السرعة مطلوبة في تنفيذ توصيات الجلسة التاريخية للمجلس الوطني، لأن الشعب قد وصل إلى ذروة نفاد الصبر وهذه حالة خطيرة جداً وعواقبها وخيمة، وترجمتها تعني أن ينزل الناس للشارع للدفاع عن أنفسهم بيدهم عن أمنهم وسلامتهم، بعد اليأس من قدرة مؤسسات الدولة الرسمية على ذلك إنفاذ القانون وتحقيق الأمن.
توصيات المجلس الوطني تنقسم إلى قسمين الأول إجراءات، ولابد أن تنفذ فوراً لأن نصوص القانون الموجودة تدعمها وتستند إليها في مشروعية الإجراء وليست بحاجة لانتظار تعديل على النص، والقسم الثاني عبارة عن تعديلات على قوانين، وأيضاً لابد أن تقدم كمراسيم بقوانين تسري في الحال وتنفذ فور إقرارها على من يخالفها بعد التعديل، وأضع نقطيتين على «بعد التعديل» حتى لا يقال لنا بأننا نخرق القانون أو نتجاوزه، ومن ثم تعرض المراسيم على المجلس في دور الانعقاد الرابع.
ما يهم الناس الآن هو أن تعطل ماكينة تفريخ الإرهاب، أهم ألف مرة من القبض على أدوات ووقود الإرهاب، وإلا فإن السجون ستمتلئ بشباب وأبناء الوطن ولن تنجو البحرين وستبقى ماكينة التفريخ بعيدة عن طائلة القانون تزج بمزيد من الأبناء يومياً في سجونها دون أن يرف لها جفن.
الإجراءات يجب أن تطال رؤوس الفتنة الذين روعوا البلاد ورعوا الإرهاب وحرضوه وقدموا له الدعم المحلي والدولي بما يتوفر لدينا من نصوص قانونية وبما يتوفر لدى الأجهزة الأمنية من إثباتات وأدلة، ويجب إنفاذ القانون عليهم.. وفروا دون تأخير.
وأن نعمل من الآن على المنظومة التشريعية الجديدة، بتقديم مقترحات بقانون تضم مجموعة من التعديلات الدستورية على عدة قوانين أهمها، قانون الجمعيات وقانون الإعلام وقانون كادر الأئمة والمؤذنين وقانون المؤسسات المدنية، لا لتقييدها أو قمعها كما ستشتغل ماكينة تفريخ الإرهاب، إنما للتمييز بين حق التعبير وبين جريمة التضليل وجريمة التزوير وجريمة إذكاء الفتن، التعديل القانوني لابد أن يصل إلى ضرورة تقديم بينة على أي معلومة تنشر، فإن نشرت معلومة دون دليل، لابد أن تغلظ العقوبة إذا كانت تلك المعلومة تثير الفتنة الطائفية والتحريض الطائفي، وألا يستثنى ولا يميز بين سني من شيعي في تطبيق القانون.
التعديلات يجب أن تطال تنظيم جمع المال حتى وإن كان مالاً دينياً وفرض الشفافية عليه والعلنية وترخيص من له حق جمع تلك الأموال ترخيصاً قانونياً ينظم العملية.
التعديلات يجب أن تطال المنابر الدينية وتطال تأسيس العمل الجماعي، فلا يغير من الأمر تسمية هذا العمل مجلساً أو جمعية، إذ لابد من التعريف السليم للعمل الجماعي الذي يضم مجموعة وله مقر وله تنظيم داخلي وله مجلس إدارة ويحق له إصدار البيانات والإعلانات ووو، ومن يخالف القانون توضع له عقوبات مغلظة ومشددة.
لابد من تعديل قانون كادر الأئمة و المؤذنين، فلا يصعد المنبر إلا من لديه اشتراطات أكاديمية تجيز له الخطابة، ولابد من منع الخطبة السياسية من على المنابر الدينية وإلزام الجميع بهذا القانون. وأي رجل دين لديه الرغبة في العمل السياسي فالديمقراطية المدنية تجيز له هذا من على المنابر السياسية في المقار السياسية.
