الزيارات الملكية السامية شرقاً وغرباً تؤشر إلى التوجهات الملكية الجادة في صناعة المزيد من الروافع الاقتصادية والاستثمارية للبحرين والتوجه بها شرقاً وغرباً وحيثما كان الطائر الملكي الميمون قادراً على الوصول حاملاً معه البحرين ومصالحها..
شكـَّلت الزيارات الملكية الثلاث الأخيرة إلى كل من المملكة المتحدة والصين وجمهورية مصر العربية، محطات سياسية وإعلامية باهرة استقطبت الكثير من التحليل والإضاءات الإعلامية والأخبارية والتصريحات الدبلوماسية التي ساهمت بدورها في إضفاء المزيد من عوامل النجاح والتميز على هذه الزيارات الملكية الثلاث، والتي وصفت كلها بأنها تاريخية، وشكـَّل النجاح الساطع قاسماً مشتركاً لها جميعاً..
وما يعنينا هنا، هو الحراك الملكي الميمون، باعتباره مقياساً سياسياً ودبلوماسياً ــ أولاً ــ على صحة الدولة وحيويتها وقدرتها الكاملة على فتح المزيد من فضاءات التعاون الدولي لصالح المملكة وشعبها وقضاياها.. ثم باعتبار هذا الحراك السامي يمثل تتويجاً للدبلوماسية البحرينية النشطة بمختلف توجهاتها وغاياتها؛ السياسية أو الاقتصادية أو الهادفة إلى الترويج للحقائق البحرينية التي تتحالف الكثير من قوى الشر على محاولة إخفائها أو تشويهها أو حتى إخفات صوتها وتعتيم صورتها..
وحتى نضع النقاط على الحروف ــ كما يقولون ــ فالزيارة الملكية السامية للمملكة المتحدة، حظيت باهتمام إعلامي عالمي، وشكلت بحد ذاتها رداً صريحاً وواضحاً ومكتمل القوة، على كل تخرصات المأزومين من المحللين، ومؤامرات الفتنة، ومحاولات الصيد في الماء العكر في سياق الإساءة لتاريخية واستراتيجية العلاقات البحرينية البريطانية. والأهم من ذلك أن النتائج التي ترتبت عليها الزيارة سببت إحباطات هائلة ومزمنة للمتصيدين في الماء العكر، وخاصة لما اشتملت عليه من تفعيل لمعاهدات واتفاقيات استراتيجية، ومن توقيع لاتفاقية شراء طائرات التايفون الأكثر تطوراً في عالم الطائرات الحربية، إضافة إلى سلسلة طويلة من التوافقات والبرامج السياسية والاقتصادية البالغة الأهمية.
أما مسك ختام الزيارة، فكانت تلك الحفاوة المنقطعة النظير التي حظي بها جلالة العاهل المفدى حفظه الله من كافة رموز وقيادات الدولة البريطانية ومجلسي العموم واللوردات وكبار رجالات المال والاقتصاد.. وصولاً إلى الوحدات العسكرية الحديثة والتقليدية التي اشتمل عليها برنامج الزيارة وجرت فيها استقبالات تاريخية وجليلة لملك تاريخي وعاهل جليل.
ومن بريطانيا إلى الصين، حيث أجمعت معظم التقارير والتحليلات الإعلامية الدولية التي غطت زيارة العاهل المفدى إليها، على وصف الزيارة بأنها تاريخية بكل ما في الكلمة من معنى.. عداك عن صفات أخرى كالنجاح الكبير والدلالات الدولية العميقة والرسائل التي تضمنتها لكل من يهمهم الأمر، ليس في فضاء العلاقات البحرينية الصينية فحسب، بل في فضاء العلاقات الخليجية الصينية.. حيث ركزت تحليلات عديدة على أن جلالة ملك البحرين حفظه الله كان يمثل السياسة الخليجية مجتمعة.. ويحمل توجهات خليجية وليس فقط بحرينية في سياق ترتيبات دولية وإقليمية جديدة تنتهجها دول مجلس التعاون..
أما من حيث النتائج والمكتسبات البحرينية فثمة أوجه ومجالات عديدة ومتنوعة جرى استعراضها للتعاون بين البلدين. وقد حرص جلالة الملك المفدى على أن يصطحب معه في هذه الزيارة التاريخية وفداً رسمياً وأهلياً ضم مختصين وخبراء ورجال أعمال وشخصيات مالية ومصرفية وصناعية، إلى جانب تشكيلة واسعة من الوزراء وكبار المسؤولين.. الذين وقعوا مع نظرائهم الصينيين اتفاقيات وبروتوكولات تضمنت طيفاً واسعاً من المجالات والميادين والشؤون، وتراوحــــت بيــــن السياســــي والدبلوماســـي.. إلى الصحي والتعليمي والصناعي والتربوي والاستثماري.. وهي مجالات تؤشر إلى التوجهات الملكية الجادة في صناعة المزيد من الروافع الاقتصادية والاستثمارية للبحرين والتوجه بها شرقاً وغرباً وحيثما كان الطائر الملكي الميمون قادراً على الوصول والتحرك والتبشير بالبحرين وطناً للسلام والمحبة، ومملكة للحضارة والعدالة وحقوق الإنسان، ودولة للقانون والمؤسسات، وسماء لكل الديانات والثقافات والمذاهب.. علاوة على كونها فضاء اقتصادياً واستثمارياً منافساً وممتلكاً لكل ما يحلم به المستثمر والتاجر ورجل الأعمال..
ونصل إلى المحطة المصرية.. حيث حلَّ جلالة العاهل المفدى في بلد الكنانة كأول زعيم خليجي يلتقي القيادة المصرية الجديدة بالقاهرة، وكطليعة لمواقف عربية وخليجية ترى في مصر العروبة عمقاً استراتيجياً يجب أن يبقى قوياً، وعمقاً تاريخياً يجب أن يبقى فوق المراهنات والأجندات المتغيرة، وعمقاً فكرياً عقائدياً يجب أن يبقى أكبر من المذهبيات والحزبيات والأيدولوجيات.. وهذا تماماً ما عبَّر عنه جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة تعبيراً صريحاً عندما وصف مصر بأنها (العمق الاستراتيجي للعالم العربي).. وأن (استقرار مصر هو استقرار للجميع .. وقوتها هي قوة لكل العرب)..
أما من الناحية التحليلية والاستراتيجية فثمة إجماع لدى كثير من المراقبين والمحللين المتنورين والواقعيين، على أن زيارة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة إلى جمهورية مصر العربية هي فاتحة لتنسيق خليجي ــ مصري في مواجهة المؤامرات الغربية والشرقية التي تكشفت تماماً في عراء ما يسمى بالربيع العربي..!
إن الزيارات السامية الهامة والحراك الملكي الكبير الذي طبع واجهة الدبلوماسية البحرينية خلال شهر تقريباً، تؤشر إلى الكثير من النتائج المثمرة والنجاح الكبير للبحرين وسياستها واقتصادها وصورتها الدولية.. وهي نجاحات تحمل البصمة الملكية الميمونة، وترتدي وشاح العز والطموحات الكبرى والتطلعات الفذة لملك إصلاحي شجاع وفارس خليفي مستعد أن يطوف المعمورة على صهوة حصان عزيمته الملكية النبيلة من أجل خير البحرين وخير شعبها وخير حاضرها ومستقبلها.