة مهنية ناجحة وأنت الآن تعانين كل هذا العناء النفسي؟
ردت بحزن: لقد فات الأوان...
قلت لها وبنبرة استياء من استسلامها الذي لا يطاق: لم يفت الأوان وأنت لاتزالين في البداية واذهبي إلى ما يهواك وتهواه واطلقي العنان لطموحك، وكفى أن يظل مكبوتاً في صندوق متحجر، كان لابد أن تقاتلي بكل ما لديك من قوة لتنفردي بما يهواك.. تركتها وأنا استشيط غضباً للسلبية التي كانت تتملكها.
فهذا حالها وحال كثيرات من أبناء وبنات جيلنا للأسف، لاشك أن الأهل وبخبرتهم الزمنية الطويلة يملكون رؤيا مختلفة عن رؤيانا، ولكن لابد أن تكون الموضوعية والمنطق سيدي الموقف، وأن نقف بجانب أبنائنا ونراقبهم من بعيد ونقدم لهم المعونة والمشورة عندما تدعو الحاجة، فلا يحق لنا أن نتحكم بمصيرهم فقط لإرضاء مظاهر متكلفة ترضي غرورنا أمام مجتمعاتنا المتقدمة المزيفة..
أخذت قرارها وبدلت دراستها، وما كان لتنجزه بأربع سنوات انتهت منه بفترة قياسية سنتين ونصف، كانت تسابق الزمن؛ فهي الآن مع ما يملك قلبها شغفاً وأثبتت لنفسها وللجميع أنها ممكن أن تكون من الإعلاميات التي نفتخر بهن في عالمنا العربي.
وصدق الشاعر حينما قال :
إن الأمور إذا استدت مسالكهـا
فالصبر يفتح منها كـل مرتجـا
لا تيأسن وإن طالـت مطالبـة
إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا