مســــاء الأربعـــاء الماضـي؛ شهدت منطقـــة السهلة، وتحديداً عند مسجد الشيخ عزيز حادثين؛ الأول حجز الشارع وإشعال النيران في إطارات السيارات عند الإشارة الضوئية الواقعة بجانب المسجد والتسبب في إحداث ربكة في الشارع وتعطيل مستخدميه وتعريض حياتهم للخطر، والثاني تعرض شاب من المشاركين في تلك العملية للدهس بإحدى السيارات المارة.
المعلومات المؤكدة هي أن مجموعة من الملثمين احتجزوا الشارع عنوة ومنعوا السيارات في اتجاه مدينة عيسى من التحرك بوضع إطارات السيارات أمامهم وإشعال النار فيها ومن ثم الهروب، وترك «ساحة الوغى» للأبرياء الذين عانوا من الدخان المنبعث من الإطارات ومن دخان مسيلات الدموع التي أطلقها رجال الأمن على أولئك المستهترين بهدف السيطرة على الموقف.
المعلومة الأخرى التي تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي؛ أن سيارة صدمت أحد أولئك الملثمين وتم نقله في حالة صعبة إلى المستشفى الدولي أولاً ثم إلى السلمانية.
مواقع التواصل الاجتماعي تناقلت أخباراً ملخصها أن مرتكب الحادث تعمد الاصطدام بالشاب وفر من المكان، واتهموا على الفور وزارة الداخلية بالقول إنه أحد عناصرها. الداخلية أعلنت عن الحادثة لكنها لم تأت بتفاصيل حتى ساعة كتابة هذا المقال، ويبدو أنه لم تتوفر لديها معلومات دقيقة كي تعلنها.
احتمـالات الدهـــس غيـــر المتعمـــد واردة، واحتمالات الدهس المتعمد واردة أيضاً، الاحتمالان واردان، ففي مشهد كالذي تسبب فيه أولئك الملثمون ورسموه تظل كل الاحتمالات واردة، احتمال عدم تمكن السائق من الوقوف لسبب أو لآخر وارد، ووارد أيضاً احتمال أنه قرر في لحظة أن يصدم الشاب لسبب أو لآخر. هذه المعلومة يوفرها مرتكب الحادث نفسه، والأمر في كل الأحوال بينه وبين ضميره وربه.
لكن سواء كان الحادث متعمداً أو غير متعمد؛ هل كان يمكن أن يقع لو أن أولئك الملثمين -والضحية واحد منهم - لم يحتجزوا الشارع العام المزدحم بالسيارات وتسببوا في إرباكه وإرباك مستخدميه؟ منطقياً لم يكن للحادث أن يقع بالشكل الذي تم الحديث عنه لو أن الحياة في الشارع كانت طبيعية وكان إيقاعه عادياً.
المسألة الأخرى والتي ينبغي عدم الهروب منها هي أن الشاب المتضرر نفسه كان وزملاؤه يقومون بعمل يمكن أن يتسببوا به في قتل الآخرين، ذلك أن تصرف السائقين والمتواجدين في المكان يختلف من واحد لآخر، كما إن ما قد ينتج عنه المشهد من تطورات قد يؤدي إلى أن يفقد بعض الذين قادهم حظهم العاثر للتواجد حياته بسبب حماقة.
من الأمور التي قد تحدث في اللحظة اقتراب ألسنة اللهب من بعض السيارات التي تم إرغامها على التوقف واحتراقها بمن فيها أو تضرر من فيها من الدخان المتصاعد من الإطارات وكله سموم. أيضاً فإن راكبي تلك السيارات ليسوا كلهم من الرجال وليسوا كلهم من ذوي القلوب والأعصاب القوية، ففي تلك السيارات فتيات ونساء وفيها كبار سن وأطفال وقد يكون فيها مرضى لعل أحدهم كان ينقل في تلك اللحظة إلى الطوارئ، وغير هذه من أمور وسيناريوهات.
زبدة الكلام أن هذا الشاب الذي تعرض لحادث دهس وصار مجنياً عليه كان يمكن أن يصير هو الجاني لو حدث ما قد تم شرح بعضه، بل هو في كل الأحوال يعتبر جانياً ومعتدياً على الناس والدولة والحياة لأنه باختصار مارس سلوكاً خاطئاً لا وصف له سوى الإرهاب. ترى ما ذنب السائقين الأبرياء ليجدوا أنفسهم في لحظة مرشحين ليكونوا ضحايا تفكير قاصر وممارسة خاطئة؟
ليس هذا دفاعاً عن المتورط في الحادث ولكنه تنبيه إلى أولئك المستهترين بحياة المواطنين والمقيمين بأن الخطر يشملهم أيضاً، وأنهم قد يتحولون في لحظة إلى ضحايا.