في الوقت الذي تواجه الدولة فيه شح الأراضي لإقامة المشاريع الإسكانية، هناك من ينهب الأراضي باسم التمييز والتضييق الديني حتى تنهب أرض البحرين شبراً شبراً، ولا يبقى فيها غير الشوارع والدوارات، وسوف يأتي بعدها على الدوارات وثم الشوارع، وذلك مثل ما حدث بعد تقرير بسيوني؛ حين حولت توصياته كبينات و»جبرات» و»عرشان» و»ليحان» إلى مساجد تشيد على نفقة الدولة وعلى أرض ليست صغيرة، بل على مساحة قدرها «13082» متراً مربعاً، وها هي وزارة العدل ترسي مناقصة لإعادة بناء ما يسمى مسجد الهادي في مدينة حمد في دوار 22، والذي زعم أنه مسجد تعرض للهدم خلال فترة السلامة الوطنية، وهو في الأصل لا يخرج عن كابينة من «الليحان»، حيث ذكر التقرير بأن المسجد سيشيد على مساحة 400 متر مربع والمساحة المتبقية «12682 متراً مربعاً لمأتم ومواقف للسيارات بجميع المرافق العامة والخدمات.
إن نهب الأراضي لإقامة المآتم والمساجد باسم الدين وحرية التعبد قضية تتكرر في كل منطقة إسكانية جديدة، كما حصل في منطقة هورة سند عندما تم الاستيلاء على أرض حكومية مخصصة لحديقة وسط مشروع إسكاني جديد، وتم تشييد كابينة عليه بزعم أنه مسجد أطلق عليه مسجد أبي ذر، ودليلهم شهادة المسح الصادرة من وزارة الإسكان، وأن الاستيلاء على الأراضي الحكومية هو خطة صفوية مدروسة ومنسقة بين موظفي الوزارات الخدمية، بما فيها هيئة الكهرباء والماء وبين الوفاق وبين الأوقاف الجعفرية، وبقيادة الحملة الإعلامية الصفوية الداخلية والخارجية، مما دفع بالدولة إلى تحويل الكبائن المهدومة من الصفيح والجبس إلى مساجد تدفع تكاليف بنائها.
إن السعي للاستيلاء على الأراضي في المناطق الإسكانية الجديدة والقديمة وعلى الأراضي المطلة على الشوارع الرئيسة، لن يتوقف، بل هو برنامج سيستمر تنفيذه على فترات وخطوات، وسنذكركم في السنوات القادمة إذا ما تم تخصيص أراضٍ لمساجد ومآتم في المشاريع الإسكانية وغير الإسكانية في المناطق السنية الخالصة مثل البسيتين والحد، التي تم اختراقها وبشدة، وها نحن نشهد من وقت لآخر كبداية تخصيص وحدات إسكانية في البسيتين كمآتم، وهي خطوة أولية وبعدها مع الأيام سترون بأعينكم المطالبة بتخصيص أراضٍ لبناء مساجد ومآتم على مساحات شاسعة.
لقد حاولت الوفاق بناء الكثير من المساجد بدعوى أنها مساجد تؤول ملكيتها للشيعة، اعتماداً على ما يسمونه بالسجل الدفتري «سجل السيد عدنان»، حيث يدعون أنه يحتوي على توثيق لأكثر من 1000 قطعة أرض، يقولون إنها أراضٍ موقوفة للمساجد، ومنها يدعون بأنه أصبح لدى المواطنين في وقف هذه الأراضي سبق تسجيلها في الجهات الرسمية، أي أن سيد عدنان هو جهاز التسجيل العقاري قبل قيام الدولة الخليفية، ومن هذا الادعاء تقوم وزارة الإسكان في السابق بإصدار شهادة مسح، كما تقوم وزارة الكهرباء سابقاً على توصيل الكهرباء، كما تسكت وزارة البلديات عن هذه المخالفة الخطيرة التي تستهدف محو هوية الدولة واستبدالها بهوية تحمل وثائق ومباني ومساجد ومآتم وأضرحة.
لكن الأمر المؤسف أنه ليس هناك من يظهر حقيقة نهب هذه الأراضي لا من جهاز رسمي ولا من الجهات الشعبية، في الوقت الذي تقود فيه الوفاق حملات وجهداً جباراً وإن كان على باطل، وذلك في النهب والاستيلاء على أراضٍ ليس فيها وثيقة ملكية، إنما هو ما يسمى «وضع اليد» والذي لايزال مستمراً، وكأن البحرين لاتزال في زمن السيف والعرشان، وقد تكلل هذا الجهد بنجاح الوفاق في نهب أراضٍ أصبحت اليوم مملوكة لها بوثائق رسمية، أراضٍ بنت عليها مشاريع إسكانية ومساجد ومآتم ونوادي وملاعب وجمعيات خيرية، كما استطاعت أن تفوز ببناء 35 مسجداً ضمن توصيات بسيوني على نفقة الدولة، أرض شاسعة وبناء وتأثيث، حيث لا ندري على ماذا استندت هذه التوصيات؛ هل على دفتر «السيد عدنان» أم على آثار «الليحان والعيدان»، وها هو وكيل الشؤون الإسلامية بوزارة العدل يتابع سير العمل ويطالب بسرعة التنفيذ، ومراعاة تطبيق أخذ المستجدات في مجال المعايير والمقاييس العالمية لاستبدال الصفيح والجريد ببناء معماري تدفع الدولة تكاليفه بملايين الدنانير، ومئات الآلاف المربعة من الأراضي لإعادة البحرين إلى حقبة ما قبل الدولة الخليفية، حقبة دفتر «السيد عدنان»، وبإشراف وموافقة ومباركة الجهات الرسمية في الدولة.
إن صمت الجهات الرسمية عن إظهار الملكية الأصلية لهذه الأرض وغيرها من الأراضي التي سيبنى عليها 35 مسجداً، سيؤدي إلى المطالبة، إن ليس عاجلاً سيكون آجلاً، ببناء آلاف الأرضي التي ذكرها ما يسمى دفتر «السيد عدنان»، وليس ببعيد أن تكون جزيرة الساية بالبسيتين هي واحدة من آلاف الأراضي، فلا شيء مستحيلاً عندما يتحول الصفيح والجريد إلى مبنى على أحدث طراز وأجود أنواع التكييف.
كلمة لأهالي مدينة حمد..
يا أهالي مدينة حمد كان الله بعونكم، فقد عشتم مأساة المؤامرة الانقلابية وفقدتم أبناءكم، وعشتم ليالي وأياماً لا يعلم آلامها وأحزانها إلا الله، وها هي مدينة نجفية تبنى وسط بيوتكم، لكن نسألكم الثبات والرباط، فصبركم نصرة لدينكم ولوطنكم، وتأكدوا أنه مهما كثرت منابر الباطل فهي لا تساوي شيئاً عند الله عندما يرفع صوت الحق من منابر أهل الحق الذين عمروا بيوت الله بالتراويح والقيام.