يقال إن أحد أسباب تمتع اليابانيين بنسبة عالية عالمياً بطول عمر السكان هو اعتمادهم على أكل السمك، واستخدام صلصة الصويا كثيراً في طعامهم، كما يعتبر اليابانيون من أقل شعوب العالم معانة من مرض السمنة.
الأعمار بيد الله سبحانه، إلا أن هناك فرقاً بين من يأكل دهوناً مشبعة يومياً، وبين من يأكل السمك والصويا والخضروات ويعتمدها كنظام حياة.
بعيداً عن ذلك، وخلال زيارتنا مع وفد الخيرية الملكية إلى قطاع غزة، فإن الطريق من القاهرة إلى القطاع يمر عبر قناة السويس ويتطلب ذلك عبور جسر ضخم للوصول إلى شبه جزيرة سيناء، فقد شيدت شركات يابانية جسراً كبيراً ضخماً بارتفاع عالٍ جداً تمر من أسفله السفن الضخمة، وقدمت اليابان منحة بلغت 60% من تكلفة جسر السلام البالغة 670 مليون جنيه مصري.
ذهبت إلى ذلك لأقول إن ما تقوم به حكومة البحرين من خلال توثيق علاقات الصداقة والتعاون في شتى المجالات مع دول الشرق سيعود بالنفع الكبير على الدولة البحرينية والمجتمع البحريني، وخاصة حين ننمي التعاون الوثيق تجارياً واقتصادياً، على أن نؤسس بشكل صحيح قاعدة للصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر أهم مقومات النهضة الاقتصادية، فقد اتفقت البحرين مع اليابان على تطوير العمل في هذا الجانب وبخاصة في مجال استزراع اللؤلؤ الطبيعي، ومجال استخدام الطاقة الشمسية.
ما قام به جلالة الملك، وسمو رئيس الوزراء، وسمو ولي العهد من زيارات وبناء علاقات قوية مع دول الشرق (اليابان، كوريا الجنوبية، الهند، والصين، وماليزيا وتايلند، وسنغافورة) يعتبر توجهاً مهماً وذكياً في ظل تحول ميزان القوى الاقتصادية العالمية نحو الشرق، ذلك أن من المهم لأي دولة أن تبني علاقات احترام وتعاون مع عدة أقطاب عالمية، فلا يجب اليوم أن نضع (البيض في سلة واحدة) ذلك مكلف وخطر جداً على المدى البعيد، خاصة مع تحول المواقف لدول تربطنا بهم علاقات قوية.
ما تشهده البحرين اليوم من زيارات لرؤساء وزراء اليابان وكوريا لهو محل تقدير من أهل البحرين، فهذا يعطينا انطباعاً كشعب أن علاقات التعاون مع هذه الدولة من شأنها أن تعود بالنفع على الاقتصاد والتجارة، وعلى الأمن الغذائي، وعلى التعاون العلمي والتقني وتبادل الخبرات، وتأهيل الخبرات البحرينية الشابة من خلال الابتعاث للاستفادة من تجارب هذه الدول، فقد اعتمد برنامج طويل المدى لتأهيل المهندسين البحرينيين باليابان.
حرصت على الاطلاع على تفاصيل اتفاقيات التعاون بين البحرين واليابان (أعقبتها اتفاقيات مع كوريا الجنوبية) فوجدت أن هناك اتفاقيات مهمة على مستوى التعاون السياسي، والأمني والدفاعي، وتم الاتفاق على عقد حوار أمني شامل لمناقشة الأوضاع الإقليمية والأمن البحري، ومكافحة الإرهاب، والمساعدة الإنسانية والإغاثية في حالة الكوارث.
كما اتفق مع الجانب الياباني على تعزيز التبادل الدفاعي بما في ذلك تبادل الخبرات على المستوى العلمي، وهذا أمر طيب للغاية ومكسب كبير للبحرين.
هناك أمور لافته كثيرة تحققت في زيارة رئيس وزراء اليابان ومنها الاتفاق على تطوير التعاون في المجالات الزراعية والاقتصادية والبنية التحتية، ومعالجة الصرف الصحي، وإعادة تأهيل خليج توبلي، وإنشاء قمر صناعي للرصد الأرضي.
كما لفت انتباهي موضوع مهم جداً ويمس أهل البحرين وهو الاتفاق على تطوير وتأهيل الكوادر الطبية البحرينية، والاستفادة من اليابان في هذا الجانب، واستقطاب التكنولوجيا اليابانية المتطورة، والاستفادة من الخبرات اليابانية في تطوير الأدوية والأمور الصيدلانية.
ما تطرقت إليه في صدر المقال حول الغذاء الياباني، وجدت أن البحرين أيضاً وقعت اتفاقيات مع اليابان من أجل الاستفادة من الثقافة اليابانية في الغذاء، وإيجاد التعاون مع المؤسسات اليابانية التي تعنى بالتغذية للإسهام في تحسين العادات الغذائية.
ما وجدته من اتفاقيات مهمة بين البحرين واليابان يجعلنا نتفاءل بأن هناك ذكاء في بناء التعاون من الدول الكبيرة والمتقدمة علمياً وصناعياً، غير أن هناك أمراً مهماً للغاية يجب الإشارة إليه، وهو أن على الدولة اليوم أن تضع خارطة طريق لتنفيذ هذه الاتفاقيات، وتفعيلها، والعمل على تحريك وتيرة العمل للإنجاز، هذا هو المطلوب، «وزراء البيروقراطية» يجب أن يحاسبوا، فهذا يشوه صورة البحرين.
فلا ينبغي اليوم أن نجعل الاتفاقيات حبيسة الأدراج، بل يجب أن تكون هنا خطة واضحة وسريعة لتنفيذ الاتفاقيات حتى لا يشعر الآخرون أن البطء والتعطيل يقع في الجانب البحريني.
فكرة الاتجاه شرقاً، وتنويع التعاون مع الدول الكبيرة والمتقدمة يسعد أهل البحرين، هذا مطلوب وبقوة، ويجب أن نعمل على تحقيق إنجازات على الأرض من هذه الاتفاقيات.
هذه الزيارات من رؤساء وزراء دول الشرق تشكل أيضاً ضربة قوية لمن لا يحب البحرين، ويعمل على تشويه صورتها بالخارج بأخبار ملفقة وكاذبة، بينما الواقع في البحرين يختلف تماماً عما يروجه أصحاب النفوس المريضة والخائنة.
من المهم لنا كشعب في البحرين أن نرى تقدماً يحرز في الجانب الصناعي والزراعي والعلمي والدفاعي والأمني، والطبي، كلها مجالات مهمة ونتمنى أن نرى ما يتحقق على الأرض فعلياً ويصب في صالح المواطن والاقتصاد البحريني.