امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بدعوة ما صار يطلق عليه اسم «تمرد البحرين» إلى العصيان المدني اعتباراً من يوم 14 أغسطس، وذلك «ضمن برنامج تحفظت على الإفصاح عن تفاصيله»، حسب بعض «الوكالات العالمية»! لكنها «توعدت» النظام في البحرين بـ«تحطيم هيبته حتى انتزاع الحقوق كاملة وصولاً لتقرير المصير»! و«إمعاناً في تخويف النظام» دعا بيان التمرد إلى إغلاق المحلات التجارية، وعدم التبضع أو التردد على المجمعات التجارية، والتوقف عن التزود بالوقود، وعدم مراجعة الدوائر الرسمية، والتوقف عن إجراء المعاملات المالية ودفع الفواتير، وإطفاء الأنوار بعد غروب الشمس من يوم التمرد، والتكبير من أسطح المنازل يوم 13 أغسطس في الساعة 10 مساء.
ما الجديد في هذا؟ هذه السلوكيات وغيرها تم تنفيذها في مناسبات سابقة ولم تجدِ نفعاً لأنها لا قيمة لها من الأساس، كما إنه لا التجار سيغلقون متاجرهم «إلا إن كانوا أغبياء» ولا المجمعات التجارية ستخلو من روادها والمتبضعين، ولن يتغير أي مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية في البلاد. هذه السلوكيات هي حيلة العاجز وتعبير عن قلة معرفة بأحوال المجتمع ومصالح الناس. والأكيد أنه لا توجد في جعبة «قادة التمرد» أفكار أخرى سوى تلك الأفكار المتمثلة في قطع الشوارع وإشعال النيران في إطارات السيارات وتعطيل حياة الناس والتسبب في أذاهم ومهاجمة رجال الأمن بزجاجات المولوتوف. لا شيء غير ذلك، وكل هذا وذاك لم يعد مجدياً ولا قيمة له، والأكيد أنه لن تنجح الدعوة إلى العصيان المدني، فالوضع هذه المرة مختلف عن المرات السابقة.. بل مختلف جداً.
في هذا الخصوص نقل عن رئيس الأمن العام طارق الحسن أن «يوم 14 أغسطس سيمر كغيره من الأيام العادية في باقي السنة ولن يحدث شيء»، بينما أكد وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة أن وزارة الداخلية والأجهزة المعنية ستتخذ الإجراءات اللازمة من أجل حفظ الأمن.
قلة حيلة «تمرد البحرين» بدليل كثرة تهديداتهم، وتصريحات المسؤولين بوزارة الداخلية عن استعداد الأجهزة المعنية لحفظ الأمن، خصوصاً بعد تفويض المجلس الوطني للقضاء على الإرهاب، هذا وذاك يعينان على استنتاج أمر مفاده أن يوم 14 أغسطس سيمر بشكل عادي، وقد يكون بداية النهاية للمراهقة الفكرية التي كادت تودي بالبحرين وبمستقبلها.
بين أمثالنا الشعبية مثل يقول «الثوب اللي أطول منك.. ايتعك»؛ أي يسقطك لأنه ليس بمقاسك، فقد تدوس عليه وأنت تمشي من دون أن تنتبه فتقع على الأرض، وقد تقع بطريقة تؤذيك فتتأسف على أنك لبست ثوباً أطول منك.
ما يفعله ذلك البعض الذي سارع إلى تقليد المصريين دون أن ينتبه إلى الفروقات بينه وبينهم، وهو أنه ارتدى ثوباً أطول منه والنتيجة المنطقية لتصرفه هو أن الثوب سـ«يتعه» وقد يقع على «بوزه» فيسيل الدم منه.. غزيراً!
لا يمكن لفئة كهذه أن تتحدى الدولة، ولا يمكن لهذه الفئة أو لغيرها أن تنتصر على الدولة وتسقط النظام، فمثل هذه الأمور ممكنة في الأحلام فقط لكن الواقع أمره مختلف. الواقع الذي لا تدركه هذه الفئة هو أن النظام قوي وأن الشعب ليس هو هذه الفئة فقط، فهذه الفئة مجرد فئة من الشعب وليست كل الشعب، وأن أغلبية الشعب ملت من أفعال المراهقة وليس بينها من يقبل أن يغامر بمستقبله لإرضاء تلك الفئة أو مجاملتها.
إصرار هذه الفئة قليلة العدد والحيلة، على إزعاج يوم الأربعاء 14 أغسطس نكتة بايخة لكنها تثير الضحك، فهناك من النكت البايخة ما يدفع إلى الضحك رغم بياختها.
اضحك لا!