الجو حار ومشتعل، والدم يغلي في الشريان والحزن مع الألم على الوجه يخيمان، فالأمر ليس سراً ولا في الكتمان، فكل ذلك بسبب ما أتابعه على محطات التلفاز من برامج تافهة ما لها هدف ولا يفهم لها عنوان، محاولة أن أغض نظري قليلاً وأشتت فكري عما أتابعه على المحطات الإخبارية العربية والعالمية الناقلة لما يجري من أحداث دامية في البلدان العربية.
مع أن الحقيقة تقول بأن حال أمتنا قد تمدن الآن وقلّ استخدامنا للتلفاز ليحل محله هاتف ذكي يوضع في الجيب ونتنقل به من مكان إلى مكان. وبتنا نعتمد على الرسالة الإلكترونية المتطايرة علينا من جميع الأنحاء، متمنين أن يكون مضمون الرسالة طازجاً أو أقله خالياً من إضافات أو لم يجر عليه بعض من التعديلات.
ولكن منذ ليلتين اثنتين قطع صمت سكينة المساء؛ صوت رسالة نصية هاتفية لم أُعر لها في البداية اهتماماً، لأنني من العنوان عرفت أنها قديمة وسبق وقرأتها منذ ست سنين، ومن باب المجاملة لمرسلها قلت في نفسي؛ أقرؤها لعلها ترطب الأحزان المهيمنة في الأجواء، ورغم قدمها إلا أنها تحاكي واقع حالنا الآن.
فالرسالة كانت مقالاً للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي تصف زيارتها للعاصمة اللبنانية بيروت الحبيبة عام 2004، وكيف كان أهلها يقابلونها بالترحاب باعتبار أنها تنتمي لبلد المغني الجزائري الشاب خالد، الذي اشتهر بأغنية «دي دي واه»، وليس لبلد سطر أمجاد نصره بدم مجاهديه كالزعيم عبدالقادر الجزائري أو أحمد بن بيلا أو هواري بومدين وغيرهم.
مقالها يصف بحرقة كيف باتت البلاد تنسب لمغنيها «حيث كلمة مطرب صفة تعلو الجيل الفني الهابط» بدل أبطالها ومناضليها ومجاهديها؛ تذكر بحفلاتها الغنائية بدل ثوراتها النضالية.
قرأت الموضوع وبعدها رجعت لمتابعة الأحداث الأليمة في مصر الحبيبة وسوريا العظيمة، وإذ بي أجد نفسي أرد على أسئلة تمثلت بأغنية غنتها المطربة الشابة جوليا بطرس أيام العدوان على لبنان عام 1982، فحينها كنت صغيرة ولا أفقه من الإجابة شيئاً على أسئلتها؛ «وين الملايين.. الشعب العربي وين.. الدم العربي وين.. وين.. وين؟»، فالجواب لم يعد سراً أو في طي الكتمان أو بحاجة إلى مجهر كي نراه بالعيان، والأكثر من ذلك فالجواب على دراية من الأطفال قبل الكبار.
فالملايين ثائرة في الشوارع والطرقات لا تعرف هدوءاً ولا راحة بال، لأن على بالها بالمظاهرات ستحل الأزمات أو في مكان آخر هذه الملايين تراها مرمية أشلاءً في الأزقة والممرات، وتعود وتسأل «الدم العربي وين؟»، وتقصد أين نخوة العرب، وأيضاً الجواب لك حاضراً يا عزيزتي؛ فالدم العربي لقد ثار وانتفض وقال «لا»، ولكن ليس بوجه العدو الصهيوني الذي اغتصب أرضه، إنما بوجه ابن بلده أو حتى جاره أو صديق طفولة قضى معه أجمل أيام عمره على مقاعد الدراسة أو تسلل من بيته خفية في عتمة الليل لينام مع ابن جاره في غرفته، فالدم الأحمر لم يعد يروي الأخضر بطعم الليمون؛ الدم الأحمر أصبح عاراً على من يجيشه ويقف وراءه ويرعى الفتنة بين أفراده.
