نقل عما يسمى أمين عام جمعية سياسية اشتهرت بالكذب والتلفيق والدجل والخيانة أنه قال ذات مرة لأحد المقربين منه على خلفية القبض على عناصر إرهابية: «أيعقل أن ربعنا أصبحوا عبده للدينار إلى هذه الدرجة، حتى أصبحوا يبلغون عن شركائهم وأصدقائهم؟».
وهذا يظهر المأزق الذي تعيشه هذه الجمعية وأتباعها ومن يقودون عمليات الإرهاب، بل إنهم أصبحوا يساورهم الشك في أقرب أقربائهم وحتى أهليهم.
على الجانب الآخر يقول شخص، أحسب أن لديه معلومات دقيقة، أن هناك عدداً لا يستهان به من الفتيات والنساء من داخل أماكن الإرهاب يقمن بالإبلاغ عما يحدث والأماكن التي يختبئ فيها الإرهابيون، وإن كل ذلك له ثمن. وهذا الأمر قصم ظهر الإرهابيين، فلا يستطيعون أن يعرفوا من الذي يبلغ عنهم لدرجة أن أجهزة الأمن في بعض الحالات تذهب مباشرة إلى المكان المطلوب دون بحث أو عناء كبير.
وإن كان جزءاً كبيراً مما سبق صحيح، فإن هذا أيضاً يعتبر مكسباً وقوة وذكاءً واختراقاً قوياً من قبل أجهزة الأمن التي تحصل على معلومات مهمة ودقيقة بأقل جهد، كل ذلك بسبب خيانات الداخل أو ما يسميه البعض (تعاون الداخل).
راج هذه الأيام كلام حول ما يسمى بالتغيير القادم، في الوقت الذي أخذ البعض -ممن يحلمون كثيراً- يتحدثون أن هناك (تغييراً ما)، غير أنهم حين يتم سؤالهم عن ماهية التغيير يقولون لا نعلم.. لكن هناك تغييراً قادماً.
جزء من هذا الكلام ربما لا يخرج عن أحلام وآمال وردية، أو أن ما سيحدث من تغيير (بحسب ما يروجون) سيكون في صالحهم، بينما يقول آخرون من ذات ما يسمى قوى الانقلاب أن ما سيحدث لا يعدو فتاتاً ولا يرتقي للمطالب.
من هنا يظهر أن هناك خلافات في التوجهات وفي القبول أو الرفض، كما يظهر أن هناك انقسامات داخل أيادي الانقلاب، وأن التشرذم أخذ ينال منهم في الداخل والخارج.
وحادثة لندن الأخيرة التي أخذ يتراشق فيها من ذهبوا من أجل مشروع واحد الشتائم والخيانة، تظهر الصورة لحالة الانقسام والاختلافات داخل هذه التيارات، حتى أن بعض من يراقب الجمعية الانقلابية من بعيد قال: إن هذه الجمعية انقسمت إلى ثلاثة أقسام ربما غير مرئية لدى البعض؛ هناك متشددون، وهناك وسط، وهناك من يريد الحل من بعد كل الخسارات منذ 2011.
تحدث أمس عبد النبي سلمان، وقال إن قوى إقليمية تقود تغييراً في المنطقة أو ما يحمل هذا المعنى، وأن التغيير قادم، غير أنه لم يعرف ولم يصرح عن التغيير المرتقب، وفي صالح من يصب، ومن يقود التغيير الذي يتحدث عنه، هل الأطراف الأخرى ستقبل به؟
على الجانب الآخر حاولت الحصول على بعض المعلومات حول ما يقصدون بالتغيير، فوجدت معلومة تقول إن أقصى ما سيحصل عليه البعض هو تعديل في الدوائر الانتخابية (ولا تعرف كيفية وماهية التعديل) فإن صحت هذه المعلومات، فإن تعديل الدوائر بالنسبة لمن قام بالانقلاب لا يمثل مكسباً، بل هو أدنى (الأدنى)، وإن كان هذا هو الذي يرمز إليه البعض بالتغييرات فإن قبوله من قبل جمعيات بعينها سيقلب عليها مريديها، وسيجعلهم يسخرون منها، فلسان حالهم يقول: «بعد كل الذي فعلناه، هذا فقط الذي سيحدث»؟
كل ذلك إنما هي تسريبات ومعلومات لا يمكن الجزم بها، فالصورة ضبابية تماماً، غير أن هناك مؤشرات تعتبر إيجابية لأهل البحرين من بعد زيارة سمو ولي العهد -حفظه الله- الأخيرة إلى أمريكا، وأن الموقف الأمريكي أعطى قوة ودفعاً للبحرين بكل قيادتها، كل ذلك إنما هي معلومات تتوارد إلينا، لا يمكن التسليم بها تماماً، إلا أنه أيضاً لا يمكن تجاهلها.
