يوم الجمعة الماضي تكلم أحد أعضاء المجلس العلمائي وهو عبدالله الغريفي من على منبر ديني وطرح أمر الدعوى المرفوعة من وزير العدل ضد المجلس بخطاب نموذجي نستطيع أن نعرف كيفية قيادة الجماهير والتأثير عليها وقيادتها قسراً إلى ما يود الخطيب أن تتجه له العقول.
فالغريفي في هذا الخطاب عرض قصة الدعوى على شكل سين وجيم وهو ما لم يحدث، حتى ظن المتلقي بأن ما يسمعه هو قراءة لمحضر استجواب مع أن أحداً لم يحقق أو يستجوب أي عضو من المجلس إلى الآن!! لكن استخدام الأدوات التصويرية أوحت بهذا السيناريو الاستفزازي.
فالغريفي بدأ حديثه بطرح سؤال افتراضي قائلاً «لماذا استهداف المجلس العلمائي؟ وسأقف هنا عند استخدامه لمصطلح «استهداف» قبل استعراض بقية الخطاب بأسئلته الافتراضية وبإجابته الافتراضية لتفكيك أول مصطلح تم استخدامه لتوصيف إجراء قانوني طبيعي تمثل في رفع دعوى قضائية كاختصاص منح لوزير العدل «بالاستهداف»، إذ إن السؤال الصحيح المتجرد من التوجيه كان يجب أن يكون «لماذا رفعت دعوى على المجلس العلمائي في القضاء؟» خاصة وأن الإجراء كان طريقه حضارياً مدنياً صحيحاً لمواجهة مخالفات قانونية، لكن الخطاب استخدم متعمداً مصطلحاً آخر يقود إلى وضعية «المظلومية» أحد الأطراف المتخاصمة في الدعوى باستخلاص نتيجة أنه مستهدف وطرف ظالم لأنه يستهدف، فلا يستهدف إلا مظلوم مضطهد وهنا قد حدد الخطاب أن المجلس العلمائي جهة مظلومة تم استهدافها وقطع الخطاب بهذا المصطلح نصف الطريق إلى توجيه المتلقي إلى حيث يريد!!
ثم يسأل الغريفي السؤال الثاني ويجيب عليه افتراضياً، «ماذا تهدف السلطة من هذه العملية؟» ولا ينتظر الجواب لجلسات التحقيق أو جلسة المحكمة إنما يرد بنفسه فيقول «إن الهدف الأول: هو استهداف للوظيفة الشرعية».. تم هنا تحويل قضية مدنية مقامة بسبب مخالفة مدنية إلى استهداف للشرع برمته إلى الدين إلى المذهب استهداف من ظالم لمظلوم، ويكمل التساؤلات والإجابة كذلك «عملنا في المجلس العلمائي هو الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى» «قالوا ولكنكم لا تملكون شرعية قانونية للدعوة؟» النص.
حقيقة لا أعلم إن كان هناك فضول عند أي من الحضور لطرح سؤال بديهي أين بالضبط يا سماحة الشيخ تم استهداف الشرع في هذه الدعوى؟ فهل في نص الدعوى مثلاً منع أو رفض أو حجب لممارسة أصول وأساسيات أو عقائد المذهب الاثني عشري مثلاً؟ هل تم منع أو حجر ممارسة طقس ديني خاص بالشرع وفقاً للفقه الجعفري مثلاً؟!! سيناريو افتراضي أيضاً أتخيل فيه أن أحداً من الحضور عنده فضول طبيعي!
ثم يستكمل الخطاب «فقلنا إننا نملك الشرعية من كتاب الله ومن رسول الله صلى الله عليه وآله»، «من لديه هذه الشرعية هل ينتظر شرعية من غيره؟ فهل أنتظر إذناً من غيره؟ وظيفتنا الشرعية الدينية لا تنتظر مراسيم ولا قرارات من المؤسسات الرسمية» النص.
إذاً الخطاب يقول إن المجلس العلمائي عنده تفويض من الله عز وجل، وأنه لا يحتاج إلى أن يلتزم بما يلتزم به أي مواطن بحريني ينوي أن يؤسس مؤسسة أو جمعية سياسية كشرط الحصول على ترخيص من الجهة المعنية بالنشاط المزمع إقامته في هذه المؤسسة.
وبعد أن أكد أنه يمثل الشرع وأن الشرع مستهدف ألقى بما يريد أن يوصله كقاعدة ومسلمة وهي أن القانون المؤسسي المدني خطر على الشرع، فيقول «الخطر كل الخطر على الدين حيثما تفرض المؤسسة الرسمية هيمنتها على الدعوة إلى الله» وبهذا الخطاب أعلن الغريفي أن المجلس العلمائي مفوض من الله وأن مساءلته قانونياً وخضوعه لقانون مملكة البحرين فيه خطر على الدين ولهذا يمنع منعاً باتاً الخضوع لقوانين المملكة ويقر بأنه اتخذ موقفاً متشدداً تجاه القانون البحريني الذي ينظم عمل الدعاة والأئمة (موقع الوفاق على تويتر).
