من إبداعات اللغة العربية أن الكلمة الواحدة تحمل أكثر من معنى، والجملة سواء كانت اسمية، أو فعلية، أو حتى شبه جملة، نجد أنها تحمل في مضمونها الكثير من المعاني ويتفوق على الكلمة، الحرف، الذي ممكن أن يغير معنى الجملة بمعدل 180 درجة وذلك بحسب موقعه فيها.
لذلك ليس كل ما نسمعه يكون بمضمونه الحقيقي، ونفهم الكلمات ونمحورها بحسب مفهومنا ومعرفتنا ولكن المقصود بها أمر آخر. فميزة حمل الكلام لأكثر من معنى يعتبر أحياناً كثيرة المنفذ الصامت، فكم من مرة أنقذنا أنفسنا من موقف شرس فقط لمجرد توضيحنا أنه ليس من المذكور هو المقصود وإنما نحن نقصد أمراً آخر، واحتمال كبير أن يقتنع الطرف أو يومئ إلينا بالاقتناع لسبب أن ليس لديه مبرر آخر لإثبات ما فهمه أنه هو المعني والمقصود.
فلا أزال أذكر حينما كنت في العاشرة من عمري وزرت مع والدتي أحداً من الأهل، وخلال الجلسة سالت والدتي الابنة الأكبر لهؤلاء الأهل القاصدين زيارتهم، ماذا تدرسين يا عزيزتي؟ فردت عليها باستحياء «أدرس قانون» فارتسمت على محياي ابتسامة عريضة، لأنني أحب الموسيقى بشدة وخطر في بالي مباشرة أنه لابد لهذه الفتاة الجميلة أنها تعزف مقطوعة موسيقية يمكن أن تزيد على الجلسة مزيداً من المرح. ولكن للأسف مر من الوقت ساعة ولم تتحرك من مكانها إلا فقط عندما أرادت أن تدخل غرفتها، وسألتني حينها إن كنت أود مرافقتها كنوع من أنواع المجاملة. وكي لا أجلس بمفردي مع جموع الكبار وأصاب بالملل.
وبدخولها غرفتها ودعوتي لمرافقتها اعتقدت بأن الوقت قد حان لكي أسمع عزفها بمفردي. ولكن فوجئت بأن الغرفة خالية من أي آلة موسيقية وحتى مزمار صغير من أيام الطفولة. بل وجدت كتباً ومجلدات من جميع الأحجام وإن جمعتها أجدها تفوق وزني بكثير.
الكتب كانت متنوعة بين قانون مدني، وقانون تجاري، وقانون جنائي، وقانون للأحوال الشخصية والمدنية وغيرها. تعجبت في نفسي وسألتها، هل أصبح القانون يحمل الجرائم؟ هل تغيرت طبيعته بعد أن كان مصدراً للسعادة وأداة للأنس؟! كونها أكبر مني فقد علمت أن ما فهمته من قصدها لـ»القانون» غير الحقيقة.
فأنا اعتقدت أنها تدرس عزف «القانون» وإنما الحقيقة هي دراسة مادة القانون أي الحقوق.
وشرحت لي كيف أن القانون مهمته حفظ حقوق الآخرين من أي اعتداءات خارجة عن الأطر المحددة التي تحمي الأشخاص وأن من يخالفها لابد أن تقع عليه العقوبة. شرحت بكلمات لطيفة تتناسب مع عقل فتاة لا يزيد عمرها عن 10 سنوات، وأنهت كلامها بجملة أصعب من شرحها المبسط «فمع الوقت يا عزيزتي سوف تكبرين وتفهمين المعنى الأدق والأشمل للقانون».
وهذا ما حدث وصار، كبرت ولكن للأسف عرفت أن ليس فقط ممكن أن تحمل الكلمة اللفظية أكثر من معنى وإنما الجمل المكتوبة والصريحة والقوانين الموضوعة ممكن أن يتم قراءتها بأسلوب وتفهم بطرح مختلف وتترجم بمنحى آخر، وتنفذ بمحور لا يمت للواقع بصلة. فيوجد أناس يجيدون نثر الكلمات غير المقروءة، ويعزفون ألحاناً على أوتار مقطوعة، معتبرين أن كل من حولهم لن يفهموا سلمهم الموسيقي المعتمد على نوتات مشبوهة والمحزن أنه يبقى آخرون موهومون أنهم لكل الألحان عازفون. فإذا قمنا بعزف القانون أو بالعزف عن القانون فسوف يبقى الجمهور هو الحكم، والذي يقرر لأي مغن سيستمع، وبكلامه يمدح، وبألحانه يطرب، وإن اختلفت وتباينت الأذواق، فالمستمعون هم الذين يحددون أي قانون سيختارون وعلى نغماته يتمايلون.. أليس دائماً على الإذاعات يرددون «بأننا لكل ما يطلبه المستمعون ملبون!».
مع العلم أننا للقانون مطبقون، وللمنطق فاعلين وللعلم تابعين وعن أحكام الشريعة لسنا بغافلين، يعني ليس من داع للوقت تضيعون، وبأوراق من هنا وهناك تجمعون، وعلى جناح طير تحلقون، لتثبتون وتشرحون، وفي المتاهات تدخلون، فأنا ماأزال كغيري من المستمعين جالسين مترقبين لمعرفة من هم للقانون عازفون وأيضاً لمن هم عنه عازفون.
