سؤال مهم يطرح نفسه على الدولة وعلى من يصنع القرارات: هل هناك مراجعة لبعض القرارات أو تقييم لبعض التعيينات، أقلها حتى نعرف أين مكمن الخطأ والخلل لنقوم بتصحيحه؟!
اسمحوا لي بالقول إنه لا توجد أية عملية للمراجعة، فما نراه هو استمرار للتخبطات في إسناد المهام الحساسة لبعض الشخصيات التي أثبتت التجربة أنهم غير مؤهلين لشغل هذه المواقع بالنظر لنتيجة عملهم.
لا توجد إعادة حسابات في شأن عمليات بعــض القطاعــــات والدليل استمـــــرار الأخطاء وتكرارها، وتقارير ديوان الرقابة المالية والإدارية خير دليل.
ليس العيب أن نخطئ في التقدير أو يكون الإسناد غير موفق، بل العيب في الاستمرار على الخطأ وفي عدم الاعتراف به وعدم امتلاك الشجاعة للتغيير.
نتحدث عن وطن وعن عمليات تتم فيه هدفهـــا – يفترض - أن تكون المصلحة العامة وتحقيق المكاسب للمواطنين، فهل هذه المعادلة تتم بصورة صحيحة؟! اسألوا الناس لتعرفوا الإجابة.
فقط أتساءل ونحن دولة نقدم العلم والتعليـــم، ونرســـل عشـــرات الطلبـــة للدراسة في الخارج أو نهيئ لهم الأرضية المناسبة في الداخل في ظل برامج عديدة شعارها صنع جيل مؤهل من الشباب، أو احتضان الشباب وتأهيلهم، هل تم الاستفادة من مخرجات ذلك كله؟!
في بعض المواقع الهامة أبحث كثيراً عن المتخصصين، وهل بالفعل تسند للمتخصص في مجاله المهمة ليقوم بتطوير هذا القطاع بحسب ما تعلمه ومارسه وتخصص فيه؟!
نقول بأننا نضع الشخص المناسب في المكان المناسب، لكن هناك أمثلة تبين العكس، فأين يكون الخلل؟!
هل نزعجكم بهذا الكلام؟! لا يفترض أن ينزعج أحد ونحن في دولة تقول لصحافتها وشعبها بأن قولوا واكتبوا وانتقدوا لأجل بيان الأخطاء والمساعدة في الإصلاح، وهانحن ذا نفعل، فهل من مستمع وهل من مجيب؟!
لا ندعي المعلومية ولا نمارس التنظي بالكلام هكذا على عواهنه، لكن الانتقاد لظواهر وحالات وأفعال الخطأ فيها بين وواضح، وضعف الموكلة إليهم المسؤولية لا تحتاج لكشف أسرار أو سبر أغوار، فقط بيان الضرر الذي وقعه لينكشف لنا مكمن الخلل.
إن كنا نريد لهذا البلد أن تنهض وينصلح حالها علينا معرفة أين مكمن الخلل ووضع اليد عليه وإبدال السيء بالصالح، وإبدال الضعيف بالقوي، ومنح من نتعب عليهم ونحاول تأهيلهم الفرصة للتصحيح والإصلاح.
أؤمن بأن الفشل قد يكون سبباً من أسباب النجاح، لكن المعادلة لا تكتمل دون إدراك حجم الفشل والوقوف على أسبابه، الشعارات وحدها لا تفيد إذ تظل أحباراً على أوراق أو كلاماً يتردد في وسائل الإعلام، من يريد التغيير يقوم بالتغيير، ومن يرى الخطأ يحاسب صاحبه، نحن نتحدث عن مصلحة البحرين ولا شيء آخر، ويكفي ظلماً للبلد الطبطبة على أشخاص أو حمايتهم بسبب أنهم لم يقوموا بواجبهم أو أخلوا بمسؤولياتهم.
من يطلب النقد ويحرص عليه، واجب أن يتعاطى إيجاباً مع النقد، واجب أن يقود النقد للتغير نحو الأفضل، لكن أن نظل نحيي النقد بالكلام فهذا استهلاك له ودوران في حلقة مفرغة.
والله لسنا بحاجة لبيان مزيد من الأخطاء والكوارث، فقط تقارير ديوان الرقابة تكفي، لكن من يلتفت جدياً لمضامين هذه التقارير؟! النواب؟! اسمحوا لنا، فالتجربة أثبتت بأن نوابنا مازالوا على بعد سنوات ضوئية لتحقيق حد الكفاف من شعاراتهم حتى يتمكنوا من محاربة الأخطاء والفساد وإقالة المسؤولين عنها.
هيئة تخطيط عليا للبلد هي حاجة ماسة، نقول ذلك للمرة الألف لكن كالعادة لن تجد مجيباً. هيئة عليا تكون مهمتها القضاء على الفساد وإحالة المفسدين للقانون، هذا مطلب هام أيضاً في ظل عجز «متعمد» من النواب لمحاربة الفساد، هذا إن أردنا أن نصلح ونحمي المال العام ونحسن مخرجات الأداء.
يقولون لنا انتقدوا وساعدونا في حل الأخطاء، وحينما نفعل لا نجد إلا أذناً من طين وأخرى من عجين، هل تريدون الصحافة أن تلعب دور «الفاضح» لكوارث المسؤولين فقط؟! ماذا عن المرحلة التي تلي ذلك؟! عفا الله عما سلف أو امنحوهم فرصة علهم ينصلحون؟!
البلد ليس حقل تجارب ولا ماله العام «حلال بلال» على من يريد هدره، والعمليات اليومية موجهة للمواطن وليســــت محــــاولات إبــــراز مهــــارات المسؤولين وقدراتهم إن صابت صابت وإن خابت فـ «طاف» وحاول مرة أخرى!