لا يمكن اليوم فصل موضوع الأزمة بالبحرين عما يجري بالخارج إقليمياً ودولياً، المؤامرات لا تتوقف، المشروع الأمريكي الذي ظن الأمريكيون أنه سينجح بالبحرين في 2011 قائم، ومازالت تدفع به أمريكا من خلال سفيرها.
لكن الهدف ليس البحرين فحسب، وإنما هو السعودية العمود الفقري للخليج وللوطن العربي والإسلامي، هذا هدفهم، غير أن السعودية لعبت بأوراق ولعبت «سياسة وصفقات» بشكل جيد، مما جعل الأمريكيين في حيرة بل وترقب تحسباً لرد الفعل السعودي خاصة حين أظهرت السعودية وجهاً آخر لأمريكا.
مازالت أمريكا تخشى القاعدة، وقد قدمت السعودية عملاً كبيراً في تطويق القاعدة داخل وخارج السعودية، لكن أيضاً يخشى الأمريكيون أن تكون القاعدة أيضاً ورقة مساومة لدى السعودية تستطيع اللعب بها وقتما تشاء، كما تضع أمريكا ملف البحرين أو غيرها من الملفات كورقة مساومة ضد السعودية.
أيضاً ما تسرب من أنباء حول امتلاك السعودية لأسلحة غير تقليدية، خاصة أنها تمتلك علاقة قوية مع باكستان، وما يترتب على هذه العلاقة من تسريبات تقول إن «السعودية تمتلك سلاحاً نووياً وتستطيع استخدامه إذا ما أرادت، أو حاولت أطراف في المنطقة أن تظهر أنها تملك سلاحاً رادعاً لا يملكه أحد».
الوضع الداخلي في البحرين حتى وإن أصبح جيداً جداً بفعل الخطوات التي أتخذت، كان آخرها الأحكام على 50 شخصاً من تنظيم 14 فبراير، إلا أن البحرين لم تحسم الأمر نهائياً، وتركت الباب مواربا، ولذلك حسابات كثيرة، منها ما يحدث في الخارج من ضغوط على البحرين.
لكن السؤال هنا، إلى متى ستتحمل البحرين كلفة حسم موضوع الإرهاب والأزمة؟
كم هي الكلفة السياسية و»الاقتصادية وهي الأهم» والاجتماعية على الجبهة الداخلية نتيجة لتأجيل حسم الأزمة؟
إلى متى تستطيع البحرين تحمل هذه الكلفة؟
كلها أسئلة تراود الناس خاصة الذين تأثروا كثيراً بالوضع الاقتصادي من بعد الأزمة، فهل تأجيل الحسم إلى فترة مقبلة انتظاراً للمتغيرات الدولية والإقليمية هو ما تسعى إليه البحرين، ومن بعد ذلك بالإمكان حسم موضوع الإرهاب، وحسم موضوع الحوار وغيره من الأمور؟
هل تأجيل الحسم أيضاً ألقى بتبعاته على البحرين وأخذت أمريكا من خلال مشروعها وسفيرها إلى الضغط على البحرين وقتما تريد؟
وهناك أيضاً تساؤل آخر، هل أمريكا أستخدمت خطاب أوباما للضغط على البحرين من بعد ما شعر الأمريكيون أن هناك سياسة بحرينية سعودية وخليجية بالتحالف مع بريطانيا، والتحالف مع القوى الصاعدة في آسيا، ولذلك جاء الخطاب على هذا النحو حاجة في نفس أوباما والسياسة الأمريكية؟
من دون شك لا يمكن لنا أن نرى الصورة كاملة، ولا يمكن لنا أن نعرف أموراً كثيرة تجرى خلف الكواليس لكن الكاتب يقرأ المؤشرات التي أمامه، قد يصيب وقد يخطئ بينما هناك مؤشرات لا يمكن تجاهلها.
