ثبــــت أن السياســــة الأمريكيــــة رسمــــت استراتيجيتهـا الجديــــدة للــــدول العربيــــة ولمنطقة الشرق الأوسط على أساس المعلومات التالية:أولاً: إن الأنظمة العربيــة بمجملهــا أنظمـــة هرمة آيلة للسقوط ضعيفة.ثانياً: إن هذه الأنظمة لم تبذل ما فيه الكفاية لمنع أو للتصدي للجماعات الدينية الراديكالية التي هددت أمن الولايات المتحدة الأمريكية. ثالثاً: إن الجماعات الدينية (المعتدلة) لها شعبية كاسحة وسط الجماهير العربية، وهي البديل الأمثل لقيادة منطقة الشرق الوسط بعد سقوط الأنظمة الهرمة المتآكلة.رابعاً: إن التفاهم مع المرشدين الأعليين الشيعي والسني أفضل بكثير من التفاهم مع 22 قيادة لم تستطع أن تكبح جماح الجماعات الدينية التكفيرية المتشددة.كما إن الشعبية الكاسحة لهذه الجماعات من شأنها خلق حالة استقرار في المنطقة وتوازن ممكن احتواؤه.وعلى هذا الأساس تبنت الإدارات الأمريكية سياسة مساعدة الجماعات الدينية للوصول للسلطة فتتولى جماعات الإخوان المسلمين الشمال الأفريقي بقيادة المرشد العام السني، وتتولى جماعة الولي الفقيه الهلال الخليجي بقيادة المرشد الأعلى الشيعي، وقد كان سقوط البحرين من شأنه أن يلجم المملكة العربية السعودية ويجعل لها شوكة في خاصرتها تبقيها تحت السيطرة وتكون نقطة انطلاق جاهزة للانقضاض حين يحين وقت السقوط، مع إبقاء المنطقة الشرقية مشتعلة. تم احتضان وتدريب قيادات تلك الجماعتين في بريطانيا وأمريكا وساهمت دولة قطر وبشكل كبير في التمويل وفي احتضان العديد من تلك القيادات (الشيعية والسنية).منظمات حقوقية وقنوات فضائية وكتاب في صحف بريطانيا وأمريكا تحمسوا كثيراً للفكرة وساهموا وبشكل كبير مع مواقع شبكية افتراضية في خلق ذلك العالم الافتراضي الذي اجتمع فيه كل الطامحين للتغيير من الشباب. ومنذ 2002 بدأ التنفيذ وصرفت أموال تعد بالمليارات استثماراً في هذا المشروع الشرق الأوسطي الجديد.وكاد المشروع أن ينجح ووصل إلى القمة الجبلية بسرعة البرق وخلال عامين فقط، حتى فوجئت الولايات المتحدة الأمريكية أن الأنظمة العربية ليست هرمة بالقدر الذي توقعته، وأن الجماعات الدينية لا تملك الشعبية بالقدر الذي توقعته، هذه الحسابات الخاطئة هي ما جعل العالم الافتراضي الذي خلقته الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع قطر والجماعات الدينية عالماً ينهار في لحظات!فالأنظمة الخليجية التي تبلغ من العمق التاريخي الذي يمتد إلى أكثر من عمر الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك شبكة تحالفات استراتيجية مع شعوبها وتمتلك مخزوناً من الطاقة وحجماً من رأس المال ما يجعلها هي القوة الضاربة مستقبلاً وقد ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر أخطائها في تاريخها حين (تحرشت) بهذه القوة الضاربة في هذا التوقيت.أولاً: المنافسون كثر في المنطقة هناك روسيا وهناك الصين وهناك الشرق الأدنى.ثانياً: هي أحوج ما يكون إلى إنعاش اقتصادها المنهار وهنا يكمن المال وهناك تكمن أنبوبة الأوكسجين.ونتيجة لكل تلك الحسابات الخاطئة سمعت الولايات المتحدة الأمريكية تهديداً هز مكانتها وبين حجم أثرها المتضائل في المنطقة بنبرة لا تتذكرها الأجيال الأمريكية الجديدة ولكن يتذكرها من عاصر الستينات جيداً!!ثالثاً: فوجئت الحسابات الأمريكية بأن هناك ردة فعل قوية شعبية رافضـــة وبشــدة هيمنـة تلــك الجماعـات على شعوب كل الدول التي دعمت فيها أمريكا تلك الجماعات، بدءاً من ليبيـــا إلـــى تونـــس إلى مصر إلى البحريـــن، فوجئت بتكتل شعبي مناهض انتفض يدافع عن مكتسباتــــه المدنية ومكتسباته الحضارية وزاد من النفور العام المناهض لتلك الجماعات الدعم الأمريكي السافر لها مما أسقطها في خانة الخيانة الوطنية ضد الإرادة الشعبية الوطنية.في تصوري أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها في مشروع الشرق الأوسط الجديد، هي إلى الآن في مرحلة الإنكار وفي محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مواقع خسرها طفلها المدلل الذي احتضنته ورعته ومولته (الجماعات الدينية)، لذلك هي تدفع الآن باتجاه التحاور معهم في مصر وفي البحرين تحديداً لإعطائهم حقنة أوكسجين تنعشهم وتمنحهم فرصة التقاط الأنفاس وتنظيم الصفوف من جديد عل وعسى لم تضع الفرصة تماماً!!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90