هكذا نقضي على ماكينة تفريخ الإرهاب والفتنة ونفتح صفحة إصلاحية جديدة تعدل مسار المشروع الإصلاحي الذي انحرف به هؤلاء الذين خلطوا الفرث باللبن! فكفروا الناس بالديمقراطية وتبعاتها إن هي أفقدتهم أمنهم وسلامتهم كما فعل هؤلاء.
استغلوا ما أتاحه ووفره المشروع الإصلاحي من حريات ومن مساحة شاسعة للعمل السياسي وللحريات الدينية وللحريات التعبيرية على مدى عشر سنوات لجعل البحرين معسكرين، معسكراً يزيدي ومعسكراً حسيني، كما روجوا له.
واستغلوا ذات المساحة للتخابر مع الدولة الأجنبية وتشكيل شبكة إرهابية امتدت ليكون لها ذراع حقوقي وذراع سياسي وذراع ديني وذراع إعلامي، وعملوا على الصعود على ظهر الشعب البحريني عنوة وبالإرهاب وبدعم أجنبي كي يسقطوا ميثاقاً وطنياً صوتنا عليه بالإجماع ويعيدوا صياغة مشروعهم الخاص.
استغلوا الكرم الأخلاقي لجلالة الملك وعاثوا في الأرض فساداً على مدى عشر سنوات ضد القانون وخارج إطاره وقلبوا المجن على الديمقراطية وأصولها وتحمل الشعب البحريني أذاهم على مدى عشر سنوات وهو صابر وبالع لموس من أجل المصلحة الوطنية ومن أجل وأد الفتنة واحتراماً للقانون.
اليوم الإجماع قد قال كلمته من خلال المجلس الوطني.. والإجماع قال كلمته من خلال حراك شعبي عارم مؤيد لتلك الخطوات الإصلاحية، فلابد من اتخاذ الإجراءات القانونية لمواجهة رعاة الإرهاب وماكينة تفريخه، ثم البحث عن الثغرات القانونية التي سمحت لهؤلاء بانحراف الديمقراطية وإفساد المشروع الإصلاحي ومعالجتها فوراً كي تنتقل البحرين إلى دولة ديمقراطية مدنية قوانينها تسد الباب على كل جماعة دينية تريد أن تسيطر على الشعب عن طريق الإرهاب والتآمر الخارجي، والشعب كله من وراء تلك الإجراءات، فلا رجل ولا جماعة ولا خصوصية خارج الإطار القانوني.
وعلينا أن نتعلم من أخطائنا حين أخذنا على حين غرة.... الآن نحن بحاجة لحراك دولي نشط على المستوى الرسمي والشعبي لتنشط الدبلوماسية الرسمية والدبلوماسية الشعبية داخل وخارج البحرين لتوضيح الحقيقة قبل أن تزورها ماكينة التفريخ الإرهابي، علينا توظيف الصورة والمعلومة والرقم والإحصائية، فالإرهاب ظاهرة عالمية سيتفهمها المجتمع الدولي، والدولة المدنية مطلبنا في التعديلات القانونية التي نسعى لها.
أعضاء السلطة التشريعية عليهم التواصل مع البرلمانات الدولية واتحاداتها، والسفارات عليها التواصل في الخارج مع وزارات الخارجية، والجمعيات السياسية والمهنية عليها توضيح الحقيقة ونقل صورة واضحة عن دوافع تلك الجلسة وضرورة تلك الإجراءات والأهم التوافق الشعبي الذي حصلت عليه.
فبيان ماكينة التفريخ الإرهابية بدأ بعملية التزوير والتضليل والصحيفة لحقتهم فوراً، واجتمعوا مع السفراء طلباً للحماية وستنشط ماكينتهم الإعلامية في الخارج لتزوير الحقائق وتضليل الرأي العام فالخناق وصل لهم، وهم يستشعرون بالخطر، لذا فإن حراكنا يجب أن يكون سباقاً وبشكل منظم ومدروس... وكله بالقانون.