ثم يكمل «قالوا إنكم تمارسون نشاطاً سياسياً بغطاء ديني! فقلنا إن عملنا ديني بحت وإذا كان لنا كلمة في الشأن السياسي فهو جزء من وظيفتنا الدينية»، ثم يكمل الغريفي أن رأينا في الشأن السياسي حق يكفله القانون لكل مواطن فكل فرد في المجتمع له الحق فهل يستثنى العلماء من حقهم؟».
غريب الخطاب هنا يقف ويستشهد بنص قانون مدني ويستند إليه وينتقي منه ما يريد لكنه في موقع آخر يرى أن الالتزام بذات القانون الذي أعطى هذا الحق يراه خطراً على الدين!!
فحين ينص القانون على إعطاء حق لا يكون القانون خطراً لكن حين ينص القانون على الالتزام بضوابط فإن ذات القانون يعتبر خطراً على الدين.
ثم يأتي الخطاب باستنتاج غريب فيقول إن استهداف المجلس هو استهداف الطائفة، فقال إن «الهدف الثاني هو استهداف الطائفة العالم كله يؤكد بأن النظام يمارس الطائفية في البحرين.. وقالوا بأنه ليس في سياستهم استهداف طائفي!» انتهى الاقتباس من خطاب الغريفي.
إذاً بعد أن اختزل الخطاب الدين والدعوة في المجلس العلمائي وخلص إلى أن الدعوة القضائية المرفوعة هي استهداف للدين والشرع فمن الطبيعي أن يختزل الطائفة بأكملها في مجلسه ويعتبر الدعوى استهدافاً للطائفة بأكملها وكأن الدين والشرع والطائفة كلها تابعة لهذا المجلس..
وهكذا حول خطاب من على منبر ديني لا يتمكن فيه المتلقي من التحاور مع الخطيب وسؤاله، تحولت دعوى مدنية عادية تلزم من يريد أن يتمتع بحقه كمواطن بتأسيس مؤسسة لأغراض اجتماعية أو تجارية أو سياسية ببعض الضوابط إلى خطر على الدين واستهداف للشرع والطائفة!!
وكل تفكيك وأنتم بخير..
فالغريفي في هذا الخطاب عرض قصة الدعوى على شكل سين وجيم وهو ما لم يحدث، حتى ظن المتلقي بأن ما يسمعه هو قراءة لمحضر استجواب مع أن أحداً لم يحقق أو يستجوب أي عضو من المجلس إلى الآن!! لكن استخدام الأدوات التصويرية أوحت بهذا السيناريو الاستفزازي.
فالغريفي بدأ حديثه بطرح سؤال افتراضي قائلاً «لماذا استهداف المجلس العلمائي؟ وسأقف هنا عند استخدامه لمصطلح «استهداف» قبل استعراض بقية الخطاب بأسئلته الافتراضية وبإجابته الافتراضية لتفكيك أول مصطلح تم استخدامه لتوصيف إجراء قانوني طبيعي تمثل في رفع دعوى قضائية كاختصاص منح لوزير العدل «بالاستهداف»، إذ إن السؤال الصحيح المتجرد من التوجيه كان يجب أن يكون «لماذا رفعت دعوى على المجلس العلمائي في القضاء؟» خاصة وأن الإجراء كان طريقه حضارياً مدنياً صحيحاً لمواجهة مخالفات قانونية، لكن الخطاب استخدم متعمداً مصطلحاً آخر يقود إلى وضعية «المظلومية» أحد الأطراف المتخاصمة في الدعوى باستخلاص نتيجة أنه مستهدف وطرف ظالم لأنه يستهدف، فلا يستهدف إلا مظلوم مضطهد وهنا قد حدد الخطاب أن المجلس العلمائي جهة مظلومة تم استهدافها وقطع الخطاب بهذا المصطلح نصف الطريق إلى توجيه المتلقي إلى حيث يريد!!
ثم يسأل الغريفي السؤال الثاني ويجيب عليه افتراضياً، «ماذا تهدف السلطة من هذه العملية؟» ولا ينتظر الجواب لجلسات التحقيق أو جلسة المحكمة إنما يرد بنفسه فيقول «إن الهدف الأول: هو استهداف للوظيفة الشرعية».. تم هنا تحويل قضية مدنية مقامة بسبب مخالفة مدنية إلى استهداف للشرع برمته إلى الدين إلى المذهب استهداف من ظالم لمظلوم، ويكمل التساؤلات والإجابة كذلك «عملنا في المجلس العلمائي هو الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى» «قالوا ولكنكم لا تملكون شرعية قانونية للدعوة؟» النص.
