أحياناً تدافع الأقدار يحول مجرى حياة الإنسان ونمط حياته، من مجرد إنسان عادي يحيا حياة روتينية إلى إنسان آخر تحاط حياته بهالة من الأهداف الكبيرة التي يسمو بها ويحاول من خلال هذه الأهداف أن يصل إلى المستحيل ويقهر بذلك ألد أعداء المرء وهو المرض.
جويرية الطفلة التي تصارع المرض الخبيث منذ أن كانت في المرحلة الإعدادية وهي بعمر الزهور، كان لتدافع الأقدار بصمة واضحة في حياتها، فكتابة يوميات طفلة ستقهر مرض السرطان عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم نقل تجربتها المريرة عن المرض في كتاب خطوة جريئة وخطوة واثقة في حياتها، ونقطة تحول من فتاة تتلقى العلاج بالخارج إلى فتاة تصنع خطوطاً عريضة لمستقبلها وطموحها الطفولي.
جويرية طفلة تعاني من المرض الخبيث، كان لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء كعادته الفضل في ابتعاث هذه الطفلة للعلاج بالخارج، فسموه صاحب اليد البيضاء وصاحب القلب الكبير الذي دوماً يحنو على الكبير والصغير، ابتعثها مثل غيرها للعلاج خارج البحرين مع والدتها التي ترافقها دوماً لتلقي العلاج أينما كان، حتى تحظى بالصدر الحنون لمعاناتها؛ ليس مع المرض فحسب، بل أثناء تلقي العلاج، والله وحده أعلم بمعاناة هذه الطفلة.
كان للإعلام -وبالأخص البرنامج الإذاعي «نجوم الظهاري»- دور بارز بأن تلتقي جويرية بعد البرنامج بأشخاص كان لهم بعد ذلك دور بارز في أن تؤلف كتاباً تسرد فيه قصتها ومعاناتها مع المرض الخبيث، فقد كان برنامج «نجوم الظهاري» كعادته يثير المواضيع التي تهم وتلامس حياة وهموم وهواجس الناس، ويتناول أيضاً المواضيع الهادفة التي من خلالها يحظى المستمع بشيء من الأمل ويخطو خطوات العزم لتحقيق الأهداف.
قبل سنتين تناول برنامج «نجوم الظهاري» موضوع المرض الخبيث وحملة ملحف الخير التي تبنتها حملة أمنية طفل، وكانت مداخلة الطفلة جويرية عبر الهاتف من سنغافورة عن الموضوع نفسه قد أثارت الشارع البحريني، الذي ساند جويرية بمشاعر صادقة عندما روت لمستمعي البرنامج قصتها مع المرض، وتسطر كلماتها بقوة وشجاعة وبأنها راضية بما قسم لها الله، وكانت بضع كلمات أعطت دروساً وافية في الإيمان بالقضاء والقدر، وهذه الكلمات القوية في معناها كانت تأتي من طفلة صغيرة وكأنها تأتي من شخص كبير ذي تجارب عديدة.
وبعد برنامج «نجوم الظهاري» بدأت رحلة الصداقة التي ربطت أشخاصاً كثيرين مع الطفلة جويرية، لكن كان من أهمها مع رئيسة حملة أمنية طفل، والناشط في وسائل التواصل الاجتماعي الأستاذ خالد الخياط، فقد كان لها من خلال هذه الصداقة دور بارز في أن تكتب جويرية يومياتها ومذكراتها في سطور من ذهب، إلى أن أصبح حلم الكتاب حقيقة يتصفحه جموع من الناس يأخذون منه العبر والعظات.
تدافع الأقدار والصداقة جعل من الطفلة جويرية كاتبة وناشطة اجتماعية، وهذه الأقدار، رغم قساوتها، إلا أنها دوماً تفتح آفاقاً جديدة وأبواباً تطل على مروج من الأمل.
جويرية الطفلة التي تقهر المرض الخبيث تمضي بعزم وبثبات إلى أن تصل وتعوض ما فاتها، وهي بإذن الله الطفلة التي ستقهر مرض السرطان.