لذلك ليس كل ما نسمعه يكون بمضمونه الحقيقي، ونفهم الكلمات ونمحورها بحسب مفهومنا ومعرفتنا ولكن المقصود بها أمر آخر. فميزة حمل الكلام لأكثر من معنى يعتبر أحياناً كثيرة المنفذ الصامت، فكم من مرة أنقذنا أنفسنا من موقف شرس فقط لمجرد توضيحنا أنه ليس من المذكور هو المقصود وإنما نحن نقصد أمراً آخر، واحتمال كبير أن يقتنع الطرف أو يومئ إلينا بالاقتناع لسبب أن ليس لديه مبرر آخر لإثبات ما فهمه أنه هو المعني والمقصود.
فلا أزال أذكر حينما كنت في العاشرة من عمري وزرت مع والدتي أحداً من الأهل، وخلال الجلسة سالت والدتي الابنة الأكبر لهؤلاء الأهل القاصدين زيارتهم، ماذا تدرسين يا عزيزتي؟ فردت عليها باستحياء «أدرس قانون» فارتسمت على محياي ابتسامة عريضة، لأنني أحب الموسيقى بشدة وخطر في بالي مباشرة أنه لابد لهذه الفتاة الجميلة أنها تعزف مقطوعة موسيقية يمكن أن تزيد على الجلسة مزيداً من المرح. ولكن للأسف مر من الوقت ساعة ولم تتحرك من مكانها إلا فقط عندما أرادت أن تدخل غرفتها، وسألتني حينها إن كنت أود مرافقتها كنوع من أنواع المجاملة. وكي لا أجلس بمفردي مع جموع الكبار وأصاب بالملل.
وبدخولها غرفتها ودعوتي لمرافقتها اعتقدت بأن الوقت قد حان لكي أسمع عزفها بمفردي. ولكن فوجئت بأن الغرفة خالية من أي آلة موسيقية وحتى مزمار صغير من أيام الطفولة. بل وجدت كتباً ومجلدات من جميع الأحجام وإن جمعتها أجدها تفوق وزني بكثير.
الكتب كانت متنوعة بين قانون مدني، وقانون تجاري، وقانون جنائي، وقانون للأحوال الشخصية والمدنية وغيرها. تعجبت في نفسي وسألتها، هل أصبح القانون يحمل الجرائم؟ هل تغيرت طبيعته بعد أن كان مصدراً للسعادة وأداة للأنس؟! كونها أكبر مني فقد علمت أن ما فهمته من قصدها لـ»القانون» غير الحقيقة.
فأنا اعتقدت أنها تدرس عزف «القانون» وإنما الحقيقة هي دراسة مادة القانون أي الحقوق.
وشرحت لي كيف أن القانون مهمته حفظ حقوق الآخرين من أي اعتداءات خارجة عن الأطر المحددة التي تحمي الأشخاص وأن من يخالفها لابد أن تقع عليه العقوبة. شرحت بكلمات لطيفة تتناسب مع عقل فتاة لا يزيد عمرها عن 10 سنوات، وأنهت كلامها بجملة أصعب من شرحها المبسط «فمع الوقت يا عزيزتي سوف تكبرين وتفهمين المعنى الأدق والأشمل للقانون».
وهذا ما حدث وصار، كبرت ولكن للأسف عرفت أن ليس فقط ممكن أن تحمل الكلمة اللفظية أكثر من معنى وإنما الجمل المكتوبة والصريحة والقوانين الموضوعة ممكن أن يتم قراءتها بأسلوب وتفهم بطرح مختلف وتترجم بمنحى آخر، وتنفذ بمحور لا يمت للواقع بصلة. فيوجد أناس يجيدون نثر الكلمات غير المقروءة، ويعزفون ألحاناً على أوتار مقطوعة، معتبرين أن كل من حولهم لن يفهموا سلمهم الموسيقي المعتمد على نوتات مشبوهة والمحزن أنه يبقى آخرون موهومون أنهم لكل الألحان عازفون. فإذا قمنا بعزف القانون أو بالعزف عن القانون فسوف يبقى الجمهور هو الحكم، والذي يقرر لأي مغن سيستمع، وبكلامه يمدح، وبألحانه يطرب، وإن اختلفت وتباينت الأذواق، فالمستمعون هم الذين يحددون أي قانون سيختارون وعلى نغماته يتمايلون.. أليس دائماً على الإذاعات يرددون «بأننا لكل ما يطلبه المستمعون ملبون!».
مع العلم أننا للقانون مطبقون، وللمنطق فاعلين وللعلم تابعين وعن أحكام الشريعة لسنا بغافلين، يعني ليس من داع للوقت تضيعون، وبأوراق من هنا وهناك تجمعون، وعلى جناح طير تحلقون، لتثبتون وتشرحون، وفي المتاهات تدخلون، فأنا ماأزال كغيري من المستمعين جالسين مترقبين لمعرفة من هم للقانون عازفون وأيضاً لمن هم عنه عازفون.