حقيقة لا أعلم إن كان هناك فضول عند أي من الحضور لطرح سؤال بديهي أين بالضبط يا سماحة الشيخ تم استهداف الشرع في هذه الدعوى؟ فهل في نص الدعوى مثلاً منع أو رفض أو حجب لممارسة أصول وأساسيات أو عقائد المذهب الاثني عشري مثلاً؟ هل تم منع أو حجر ممارسة طقس ديني خاص بالشرع وفقاً للفقه الجعفري مثلاً؟!! سيناريو افتراضي أيضاً أتخيل فيه أن أحداً من الحضور عنده فضول طبيعي!
ثم يستكمل الخطاب «فقلنا إننا نملك الشرعية من كتاب الله ومن رسول الله صلى الله عليه وآله»، «من لديه هذه الشرعية هل ينتظر شرعية من غيره؟ فهل أنتظر إذناً من غيره؟ وظيفتنا الشرعية الدينية لا تنتظر مراسيم ولا قرارات من المؤسسات الرسمية» النص.
إذاً الخطاب يقول إن المجلس العلمائي عنده تفويض من الله عز وجل، وأنه لا يحتاج إلى أن يلتزم بما يلتزم به أي مواطن بحريني ينوي أن يؤسس مؤسسة أو جمعية سياسية كشرط الحصول على ترخيص من الجهة المعنية بالنشاط المزمع إقامته في هذه المؤسسة.
وبعد أن أكد أنه يمثل الشرع وأن الشرع مستهدف ألقى بما يريد أن يوصله كقاعدة ومسلمة وهي أن القانون المؤسسي المدني خطر على الشرع، فيقول «الخطر كل الخطر على الدين حيثما تفرض المؤسسة الرسمية هيمنتها على الدعوة إلى الله» وبهذا الخطاب أعلن الغريفي أن المجلس العلمائي مفوض من الله وأن مساءلته قانونياً وخضوعه لقانون مملكة البحرين فيه خطر على الدين ولهذا يمنع منعاً باتاً الخضوع لقوانين المملكة ويقر بأنه اتخذ موقفاً متشدداً تجاه القانون البحريني الذي ينظم عمل الدعاة والأئمة (موقع الوفاق على تويتر).
ثم يكمل «قالوا إنكم تمارسون نشاطاً سياسياً بغطاء ديني! فقلنا إن عملنا ديني بحت وإذا كان لنا كلمة في الشأن السياسي فهو جزء من وظيفتنا الدينية»، ثم يكمل الغريفي أن رأينا في الشأن السياسي حق يكفله القانون لكل مواطن فكل فرد في المجتمع له الحق فهل يستثنى العلماء من حقهم؟».
غريب الخطاب هنا يقف ويستشهد بنص قانون مدني ويستند إليه وينتقي منه ما يريد لكنه في موقع آخر يرى أن الالتزام بذات القانون الذي أعطى هذا الحق يراه خطراً على الدين!!
فحين ينص القانون على إعطاء حق لا يكون القانون خطراً لكن حين ينص القانون على الالتزام بضوابط فإن ذات القانون يعتبر خطراً على الدين.
ثم يأتي الخطاب باستنتاج غريب فيقول إن استهداف المجلس هو استهداف الطائفة، فقال إن «الهدف الثاني هو استهداف الطائفة العالم كله يؤكد بأن النظام يمارس الطائفية في البحرين.. وقالوا بأنه ليس في سياستهم استهداف طائفي!» انتهى الاقتباس من خطاب الغريفي.
إذاً بعد أن اختزل الخطاب الدين والدعوة في المجلس العلمائي وخلص إلى أن الدعوة القضائية المرفوعة هي استهداف للدين والشرع فمن الطبيعي أن يختزل الطائفة بأكملها في مجلسه ويعتبر الدعوى استهدافاً للطائفة بأكملها وكأن الدين والشرع والطائفة كلها تابعة لهذا المجلس..
وهكذا حول خطاب من على منبر ديني لا يتمكن فيه المتلقي من التحاور مع الخطيب وسؤاله، تحولت دعوى مدنية عادية تلزم من يريد أن يتمتع بحقه كمواطن بتأسيس مؤسسة لأغراض اجتماعية أو تجارية أو سياسية ببعض الضوابط إلى خطر على الدين واستهداف للشرع والطائفة!!
وكل تفكيك وأنتم بخير..