ثمة قول مشهور ينسب إلى فولتير وغيــــره هـــو: «إلهــي أنقذنــي مــن أصدقائي، أنا أستطيع أن أتدبر أمر أعدائي». وفي الإنجليزية هناك قول شعبي بالمعنى نفسه هو: «مع أصدقاء من هذا النوع أنت لا تحتاج إلى أعداء».
ما سبق ربما يفسر العلاقة بين الحليفين الولايات المتحدة والبحرين، فعمرها مائة عام من التعاون، والأسطول الأمريكي الخامـــس مقـــره البحريـــن منذ السبعينات، ثم تمارس الولايات المتحدة، جهلاً أو عمداً، سياسة تضر بالأمن والاستقرار والسلام والرخاء في البحرين.
في 24 من الشهر الماضي جلست في القاعة الموقتة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لأستمع إلى خطاب الرئيس باراك أوباما وهو قَصره كله تقريباً، في سابقة لا أذكر مثيلاً أمريكياً لها، على العرب وإيران، وقال إن الولايات المتحدة تسعى إلى الديمقراطية في العراق والبحرين وسورية.
استغربت أن يحشر الرئيس الأمريكي البحرين بين العراق وسورية، وانتقدته. ولم يكن الكلام هفوة من رئيس ذكي فقبل خطأ الرئيس وبعده هناك السفير الأمريكي في المنامة توماس كراجيسكي الذي سيكون أمضى مع نهاية هذا الشهر سنتين من العمل المرتبك ما جعل بعض قادة السنّة في البحرين يطالبون الحكومة بطرده.
هو دبلوماسي محترف خبير عمل في دول عدة بينها من بلادنا مصر والعراق والإمارات العربية المتحدة واليمن (سفيراً) قبل أن يصل إلى البحرين.
أعتقد أنه سيرتاح ويُريح لو تصرف كسفير لبلاده، وليس المندوب السامي، فقد لاحظت أنه يتدخل في كل صغيرة وكبيرة من الحوار الوطني إلى المحاكم وطريقة معاملة السجناء وزوارهم. الملك حمد بن عيسى عيَن ثلاثة وزراء للحوار الوطني والمعارضة أرسلت ممثلين عنها من الصفّين الثاني والثالث.
قرأت للسفير مقابلة عمرها شهران مع المجلة السياسية لجامعة يال قال فيها صادقاً إنه موجود في البحرين لخدمة مصالح بلاده قبل أي شيء آخر. وزاد أن بلاده تريد للبحرين استقراراً وأمناً وسلاماً، وهو ما يريد البحرينيون لبلادهـــم. وهذا جميـــل. ثــم أشــار إلــى زيارة ولي العهد الأمير سلمان بن حمد واشنطن حيث استقبله الرئيس أوباما. أقول للسفير إنني اجتمعــت مع الأمير سلمان في المنامة خلال أسبوعين من بدء المشاكل في الشهر الثاني من 2011، وهو عرض عليّ ما سيلبي من مطالب المعارضة فوراً، ووجدتُ أنها أكثر من النصف وكان شعوره وشعوري أن الأزمة ستُحل في أيام.
لماذا لم تحل؟ قبل أن أرد أقول للسفير كراجسكي إنني أعرف البحرين من أيام كنت أودع المراهقة، والأمير الراحل الشيخ عيسى كان صديقاً شخصياً من يوم رأيته في قصر على طريق عوالي مع والده الشيخ سلمان، رحمهما الله. أعرف كل المسؤولين البحرينيين منذ ذلك الوقت وأعرف أهل البلد جميعاً حتى سائق السيارة، وعندي أصدقاء كثيرون بين الشيعة، بعضهم في مراكز الحكم وبعضهم يمارس التجارة. بكلام آخر، أتكلم من معرفة نصف قرن وليس سنتين. المشاكل في البحرين لم تحل لأن المعارضة، وتحديداً قيادة جماعة الوفاق، لا تريد ديمقراطية، بل قتل الديمقراطية بإقامة نظام ولاية الفقيه وتبعية كاملة لآيات الله في قم.
رئيس الوفاق علي سلمان درس في قم ومثله مرشده عيسى قاسم. وهذا منع الشيعة من المشاركة في الانتخابات ثم سمح لهم مرتين، وعاد ومنعهم. وكان في كل مرة ينفذ تعليمات قم. هذا ليس ديمقراطية وإنما نقيضها.
الإدارة الأميركية ليست عمياء وإنما تتعامى وتعمل في الخليج ضد مصالح دول مجلس التعاون كلها بالتواطؤ مع عصابة إيران بحجة الديمقراطية. هم لن يصدّروا إلى البحرين بضاعة غير موجودة في بلادهم.
