في 20 سبتمبر 1980 اندلعت حرب «دفاع مقدس» بالفارسية بين إيران والعراق خلال حكم البعث السابق، وانتهت في 20 أغسطس 1988، فماذا كانت النتيجة؟
خسائر بشرية تقدر بنحو مليون قتيل من الجانبين، وخسائر مادية تقدر بنحو 400 مليار دولار أمريكي.
الهدف منها إيرانياً على الأقل هو تصدير الثورة الخمينية إلى الدول العربية رغم تفاصيل الأسباب الكثيرة التي دفعت البلدين إلى هذه الحرب المدمرة. ولكنها أعطتنا دلالة تاريخية من المهم الانتباه لها بعد مرور ربع قرن على انتهائها، فإيران الثورة لم تتمكن من تصدير الثورة بالقوة العسكرية نهائياً، وإلا تفوقت على العراق واستطاعت تصدير ثورتها إلى هناك.
قبل وفاة الخميني وعندما توافقت طهران مع بغداد على وقف إطلاق النار وصف الخميني هذه الخطوة بأنها تجرع كأس السم. ولذلك دلالة على أن قرار وقف الحرب خطوة قسرية بالنسبة لإيران، ومع ذلك لم يعترف الخميني بخطئه التاريخي في الحرب مع العراق.
لاحقاً توفي الخميني، وتولى خامنئي منصب الولي الفقيه، وحرص على الابتعاد عن الحروب المباشرة، ولكنه استمر في تبني مبدأ تصدير الثورة بأشكال أخرى، من خلال طوابير خامسة، أو احتجاجات شعبية، أو دعم أحزاب مثل حزب الله اللبناني أو جمعية الوفاق البحرينية، أو في شكل ثورات كما تم في البحرين خلال فبراير 2011.
جميع هذه الخطوات لم تأت بنتيجة حقيقية، بل زادت من عزلة الشيعة العرب، وأثبتت فشلهم في تنفيذ مشروعهم السياسي لتصدير الثورة. فالخلاصة التاريخية بيّنت أن الحرب لم تنجح في تصدير الثورة، ودعم الأحزاب والتنظيمات السياسية غير مجدٍ أيضاً في تصدير الثورة.
وحتى النموذج العراقي الذي تفتخر به طهران عندما سيطرت على تفاعلات النظام السياسي وصار نظاماً حديثاً للثيوقراطية الإيرانية، لم يأتِ بجهود إيرانية مباشرة، بل كان سببه التدخل العسكري المباشر.
إذن نحن أمام عدة وسائل لتصدير الثورة الخمينية؛ الحرب العسكرية المباشرة، ودعم الثورات الداخلية، وتكوين جماعات سياسية موالية داخل الدول المستهدفة، والتدخل العسكري المباشر. ما الذي نجح منها؟
طبعاً ما نجح منها هو التدخل العسكري المباشر بالاعتماد على القوى الغربية تحديداً. وطهران تدرك اليوم أن هذا الأسلوب هو الأكثر فائدة وتأثيراً على تحقيق الأهداف، ولذلك نجد حماساً أمريكياً منقطع النظير للتغيير السياسي في الشرق الأوسط.
لو كان الخميني على قيد الحياة اليوم لا أعتقد أنه سيصف قرار وقف إطلاق النار بين إيران والعراق بأنه «تجرع لكأس السم»، بل سيكتشف أن هذا القرار سيفتح المجال أمام خيارات أخرى غير تقليدية لتصدير الثورة.
في خضم هذا المشهد التاريخي المعقد، فإن الشيعة العرب الموالين لأوطانهم وعروبتهم، باتوا أمام خيارات أكثر وضوحاً وهي «دفاع مقدس» التي تعني الحرب بين العرب وإيران، أو تجرّع كأس السم بإيقاف الصراع السياسي والعسكري واللجوء لخيارات أخرى.
ولكن الأهم من بين هذه الخيارات، هو ابتعاد الشيعة العرب عن مواجهة الشيعة الراديكاليين الذين باتوا يمثلون طوابير خامسة لطهران في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي. وفي الوقت نفسه من غير المقبول أو المنطقي أن يبتعد الشيعة العرب عن خيار الاندماج في المجتمع البحريني أو المجتمعات الخليجية الأخرى فهذا هو المسار الطبيعي لأي مكون أصيل من مكونات المجتمع.
ولا تعني المطالبات بالحقوق والرغبة في الإصلاح عزل الذات، والعيش في كنتون يقوم على الإرهاب وهيمنة رجال الدين الشيعة. بل هذا هو الخيار الأنسب بدلاً من دفاع مقدس أو تجرع كأس الدم، خاصة وأن التاريخ أثبت القدرة عل الانسجام بين الشيعة العرب وكافة المكونات في المجتمعات الخليجية، وإن كانت لا تتقاطع معها كاليهود والمسيحيين باعتبارهم من ديانات أخرى.
الوقت مهيأ تماماً للشيعة العرب في البحرين ودول مجلس التعاون للاندماج والتعايش مع كافة المكونات، بدلاً من خيار الانعزال والخضوع لرجال الدين التابعين لثيوقراطية طهران.