تصريحات السفير الأمريكي السابق في البحرين أظهرت أن هناك انزعاج من السياسة الأمريكية بالمنطقة داخل أمريكا، كما أن هذا الضعف في سياسة أوباما الذي يقال عنه إنه متردد دائماً، أوجد شعوراً خليجياً وعربياً وإقليمياً من أن أمريكا لم تعد أمريكا، ولا يجب أن تفعل الحكومات العربية والخليجية كما كانت في السابق حين كانت أمريكا تأمر فتطاع.
كل هذا المشهد يلقي بظلاله على الداخل، فحين خطب أوباما ودجال لبنان بالتزامن وخرجت تصريحات إيرانية أيضاً في ذات الوقت، استنفر أتباع إيران في البحرين وحشدوا لمسيرة فاشلة حاولوا تضخيمها ولم يستطيعوا فمساحة الشارع وطوله معروفان، ولا يمكن التدليس في رقم المتظاهرين، إلا أن ما جاء في خطاب أوباما شجعهم، وحفزهم من بعد هزائم وخيبات وانكسارات.
ترك الأزمة دون حسم في البحرين يعطل أموراً كثيرة، ويؤثر أكثر ما يؤثر على الاقتصاد، وهو شريان الحياة لأي دولة، لذلك كانت الكلفة عالية على مدى ما يقارب الثلاثة أعوام، ومن يعملون في هذا القطاع والقطاع المصرفي يتمنون لو أن موضوع الإرهاب والأزمة يحسم سريعاً، حتى لا يتأثر السوق أكثر.
بينما الصورة الكبيرة أيضاً تقول إن هناك حسابات وهناك مؤامرات، وهناك تحين لما يجري في البحرين من أجل استغلاله ضد البحرين، وهذا ما أخر قرار حسم الأزمة انتظاراً للمتغيرات الدولية، ولا يخفى على أحد ما لأزمة سوريا من تأثير على البحرين بشكل خاص.
لكن الأكيد الذي يجب أن تعمل عليه السياسة البحرينية هو أن أمريكا لم تعد أمريكا، ولا ينبغي الخضوع لأملاءاتها التي هي إملاءات خونة الداخل، فالجبهة الداخلية البحرينية أيضاً لها حسابات، وهناك من صبروا كثيراً، حباً واحتراماً لقرارات الدولة، لكن صبرهم لا يمكن التنبؤ بمداه، خاصة أن بعض التسويات جاءت على حسابهم، فلا ينبغي أن نخطئ في حساب الأمور داخلياً، ونعطي ما نعطي بناء على طلبات خارجية، بينما هناك شارع يصمت، لكن صمته مخيف..!
** سري للغاية..!!
تحدثت أمس الأول إلى أستاذ في تاريخ البحرين، وقد أخبرني أن لديه دراسة مستفيضة عن تاريخ آثار البحرين، وكان أيضاً هذا الأستاذ يعمل في قطاع التنقيب عن الآثار لفترة من الزمن، فروى لي حادثة خطيرة إذ قال: «خلال عملنا في مسجد الخميس اكتشفنا منحوتات صخرية عديدة منها ما هو موجود في متحف البحرين، وكانت كل هذه المنحوتات تدل على تاريخ المسجد ومن الذي بناه ومن الذي كان يصلي فيه، حتى أن هناك منحوتات بأسماء أئمة المسجد، وكانت جميع هذه المنحوتات تدل على أن المسجد كان يرفع فيه الأذان خمس مرات في اليوم..!!
لكن المهم في موضوع الأخ الأستاذ في تاريخ البحرين أنه قال كلاماً خطيراً، وهو أنهم اكتشفوا خلال عملهم في موقع المسجد أن هناك منحوتات تمت تغطيتها «بالجس» لإخفاء تاريخ المسجد ومن تعاقبوا عليه، وكانت أكثر من منحوت صخري تم تغطيته بالجس وكان القصد مسح وإخفاء هوية وتاريخ المسجد.
غير أن السؤال هنا: كم مرة فُعل هذا الأمر في أكثر من موقع أثري بحريني؟
حتى التاريخ والآثار تسللت لها أيادٍ لا تنوي خيراً للبحرين؟
نحن نقرع الجرس، وهناك من يسمع ولله الحمد، وهناك من به صمم..!!