عن «الحياة» اللندنية (بتصرف)
{{ article.visit_count }}
ما سبق ربما يفسر العلاقة بين الحليفين الولايات المتحدة والبحرين، فعمرها مائة عام من التعاون، والأسطول الأمريكي الخامـــس مقـــره البحريـــن منذ السبعينات، ثم تمارس الولايات المتحدة، جهلاً أو عمداً، سياسة تضر بالأمن والاستقرار والسلام والرخاء في البحرين.
في 24 من الشهر الماضي جلست في القاعة الموقتة للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لأستمع إلى خطاب الرئيس باراك أوباما وهو قَصره كله تقريباً، في سابقة لا أذكر مثيلاً أمريكياً لها، على العرب وإيران، وقال إن الولايات المتحدة تسعى إلى الديمقراطية في العراق والبحرين وسورية.
استغربت أن يحشر الرئيس الأمريكي البحرين بين العراق وسورية، وانتقدته. ولم يكن الكلام هفوة من رئيس ذكي فقبل خطأ الرئيس وبعده هناك السفير الأمريكي في المنامة توماس كراجيسكي الذي سيكون أمضى مع نهاية هذا الشهر سنتين من العمل المرتبك ما جعل بعض قادة السنّة في البحرين يطالبون الحكومة بطرده.
هو دبلوماسي محترف خبير عمل في دول عدة بينها من بلادنا مصر والعراق والإمارات العربية المتحدة واليمن (سفيراً) قبل أن يصل إلى البحرين.
أعتقد أنه سيرتاح ويُريح لو تصرف كسفير لبلاده، وليس المندوب السامي، فقد لاحظت أنه يتدخل في كل صغيرة وكبيرة من الحوار الوطني إلى المحاكم وطريقة معاملة السجناء وزوارهم. الملك حمد بن عيسى عيَن ثلاثة وزراء للحوار الوطني والمعارضة أرسلت ممثلين عنها من الصفّين الثاني والثالث.
قرأت للسفير مقابلة عمرها شهران مع المجلة السياسية لجامعة يال قال فيها صادقاً إنه موجود في البحرين لخدمة مصالح بلاده قبل أي شيء آخر. وزاد أن بلاده تريد للبحرين استقراراً وأمناً وسلاماً، وهو ما يريد البحرينيون لبلادهـــم. وهذا جميـــل. ثــم أشــار إلــى زيارة ولي العهد الأمير سلمان بن حمد واشنطن حيث استقبله الرئيس أوباما. أقول للسفير إنني اجتمعــت مع الأمير سلمان في المنامة خلال أسبوعين من بدء المشاكل في الشهر الثاني من 2011، وهو عرض عليّ ما سيلبي من مطالب المعارضة فوراً، ووجدتُ أنها أكثر من النصف وكان شعوره وشعوري أن الأزمة ستُحل في أيام.
لماذا لم تحل؟ قبل أن أرد أقول للسفير كراجسكي إنني أعرف البحرين من أيام كنت أودع المراهقة، والأمير الراحل الشيخ عيسى كان صديقاً شخصياً من يوم رأيته في قصر على طريق عوالي مع والده الشيخ سلمان، رحمهما الله. أعرف كل المسؤولين البحرينيين منذ ذلك الوقت وأعرف أهل البلد جميعاً حتى سائق السيارة، وعندي أصدقاء كثيرون بين الشيعة، بعضهم في مراكز الحكم وبعضهم يمارس التجارة. بكلام آخر، أتكلم من معرفة نصف قرن وليس سنتين. المشاكل في البحرين لم تحل لأن المعارضة، وتحديداً قيادة جماعة الوفاق، لا تريد ديمقراطية، بل قتل الديمقراطية بإقامة نظام ولاية الفقيه وتبعية كاملة لآيات الله في قم.
رئيس الوفاق علي سلمان درس في قم ومثله مرشده عيسى قاسم. وهذا منع الشيعة من المشاركة في الانتخابات ثم سمح لهم مرتين، وعاد ومنعهم. وكان في كل مرة ينفذ تعليمات قم. هذا ليس ديمقراطية وإنما نقيضها.
الإدارة الأميركية ليست عمياء وإنما تتعامى وتعمل في الخليج ضد مصالح دول مجلس التعاون كلها بالتواطؤ مع عصابة إيران بحجة الديمقراطية. هم لن يصدّروا إلى البحرين بضاعة غير موجودة في بلادهم.
عن «الحياة» اللندنية (بتصرف)