لم يكد أوباما ينتهي من خطابه عن البحرين حتى خرج خامنئي بخطاب يفضح فيه أوباما وما جاء في خطابه عن البحرين، وذلك حين شهد بنفسه على كذب الادعاءات الأمريكية عن وضع البحرين، فقال فيه «إن ما يحصل في فلسطين وسوريا والبحرين وأفغانستان وباكستان والعراق وميانمار وغيرها من الدول التي يتم تهديدها عسكريا باستمرار من قبل أمريكا أو حلفائها أو تحاصر اقتصاديا أو تهدد أمنيا»، إن خطاب خامنئي وبالطبع من دون أن يقصد يلغي ما جاء في خطاب شريكه أوباما، إلا أن كاتب خطابه يبدو أنه قد أعمى الله بصيرته، وذلك عندما أقر وأعلن على لسان خامنئي في هذا الخطاب أن أمريكا هي دولة ظالمة مستكبرة، فقال «إن الدول المستكبرة وفي مقدمتها أمريكا وبمساعدة وسائلها الإعلامية الواسعة والمتطورة تقوم بإخفاء وجهها الحقيقي كما تقوم بخداع الرأي العام للأمم والشعوب من خلال التظاهر بحماية حقوق الإنسان والديمقراطية، وإن هؤلاء يتظاهرون بالدفاع عن حقوق الشعوب في الوقت الذي تكتوي فيه الشعوب الإسلامية بكل كيانها بنار فتنتهم»، إذا أوباما ليس لديه اليوم حيلة للدفاع عما جاء في خطابه عندما شهد عليه خامنئي بأن تظاهره بالدفاع عن الإرهابيين في البحرين هو خدعة من خداع دولته المستكبرة.
طبعا الاثنان منهما يخادعان بل مخادعين، وإن اختلف خطابهما، فخامنئي كثيرا ما يردد في خطاباته دفاعه عن الدول الإسلامية من أجل أن يخدع شعوبها ويبرر جرائم إيران في العراق وسوريا وأفغانستان والبحرين، أي أن كليهما مخادعان؛ فواحد يتظاهر بالدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والآخر يتظاهر بالدفاع عن الدول الإسلامية، ولابد إذا أن نذكر هنا بعضا من مواقف خامنئي المعادية للبحرين ومنها قوله: «إن قضية البحرين لا تختلف إطلاقا عن قضية مصر وتونس وليبيا، إنه شعب تحكمه حكومة تتجاهل حقوقه»، كما اعترف أيضا في خطاب آخر أن ما يحدث في البحرين هو امتداد لثورة إيران: «إن ما يحدث في المنطقة حاليا أحداث معينة ببركة الإسلام وببركة الثورة الإسلامية وبفضل الصحوة الإسلامية العامة»، وهذا اعتراف آخر لدعمه للميلشيات الإرهابية في البحرين: «تدعم إيران الشعب البحريني، نحن دعمنا الجميع، إننا ندعم الشعب الفلسطيني منذ 32 سنة، وإن الشعب البحريني شيعي وقد كان شيعيا على امتداد التاريخ، وإن هذا الشعب مظلوم ومحروم من أبسط حقوق المواطنة، وإنه شعب يطالب بحقه».
لكن سنة الله سبحانه وتعالى شاءت أن يفضح المنافقون بعضهم بعضا وبفلتات لسانهم، فخطاب خامنئي الأخير عن البحرين فضح فيه الموقف الأمريكي الأخير ضد البحرين، ولم يفضح أمريكا فقط بل فضح خادم خامنئي علي سلمان الذي استأنس بخطاب أوباما فقال: «هذا الذي جعل العالم يقف على حجم هذه السياسة الممنهجة والتمييزية في البحرين، مما دعا رئيس أكبر دولة في أهم خطاب أن يتحدث عن هذه المشكلة ويشير لهذا الواقع في البحرين»، ولكن في هذا الظرف سنعتمد ما جاء في خطاب خامنئي «إن أمريكا وحلفاءها تهدد البحرين وتحاصرها اقتصاديا وتهددها أمنيا، كما بخداعها للرأي العام للأمة والشعوب من خلال التظاهر بحماية حقوق الإنسان والديمقراطية»، فهو خطاب المرشد الديني والقائد الأعلى، ولا يمكننا أن نقدم خطاب أوباما عليه، لأن خطاب خامنئي أعقب خطاب أوباما، كما إن خامنئي هو المرجع الديني للمليشيات الإرهابية في البحرين، كما هو الأقرب لأمريكا فهما شريكان وحليفان وصديقان، ولكن الله يطمس على قلوب المخادعين ويفضحهم بفلتات لسانهم ويكشف خداعهم، ولكن في الأخير يرد الله خداعهم على أنفسهم كما جاء في قوله سبحانه وتعالى (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون).
خامنئي لم يكتف بكشف الخداع الأمريكي في خطابه، بل جاء بكيفية مواجهة أمريكا وحلفائها فقال «إن العلاج البنيوي والأساسي يمكن تلخيصه: باتحاد وتآخي المسلمين تحت لواء التوحيد ومعرفة العدو ومواجهة مخططاته وأساليبه»، إذا هي إشارة ونصيحة إلى أن تسارع دول الخليج في اتحادها تحت لواء التوحيد، وأن لواء التوحيد هي أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، إذا فلتسارع هذه الدول إلى الاتحاد.
ولابد أن نستشهد أن من مخادعي الأمة ومن أعداء الأمة من ينطق أحيانا بالصدق ليحقق مآربه، أو لينجو بنفسه، فعن أبي هريرة قال: «وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة، قال: فخليت عنه، فأصبحت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة؟ قال: قلت: يا رسول الله! شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله، قال: أما إنه قد كذبك وسيعود، فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: دعني فإني محتاج وعلي عيال ولن أعود، فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة ما فعل أسيرك؟ قلت: يا رسول الله! شكا حاجة شديدة وعيالا فرحمته فخليت سبيله، قال وأما أنه قد كذبك سيعود، فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام، فأخذته فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه ثلاث مرات تزعم أنك لا تعود ثم تعود، قال: دعني وسوف أعلمك كلمات ينفعك الله بها، قلت: ما هي؟ قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي -»الله لا إله إلا هو الحي القيوم» البقرة: 255- حتى تختم الآية، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربنك شيطان حتى تصبح؛ فخليت سبيله. فأصبحت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت: يا رسول الله! زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، فخليت سبيله، قال: وما هي؟ قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح -وكانوا أحرص شيء على الخير- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب، أتعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ قال: لا، قال: ذلك الشيطان».