لا تختلف مطالبة الجمعيات الخمس بالتمثيل المتكافئ عن مطالبتها بالملكية الدستورية التي طالما طالبت بها الوفاق على غرار الملكية البريطانية، فكلاهما يتلاقيان في تجريد الحكم من صلاحيته، وما مطالبة الجمعيات الخمس إلا تأسيس لمرحلة إسقاط الدولة، وذلك حين يكون تعيين المستقلين واستبدالهم للطرف الثالث في الحوار (النواب والشورى)، ويكون اختيار المستقلين من قبل ما يسمى بالقوى الوطنية، وتعلمون من ستختار المعارضة، وتعلمون من سيختار ائتلاف جمعيات الفاتح، وها نحن نشاهد التوافق بين بعضهم وممثلي الجمعيات الخمس رغم وجود الطرف الثالث، فها هو عبدالمجيد ميلاد يتنقل بين بعض أعضاء الفاتح يسر حديثاً في أذن هذا ثم ذاك، مما يدل على مدى حالة التفاهم التي قد يروجها البعض من الاتفاق مع الوفاق على سحب صلاحية الحكم وحصرها في تعيين الثلاث وزارات؛ الجيش، الداخلية والخارجية، أما باقي الوزراء فيكون بين تشاور ما يسمى القوى الوطنية، والتي ستكون في النهاية هي موافقة أكبر كتلة نيابية في البرلمان، وتعلمون أنها ستكون كتلة الوفاق، إضافة إلى المطالبة بأن يكون ثلث مجلس الشورى معين من قبل النقابات العمالية والمهنية، وتعرفون من على رأس هذه النقابات، وهكذا تكون ملكيتهم الدستورية قد تأسست.
إن السعي لدى أصحاب المؤامرة من الداخل والخارج هو تجريد الحكم من صلاحياته، وتحجيمه حتى يصبح ذو صلاحيات تشريفية مثل رئيس جمهورية العراق، حيث يعد دوره منصباً تشريفياً، في حين منح الدستور العراقي رئيس مجلس الوزراء صلاحيات واسعة في مختلف المجالات، هذا لأن رئيس الوزراء شيعياً، أما بالنسبة للبحرين فلن يكون لرئيس الوزراء الحق لا في تعيين ولا ترشيح بعد نتائج الحوار إذا ما تمت الاستجابة إلى مطالب الوفاق بالتمثيل المتكافئ، كونه يمثل الدولة الخليفية، أما إذا تم تعيين رئيس وزراء شيعي فستكون له كامل الصلاحيات مثل المالكي، أو أن يكون سنياً مثل رئيس الحكومة الدولة اللبنانية ميقاتي، والتي يسيطر عليها حزب الله.
سنلقي الضوء هنا على بعض النصوص المقتبسة من مقال نشر على موقع صوت الغدير بتاريخ 30 نوفمبر 2011، وهو يعكس فكرة المؤامرة التي نشاهد فصولها في المواقف التي تمارسها الشخصيات الصفوية الانقلابية، حيث ذكر في المقال الذي نشر تحت عنوان «إسقاط النظام، الملكية الدستورية، إصلاحات دستورية.. وتحمل مسؤولية الخيار»: «إن خيار إسقاط النظام يعني عزل البحرين عن باقي دول الخليج مع تأمين عدم التدخل أياً منها في الشأن المحلي- هناك رهان آخر يهون الأمر ويشجع على هذا الخيار ويرجحه على خيار الملكية الدستورية، إنه احتمال التدخل الدولي بعد الملل الذي أصابه من السياسات المتخلفة للسلطات الكبرى في دول الخليج، وهذا احتمال نراه كمتدينين من باب تسليط الله الظالمين على الظالمين»، هذه هي نفس العقلية التي في الحوار، والتي تستخدم كافة الوسائل للوصول إلى لحظة إسقاط النظام.
الأمر الأخطر من هذا هو الخوف من العناصر في الجهة المقابلة في الحوار والتي قد تتوافق، وقد يتمنى بعض منها التوافق وأن يتحقق له هذا لأنه قد يكون أحدهم أو بعضهم ظن أنه لن يفتح له باب الرزق إلا إذا ضمن العلاقة الطيبة مع المعارضة، والتي قد ترشحه لمنصب ما كمكافأة له، ولن يتحقق ذلك إلا إذا ما توافق معهم في بعض محاورهم الخطيرة التي لن تمرر إلا في حالة اصطفافه أو اصطفاف بعض منهم مع الجمعيات الخمس، خصوصاً إذا كان التشاور على تعيين باقي الوزراء محصوراً بين القوى الوطنية، وتعرفون من هي القوى الوطنية مع الأسف الشديد، القوى الوطنية ليست القوى التي تدافع عن سيادة البحرين وأمنها، إنما قوى وطنية تطمع في السيطرة على البلاد وقوى وطنية أخرى قمة طموحها الحصول على منصب.
نعود إلى التمثيل المتكافئ وماذا إذا قررت الدولة النظر فيه، وماذا إذا استجابت لشيء منه، إنه «فخ» لسرقة الدولة، هذا ما فصله الكاتب في مقاله «إسقاط النظام، الملكية الدستورية، إصلاحات دستورية.. وتحمل مسؤولية الخيار»، والذي يسعى لتنفيذه من خلال «التمثيل المتاكافئ».
رسالة إلى ائتلاف
جمعيات الفاتح..
إن شارع الفاتح يرفض التفريط في سيادة الدولة، شارع الفاتح أعلن موقفه بقوة ويريد أن يكون له حضور في الحوار بقوة تناسب مكانته وحجمه، شارع الفاتح يريد أن يعلم ما يسمى «المعارضة» الفرق بين الانتماء للبحرين والانتماء لإيران، أما حضور شخصيات تفتح أذنها لهمس مجيد ميلاد، فهي شخصيات تمثل نفسها ومصالحها وقد يكون خطرها على سيادة البحرين وسلامتها أكبر من خطر المؤامرة الانقلابية.