{{ article.visit_count }}
خسائر بشرية تقدر بنحو مليون قتيل من الجانبين، وخسائر مادية تقدر بنحو 400 مليار دولار أمريكي.
الهدف منها إيرانياً على الأقل هو تصدير الثورة الخمينية إلى الدول العربية رغم تفاصيل الأسباب الكثيرة التي دفعت البلدين إلى هذه الحرب المدمرة. ولكنها أعطتنا دلالة تاريخية من المهم الانتباه لها بعد مرور ربع قرن على انتهائها، فإيران الثورة لم تتمكن من تصدير الثورة بالقوة العسكرية نهائياً، وإلا تفوقت على العراق واستطاعت تصدير ثورتها إلى هناك.
قبل وفاة الخميني وعندما توافقت طهران مع بغداد على وقف إطلاق النار وصف الخميني هذه الخطوة بأنها تجرع كأس السم. ولذلك دلالة على أن قرار وقف الحرب خطوة قسرية بالنسبة لإيران، ومع ذلك لم يعترف الخميني بخطئه التاريخي في الحرب مع العراق.
لاحقاً توفي الخميني، وتولى خامنئي منصب الولي الفقيه، وحرص على الابتعاد عن الحروب المباشرة، ولكنه استمر في تبني مبدأ تصدير الثورة بأشكال أخرى، من خلال طوابير خامسة، أو احتجاجات شعبية، أو دعم أحزاب مثل حزب الله اللبناني أو جمعية الوفاق البحرينية، أو في شكل ثورات كما تم في البحرين خلال فبراير 2011.
جميع هذه الخطوات لم تأت بنتيجة حقيقية، بل زادت من عزلة الشيعة العرب، وأثبتت فشلهم في تنفيذ مشروعهم السياسي لتصدير الثورة. فالخلاصة التاريخية بيّنت أن الحرب لم تنجح في تصدير الثورة، ودعم الأحزاب والتنظيمات السياسية غير مجدٍ أيضاً في تصدير الثورة.
وحتى النموذج العراقي الذي تفتخر به طهران عندما سيطرت على تفاعلات النظام السياسي وصار نظاماً حديثاً للثيوقراطية الإيرانية، لم يأتِ بجهود إيرانية مباشرة، بل كان سببه التدخل العسكري المباشر.
إذن نحن أمام عدة وسائل لتصدير الثورة الخمينية؛ الحرب العسكرية المباشرة، ودعم الثورات الداخلية، وتكوين جماعات سياسية موالية داخل الدول المستهدفة، والتدخل العسكري المباشر. ما الذي نجح منها؟
طبعاً ما نجح منها هو التدخل العسكري المباشر بالاعتماد على القوى الغربية تحديداً. وطهران تدرك اليوم أن هذا الأسلوب هو الأكثر فائدة وتأثيراً على تحقيق الأهداف، ولذلك نجد حماساً أمريكياً منقطع النظير للتغيير السياسي في الشرق الأوسط.
لو كان الخميني على قيد الحياة اليوم لا أعتقد أنه سيصف قرار وقف إطلاق النار بين إيران والعراق بأنه «تجرع لكأس السم»، بل سيكتشف أن هذا القرار سيفتح المجال أمام خيارات أخرى غير تقليدية لتصدير الثورة.
في خضم هذا المشهد التاريخي المعقد، فإن الشيعة العرب الموالين لأوطانهم وعروبتهم، باتوا أمام خيارات أكثر وضوحاً وهي «دفاع مقدس» التي تعني الحرب بين العرب وإيران، أو تجرّع كأس السم بإيقاف الصراع السياسي والعسكري واللجوء لخيارات أخرى.
ولكن الأهم من بين هذه الخيارات، هو ابتعاد الشيعة العرب عن مواجهة الشيعة الراديكاليين الذين باتوا يمثلون طوابير خامسة لطهران في البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي. وفي الوقت نفسه من غير المقبول أو المنطقي أن يبتعد الشيعة العرب عن خيار الاندماج في المجتمع البحريني أو المجتمعات الخليجية الأخرى فهذا هو المسار الطبيعي لأي مكون أصيل من مكونات المجتمع.
ولا تعني المطالبات بالحقوق والرغبة في الإصلاح عزل الذات، والعيش في كنتون يقوم على الإرهاب وهيمنة رجال الدين الشيعة. بل هذا هو الخيار الأنسب بدلاً من دفاع مقدس أو تجرع كأس الدم، خاصة وأن التاريخ أثبت القدرة عل الانسجام بين الشيعة العرب وكافة المكونات في المجتمعات الخليجية، وإن كانت لا تتقاطع معها كاليهود والمسيحيين باعتبارهم من ديانات أخرى.
الوقت مهيأ تماماً للشيعة العرب في البحرين ودول مجلس التعاون للاندماج والتعايش مع كافة المكونات، بدلاً من خيار الانعزال والخضوع لرجال الدين التابعين لثيوقراطية طهران.