الدول العربية التي يتمثل شعبها بالملايين من الشام لبغداد مروراً بنجد إلى اليمن إلى مصر ونهاية بتطوان، أغلبها غارقة بالحروب والصراعات والدم والأحزان، جالسة تشاهد شاشات التلفاز، ولم يتغير شيء فنحن لانزال كالأصنام، والعين تدمع والقلب يحزن وإنا على تدهور حالنا لمحزونون.
مع أن الحقيقة تقول بأن حال أمتنا قد تمدن الآن وقلّ استخدامنا للتلفاز ليحل محله هاتف ذكي يوضع في الجيب ونتنقل به من مكان إلى مكان. وبتنا نعتمد على الرسالة الإلكترونية المتطايرة علينا من جميع الأنحاء، متمنين أن يكون مضمون الرسالة طازجاً أو أقله خالياً من إضافات أو لم يجر عليه بعض من التعديلات.
ولكن منذ ليلتين اثنتين قطع صمت سكينة المساء؛ صوت رسالة نصية هاتفية لم أُعر لها في البداية اهتماماً، لأنني من العنوان عرفت أنها قديمة وسبق وقرأتها منذ ست سنين، ومن باب المجاملة لمرسلها قلت في نفسي؛ أقرؤها لعلها ترطب الأحزان المهيمنة في الأجواء، ورغم قدمها إلا أنها تحاكي واقع حالنا الآن.
فالرسالة كانت مقالاً للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي تصف زيارتها للعاصمة اللبنانية بيروت الحبيبة عام 2004، وكيف كان أهلها يقابلونها بالترحاب باعتبار أنها تنتمي لبلد المغني الجزائري الشاب خالد، الذي اشتهر بأغنية «دي دي واه»، وليس لبلد سطر أمجاد نصره بدم مجاهديه كالزعيم عبدالقادر الجزائري أو أحمد بن بيلا أو هواري بومدين وغيرهم.
مقالها يصف بحرقة كيف باتت البلاد تنسب لمغنيها «حيث كلمة مطرب صفة تعلو الجيل الفني الهابط» بدل أبطالها ومناضليها ومجاهديها؛ تذكر بحفلاتها الغنائية بدل ثوراتها النضالية.
قرأت الموضوع وبعدها رجعت لمتابعة الأحداث الأليمة في مصر الحبيبة وسوريا العظيمة، وإذ بي أجد نفسي أرد على أسئلة تمثلت بأغنية غنتها المطربة الشابة جوليا بطرس أيام العدوان على لبنان عام 1982، فحينها كنت صغيرة ولا أفقه من الإجابة شيئاً على أسئلتها؛ «وين الملايين.. الشعب العربي وين.. الدم العربي وين.. وين.. وين؟»، فالجواب لم يعد سراً أو في طي الكتمان أو بحاجة إلى مجهر كي نراه بالعيان، والأكثر من ذلك فالجواب على دراية من الأطفال قبل الكبار.
فالملايين ثائرة في الشوارع والطرقات لا تعرف هدوءاً ولا راحة بال، لأن على بالها بالمظاهرات ستحل الأزمات أو في مكان آخر هذه الملايين تراها مرمية أشلاءً في الأزقة والممرات، وتعود وتسأل «الدم العربي وين؟»، وتقصد أين نخوة العرب، وأيضاً الجواب لك حاضراً يا عزيزتي؛ فالدم العربي لقد ثار وانتفض وقال «لا»، ولكن ليس بوجه العدو الصهيوني الذي اغتصب أرضه، إنما بوجه ابن بلده أو حتى جاره أو صديق طفولة قضى معه أجمل أيام عمره على مقاعد الدراسة أو تسلل من بيته خفية في عتمة الليل لينام مع ابن جاره في غرفته، فالدم الأحمر لم يعد يروي الأخضر بطعم الليمون؛ الدم الأحمر أصبح عاراً على من يجيشه ويقف وراءه ويرعى الفتنة بين أفراده.
الدول العربية التي يتمثل شعبها بالملايين من الشام لبغداد مروراً بنجد إلى اليمن إلى مصر ونهاية بتطوان، أغلبها غارقة بالحروب والصراعات والدم والأحزان، جالسة تشاهد شاشات التلفاز، ولم يتغير شيء فنحن لانزال كالأصنام، والعين تدمع والقلب يحزن وإنا على تدهور حالنا لمحزونون.