حالة جمعية الوفاق في هذه اللحظة تلخصها صور نشرتها صحيفة صفراء لتجمع أقيم أمام مقر الأمم المتحدة الأسبوع الماضي، صورة المقاعد الخالية، والحضور الضعيف والفشل في حشد المريدين يلخص لك حالة هذه الجمعية اليوم رغم التوجيه الديني للمناسبات والفعاليات.
ما يتم تناقله من لندن ومن موقف الساسة وأعضاء مجالس اللوردات والنواب من أن الموقف هناك تغير عطفا على ما تقوم به الجمعية الانقلابية من إرهاب ورعاية له وعدم إدانته، وهذا أيضاً يمثل ضربة قوية وموجعة لقوى الإرهاب.
إن أكبر خسارات للوفاق وأتباعها منذ 2011 كانت بانتهاج العنف والإرهاب والهجوم على مناطق الطائفة الأخرى، واستهداف المقيمين، والأجانب فيما يشبه الحالة الهستيرية التي أصابت هذه الجمعية ومن يتبعها أو تتبعه.
هذا الإرهاب والعنف هو الذي قصم ظهر أي دعم خارجي على المدى البعيد، لو أن التحرك كان سلمياً بمعنى الكلمة، لأحرجت الوفاق وأتباعها الدولة والمجتمع البحريني بشكل كبير، لكنهم وضعوا أصابعهم في عيونهم، وأدانوا أنفسهم بأياديهم حين أخذوا ينهجون نهج العنف والقنابل والأسلحة الرشاشة.
هذا هو الذي ضيعكم، إن كان لكم عقل، وإن كنتم تحسنون التدبر فإن هذا الكلام هو الكلام الواقعي والحقيقي، واليوم أنتم في منتصف الطريق، لا تستطيعون السير في طريق الإرهاب ولا تستطيعون أن تتراجعوا لتمثيل السلمية، وهذه أيضاً كارثة عليكم.
من ينظر إلى التغيير القادم (إذا كان هناك تغيير قادم) على أنه أكبر منجزاته عطفاً على أحداث 2011 وما بعدها، فإنه قد يفاجئ أن التغيير ليس على هواه، وقد يكون بمثابة (كسرة الخبز) التي تبقى من بعد الوليمة، أو أنه شيء سيقدم من أجل زيادة انقسام المنقسمين وضربهم ببعض..!
** رذاذ
ليس بعيداً عن حالة التدهور التي تصيب الوفاق وأتباعها؛ فمن يتابع وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات يقرأ أن هناك من عزفوا عن المشاركة في فعاليات لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي إنما إضاعة وقت وزيادة تعب.
بعضهم كتب في وسائل التواصل الاجتماعي هكذا: «أحنا منحرق قلبنا، وناس واجد قاعدة في المطاعم والمجمعات، أو في السواحل على البحر، أو مسافرة سياحة، والله حرقة قلب»..!
هذا جزء من الحالة التي أوصلت فيها الوفاق مريديها، فهي التي أوصلت الناس إلى هذا الإحجام عن المشاركة بسبب خطابها وما تقوم به من أعمال، كما أن البعض يقول إن الجمعية تعطي أناساً أموالاً ولا تعطي آخرين.
كلما ضعف الحضور لفعالياتها، استنجدت الوفاق بالتوجيه الديني حتى ينقذها، واتضح مؤخراً أيضاً أنه لا ينقذها.
حالة الانشقاق والتشققات والتضارب والأحلام وانقلاب الموقف في الخارج، هو باختصار حالة الجمعية الانقلابية اليوم.