غادر مؤخراً وفد من الجمعيات المعارضة برئاسة أمين عام الوفاق علي سلمان إلى جنوب أفريقيا في زيارة ضمن برنامج الاطلاع على تجربة جنوب أفريقيا في الحل السياسي والحوار والمصالحة الوطنية، وهي زيارة تأتي بعد زيارة سابقة قام بها عدد من أعضاء جمعيات ائتلاف الفاتح، هذا بحسب الخبر المنشور.
المثير في الموضوع أن أمين عام الوفاق نشر تغريدة على حسابه بـ»التويتر» مرفقة بصورته وهو في المطار وكتب تحتها الآتي: «نغادر لجنوب أفريقيا للاطلاع على تجربة المصالحة الوطنية والتحول من النظام العنصري إلى النظام الديمقراطي.. عقبال عندنا».
لن أتحدث عن الزيارة باعتبار أن الجميع من جمعيات يمكنه أن يذهب إلى أي مكان يريد، ولولا الحياء لذهبت الجمعيات المعارضة للأراضي المحتلة الفلسطينية وخاطبت الإسرائيليين بما يضربهم على الوتر الحساس فقط ليتضامنوا معهم، وهنا أعني موضوع «الهولوكوست» والذي استخدم بدوره.
الحديث عن قول علي سلمان «عقبال عندنا»!
المضحك في الموضوع أن من يعلن ذهابه لدولة أصبحت مثالاً متقدماً على محاربة العنصرية والتقسيم المجتمعي هو نفسه «عراب» هذا التقسيم وهو نفسه «تاجر» العنصرية في البحرين، بما يعني بشرح أكثر تبسيطاً تحت صورة علي سلمان يقول: عراب العنصرية ذاهب لجنوب أفريقيا ليطلع على تجربتهم في محاربة العنصرية! وهنا نقول بالفعل وبكل قوة بل نهتف معك يا علي سلمان: نعم، عقبال عندك!
إن كان علي سلمان يريد أن يبين بأن البحرين فيها نظام فصل عنصري، فعليه أولاً أن يوضح للناس من قائل عبارة «كونوا حسينيين» بهدف يراد منه وضع شيعة البحرين في كفة ضد سنة البحرين «اليزيديين» في كفة! بل من قال للبحرينيين ممن هم على خلاف مذهبه: «أنتم ستخرجون، وهذه أرضنا؟!»
إن كان علي سلمان يريد أن يبين بأن البحرين فيها نظام فصل عنصري بحيث يتم التعامل مع الأعراق والجنسيات المختلفة وحتى المتحصلين على الجنسية بطريقة عنصرية لا إنسانية، فعليه أن يوضح للناس من هم واصفوا رجال الأمن بـ«المرتزقة»، ومن هم واصفوا الشارع السني والمخلصين للوطن وقيادته بـ«العملاء»، ومن هم الذين هاجموا العمالة الأجنبية، ومن هم الذين اقتادوا الآسيويين كأسرى بداخل مستشفى السلمانية والذي تحول لثكنة محتلة يتعرض فيها السنة على وجه الخصوص للإهانة والاستهداف. وهذا الكلام مكتوب بهذا التفصيل في تقرير بسيوني الذي تستشهدون ببعض منه وتدفنون بعضاً آخر.
ولكنني أقول في المقابل، لا تظلموا علي سلمان، فلربما كانت تمنياته (عقبال عندنا) يقصد بها حاجة جمعيته وأذيالها إلى الاطلاع على تجربة جنوب أفريقيا في محاربة العنصرية، لربما كان يقصد الحاجة الملحة للاطلاع على الطريقة الأمثل للحوار بهدف الوصول لحلول سياسية، خاصة وأن أداء ممثلي الوفاق ومعهم أتباعهم الأذيال في الحوار اتضح بأنه لا يخرج عن أمور محددة لا يمكنها أن تقود الحوار إلى أي اتجاه إيجابي، ما رأيناه لم يخرج عن «قلة أدب» وكلام «تربية شوارع» و»تعنت» في الرأي و»إصرار» على الموقف دون وجود أية «مرونة». نعم يا علي سلمان اطلع على التجربة الأفضل في التحاور، وعقبال عندكم.
بيد أنني أستغرب من بعض الردود غير المتعاونة وغير المرحبة بخطوة أمين عام الوفاق، بالأخص في المواقع الإلكترونية المحرضة التابعة لأحرار البحرين وحركة 14 فبراير حينما قللت من «زيارة الاطلاع التثقيفية» التي يقوم بها الوفد برئاسة علي سلمان.
رد أحدهم يقول مستهزئاً وللأسف: «إلا قالع العمامة لأنه ما تنفع هناك؟!» وآخر كتب قائلاً: «ارحموا عقلي شوي، ألحين خلصت الكتب والمقالات وكل شيء عن نظام الفصل العنصري، ما بقى إلا الواحد يروح هناك يتعلم! نيلسون مانديلا معروف كتبوا عنه واجد، يعني حتى لو رحتون ويكيبيديا بتعرفون ويش صار، وشلون صارت التجربة وسحق نظام الفصل العنصري».
يا جماعة امنحوا علي سلمان «فرصة»، الرجل ذاهب ليطلع على التجربة لا ليتحدث عن البحرين ويشوه صورتها ويتهمها بالعنصرية، الخبر يقول «اطلاع»، و»المطلع» يعني أنه يريد أن «يستفيد» شخصياً، بالتالي أنا أول من يؤيد أمين عام الوفاق ومن معه من أتباع في زيارتهم، إن شاء الله تستفيدوا منها وتتمكنوا من التغلب على طبائعكم الطائفية وتغيروا من خطاباتكم ونفسكم العنصري وتتعرفوا على أفضل الطرق للحوار التي تفضي لحلول سياسية.
من كل قلبي وبإخلاص أقول «عقبال عندكم» يا علي سلمان!
لا تنس تروح «السفاري» حتى تتطلع على تجربتهم أيضاً، أكيد في البال، صح؟!