ليس مطلـــوباً أن تتطابـــق مـــواقف وتصريحات الجمعيات السياسية ولكن ليس معقولاً أيضاً أن تبتعد عن بعضها بعد المشرق عن المغرب، فالطبيعي هو أن يكون بينها خطوط عريضة مشتركة.
المتابع لمواقف وتصريحات وبيانات الجمعيات السياسية «وعد والمنبر التقدمي مثلاً» وبيانات «جمعية الوفاق» يكتشف أحد الفوارق بين التيارين وهو المتمثل في القدرة على صياغة التصريحات والبيانات حيث تميل الكفة دائماً إلى غير الوفاق.
هنا مثال قد يغني عن أمثلة أخرى، في موضوع احتمالات ضرب سوريا قال أحدهم معبراً عن موقف جمعيتـــه «غير الوفاقية» «لسنا مع الحرب ضد سوريا.. وندين سقوط المدنيين الأبرياء»، بينمــا قــال الممثل عن جمعية الوفاق في الموضوع نفسه «موقف الحكومة من الحرب في سوريا لا يمثلنا».
أما الفارق بين التصريحين فلا يحتاج إلــى شرح لكنه يكشف الفارق في الخبرة بين الفريقين، فالأول عبر عن رأي الطرف الذي يمثله وأكد حقيقتين هما أن الجمعية التي يتحدث باسمها تقف ضد الحرب على سوريا وفي نفس الوقت ضد سقوط المدنيين الأبرياء بسبب الكيماوي، بينما عبر الثاني عن قلة خبرة فاعتبر نفسه دولة داخل دولة، حتى إنه يمكن ببساطة أن يقال له من أنتم كي تقولوا إن موقف الحكومة لا يمثلكم؟ باعتبار أن موقف الدولة رسمي ولا موقف رسمياً لغير الدولة، وهو موقف ملزم لها ولمواطنيها وإن اختلفوا معها فيه، فهذا هو حال الناس في كل دول العالم.
المتابع لتصريحات الفريقين بعد كل جلسة من جلسات الحوار يكتشف الفارق في الخبرة بين هذين التيارين رغم أنهما يعملان معاً، ما يعين على استنتاج أن الوفاق لا تركن إلى خبرة ولاتزال تتخبط وكأنها تسير في الظلام.
لمن يريد التأكد من هذه الحقيقة ليس عليه سوى أن يضع أمامه بيانين في موضوع يختاره، أحدهما لهذا الفريق والآخر للفريق الآخر ويقارن بينهما، ببساطة سيتبين له كيف يفكر هؤلاء وما ينقص أولئك.
هذا لا يعني أن كل ما تقوله الجمعيات غير الوفاقية صحيح ويوافقها عليه الجميع، تماماً مثلما لا يعني أن كل ما تقوله جمعية الوفاق خطأ ويرفضه الجميع، فالحديث هنا عن فارق الخبرة وسعة الأفق في التعامل مع مختلف المواقف.
ما قاله ممثل الوفاق أمر غير مقبول، فكيف أن موقف الحكومة لا يمثلهم؟ الحكومة تمثل الجميع، سواء اتفقوا معها أم لم يتفقوا. الحكومة في أي بلد تتحدث باسم الدولة، والمواطنون في أي بلد ملزمون بما تتخذه الدولة من مواقف تجاه مختلف القضايا والملفات الخارجية. لا يمكن أن يكون لكل فصيل موقفه، ولا يمكن لكل جهة أن تقول إن ما قالته الحكومة لا يمثلها.
تقديري أن قول الوفاقي هذا في ما يخص موقف الدولة من سوريا يتماشى مع الجو العام الذي تحاول جمعية الوفاق أن تبدو فيه كطرف أساس في الحكم، فبالأمس قالت إنها لا تعترف بقرارات الحكومة منع التظاهرات في العاصمة، وبالأمس أيضاً قالت إن قرار وزير العدل بشأن التواصل مع المنظمات الأجنبية تضعه تحت الأقدام.
تقديري أيضاً أن كل هذا يأتي نتيجة قلة الخبرة وحداثة التجربة، ولعل التواصل مع الجمعيات غير الدينية يعين الوفاق على صياغة تصريحاتها وبياناتها بطريقة صحيحة.
بالمناسبة، لم أفهم المقصود من هذه الجملة التي تضمنتها كلمة المتفوقين في حفل التكريم الذي أقامته الوفاق مساء السبت الماضي وهي «نعاهدكم.. أن نكافح.. ونواصل النضال.. بالعلم والسلم.. حتى يلوح الانتصار». كما لم أفهم قبول الوفاق لها!