في الوقت الذي تقوم فيه واشنطن بدراسة الوضع العام في منطقة الشرق الأوسط في أعقاب الربيع العربي، أصبح واضحاً أن الفوضى التي تلت هذا الربيع جعلته أقرب ما يكون إلى فصل شتاء طويل وقاس انعدم معه الأمل؛ حيث عمت الفوضى وغاب الاستقرار وأصبحت مصالح الولايات المتحدة على المحك، تواجه تحديات متزايدة من قبل الديمقراطيين الجدد، وقد لبس الذئاب منهم ثوب الحمل الوديع.وأؤكد أولاً أن ليس هناك مكان في المنطقة أهم من البحرين فيما يتعلق بالحفاظ على مصالح الأمن القومي الأمريكي، ولكن مع تواصل الاحتجاجات المستمرة التي تقض مضجع الأسرة الحاكمة، فإن السؤال الملح الذي وجب على الرئيس أوباما وأعضاء الكونغرس طرحه هو: لماذا يجب على واشنطن رعاية البحرين؟ الجواب واضح وضوح الشمس؛ إن استقرار منطقة الخليج العربي الغنية بالطاقة مرتبط بالبحرين، فسبع وستون بالمائة من احتياطي النفط الخام في العالم يوجد في منطقة الخليج العربي، وما يقارب من 27 بالمائة من صادرات النفط الخام العالمية تمر اليوم عبر المياه الإقليمية للبحرين في طريقها إلى المستهلكين في جميع أنحاء العالم.ويستقر في البحرين الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية المكلف بالحفاظ على تدفق النفط من الخليج العربي. وفي الواقع، فقد كانت ولاتزال هذه الدولة -الجزيرة الصغيرة التي يناهز عدد سكانها المليون نسمة- حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة لأكثر من 60 عاماً، وكما قال ا?دميرال وليام ج. كرو الرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة أن البحرين التي تؤمن تدفق النفط ومن ثمة ازدهار القطاع المالي كانت وستبقى أفضل صديق لأمريكا في المنطقة، ولكن هذا الصديق «المميز» يواجه خطر أن يصبح جمهورية البحرين الإسلامية.وقد أشاد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي بالراديكاليين في البحرين واعتبرهم ثوريين ذوي نوايا حسنة وشوه في ذات الوقت صورة حكام البحرين الذين يكنون صداقة للولايات المتحدة الأمريكية واعتبرهم مرتدين.إن شبح أن تصبح البحرين جمهورية إسلامية وارد، وبينما تهتم الأغلبية الساحقة من المعارضة البحرينية بشواغل مشروعة تتعلق بحق إيجاد فرص عمل وسكن وتمثيل أكبر في قوات الأمن، تم تشجيع وتمويل الأكثر راديكالية منهم من قبل المؤسسة الدينية الإيرانية المتمركزة في مدينة قم، ودعت صحيفة كيهان المتحدثة باسم المرشد الإيراني إلى ضم البحرين إلى إيران.إن الإطاحة بالحكومة الدستورية في البحرين كان ولايزال هدفاً لرجال الدين في إيران منذ أن وصلوا إلى السلطة في عام 1979، وفي وقت سابق من العام الماضي صرح مستشار آية الله خامنئي قائلاً: «إن البحرين هي المقاطعة الإيرانية الرابعة عشرة»، واستغلت إيران على الأرض احتجاجات البحرينيين الأخيرة لتحسين ظروفهم المعيشية للإطاحة بالحليف الأمريكي.إن السؤال الهام الذي يجب أن يطرحه أوباما وصانعو القرار السياسي في الولايات المتحدة على أنفسهم هو الآتي؛ كيف يمكن لواشنطن حماية البحرين من إيران وفي الوقت ذاته مساعدة حكام البحرين في سعيهم لمعالجة مشاكل المواطنين؟ أولاً؛ يجب على واشنطن أن تدلي ببيان لا لبس فيه تدعم فيه جلالة الملك حمد، الرجل الذي التقيت به شخصياً في عدد من المناسبات، هذا الملك الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، هو زعيم ومفكر تقدمي ومتفهم بأن الإصلاحات الاقتصادية ضرورية للنهوض بالاقتصاد البحريني، ولكن لا يمكن لأي اقتصاد أن ينمو وسط الفوضى. وإذا جعلنا واشنطن تساند الملك حمد مائة بالمائة، يمكن حينئذ تنفيذ الإصلاحات والقيام بالتنازلات المطلوبة لاسترضاء المعارضة ولكن من موقف القوة لا الضعف. وكان من أوجه الفشل الأساسي في السياسة الخارجية الأمريكية هو سذاجة سياستها تجاه شاه إيران.إن ثمار الأصولية الإسلامية لم تر النور إلا بسبب اعتقاد الرئيس كارتر الخاطئ بسذاجة آية الله روح الله الخميني وأتباعه، حالمين بتمسكه بحقوق الإنسان عندما يغادر الشاه إيران. وافترضنا سذاجة -كما نفعل اليوم في البحرين- أن الخميني «قديس»، العبارة نفسها التي استعملها أندرو يونغ السفير الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة. ثانياً؛ يجب على الإدارة الأمريكية أن تقرن الأقوال بالأفعال في إطار دعمها للبحرين، لذلك وجب على وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيجل أن يقوم بزيارة خاصة للبحرين لإظهار دعم الإدارة الأمريكية لها ولإرسال إشارة إلى آيات الله مفادها أننا لن نتخلى أبدأ عن أصدقائنا.ثالثاً؛ ينبغي على واشنطن دعوة ابن الملك عبدالله ملك المملكة العربية السعودية ورئيس الحرس الوطني في المملكة العربية السعودية الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز إلى البيت الأبيض لمناقشة مسألة الأمن في البحرين، وأن نعلم حلفاءنا أننا لن نتخلى عنهم في أوقات الشدة.رابعاً؛ ينبغي على الكونغرس أن يعود إلى المحللين للشأن البحريني لصياغة مخطط للنمو الاقتصادي وللإصلاحات المحلية بطريقة مدروسة تلبي الهدفين الملتزم بهما وهما الاستقرار والإصلاح في البحرين.ولا يجب أن ننسى ما حصل عام 1979 لما كلف تردد واشنطن في دعم أو عدم دعم حليفها شاه إيران والسذاجة في التفكير واعتبار الخميني رجلاً ديمقراطياً مسلمة بصدق حديثه عن الديمقراطية وعن الولايات المتحدة الشيء الكثير. وقد أدى تردد الأمريكيين في معالجة الفوضى المتزايدة في سوريا إلى تقوية وتعزيز يد الراديكاليين الإسلاميين هناك ونحن نلمس جلياً تكاليف هذين الخطأين كل يوم.يجب على واشنطن أن تتفادى نكسة أخرى وأن تصدح بصوت عال وبوضوح «أن الملك حمد والبحرين صديقان لا يمكن التخلي عنهما أبداً» وبأننا رغم هذا وذاك، سنعمل مع البحرين جاهدين من أجل التغلب على كل تحد من أجل مصلحة جميع الأطراف المعنية.- عن «الواشنطن تايمز»
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90