حين وصفت مساعدة وزير الخارجية الأمريكية زيارة ولي العهد للولايات المتحدة بـ«الناجحة جداً جداً»، وأن البحرين قدمت بعض الأفكار الجيدة، لم تكن تدري أنها دقت ألف جرس إنذار ووضع الحاضرون يدهم على قلبهم، وما ذلك إلا لأن تباين رؤية الشعب البحريني عن رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لما هو «ناجح» و«حقيقي» للبحرين، وأحياناً تتناقض وجهتا النظر، فما تراه أمريكا ناجحاً يراه شعب البحرين غير ذلك.
فهناك تباين بين وجهة نظر المشاركين في الحوار، من الجمعيات الخمس بقيادة عيسى قاسم، ومن الائتلاف الممثل لأطياف الشعب البحريني، ويفترض أن يقف الحكم على مسافة واحدة بين وجهتي النظر، وتقف الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً على مسافة واحدة من الجميع، إنما حين تصف مساعدة وزير الخارجية الزيارة بأنها ناجحة وأن هناك أفكاراً قدمت، وأنها تود أن ترى إصلاحاً «حقيقياً»، فإننا نضع يدنا على قلوبنا.
فما هي وجهة نظر الإدارة الأمريكية حول شكل الإصلاح «الحقيقي» المناسب للبحرين الذي توصلت إليه هذه الزيارة؟ وكيف يكون ذلك بعيداً عن الرأي العام البحريني حتى اللحظة؟
لا أدري عن موقف جمعيات الائتلاف، ولا أدري عن موقف أعضاء السلطة التشريعية المنتخبين من الشعب والمشاركين في الحوار، وحتى عن موقف أعضاء السلطة التنفيذية أو الشورى المشاركين في الحوار كذلك، ولكني أعبر عن استيائي الشديد لموقفهم جميعاً من عدم اطلاع الرأي العام على نتائج زيارة ولي العهد للولايات المتحدة الأمريكية خاصة تلك المتعلقة بموضوع الحوار.
ولا أدري حقيقة أيضاً إن كانوا بادروا وطلبوا لقاء مع ولي العهد أم لا؟ لا أدري إن كانوا مدركين حجم وأهمية هذه الزيارة وانعكاسها على الحوار؟ ولا أدري إن كانوا مدركين مسؤوليتهم العظمى التي تقع على كاهلهم وتحملهم أمانة تاريخية سيسألهم عنها شعب البحرين ويسألهم عنها رب العالمين، ولكن عن نفسي وعن مجموعة من البشر في البحرين كمواطنة لي الحق وكل الحق أن أعرف تفاصيل الزيارة، وما سر نجاحها؟ وهل هناك أية التزامات قدمتها البحرين لهم؟ وما طبيعتها؟
نحن لا ندري إن كان النقاش دار حول مبدأ الحوار بعمومياته؟ أم دخل إلى التفاصيل؟ وما هذه التفاصيل؟ وهل من المفروض أن نناقش تفاصيل الحوار أي من يدخل ومن لا يدخل وماذا سينتهي إليه الحوار مع الأمريكان أو غيرهم؟
ورغم ثقتنا بسمو ولي العهد وبرجاحة عقله وبالأمانة التي يحملها على عاتقه، إلا أن البحرين تمر بمنعطف تاريخي والمنطقة كلها تمر بمنعطف تاريخي, وأي قرار سيتخذ يخل بميزان الحوار لن تقف تردداته عند طاولة الحوار، بل سيكون كارثة ولن يكون الحل، بل سيكون بداية لمشكلة أكبر، أحذر من هذه النتائج وأنا لا أملك أدنى فكرة عما انتهت إليه الزيارة.
إنما درجة الاحتقان الموجودة لا تسمح أن نسير في الظلام بهذا الشكل المعتم، خاصة والولايات المتحدة الأمريكية وصفت زيارات مسؤولين عراقيين سابقين لها قبل إقرار الدستور العراقي الجديد بـ«الناجحة جداً جداً»، وانتهت تلك الزيارات بفرض إصلاحات «حقيقية» في العراق من وجهة الأمريكان أوصلت العراق إلى ما هو عليه الآن.
لذا فإن وصف الزيارة بـ«الناجحة» مؤشر ليست بالضرورة بشارة خير، ويحق لنا أن نضع يدنا على قلوبنا ونتضرع إلى الله خشية على مصيرنا.