كم تحدثنا وكم كتبنا وكم كررنا عما يحدث في «تمكين» ودهاليزها، ولكن مع الأسف لازالت «تمكين» كما كانت! ولازالت «تمكين» المعول الذي لم يتوقف في دق عظام الاقتصاد الوطني، الذي منه كسر ظهر المستثمرين، والمقابل أموال تهدر دون مردود اقتصادي لا على الدولة ولا على المستثمرين ولا على المواطنين، أنها مؤسسة «هبات»، تهب أصحاب المعاهد والدكاكين الذين ليس عليهم إلا تطبيق المثل الذي يقول «من عنده حيلة فليحتال».وها نحن اليوم نقدم للدولة وأصحاب القرار مثالاً عما يحصل في «تمكين» بالدليل الدامغ وهو «برنامج دعم حضور المؤتمرات»، ففي تاريخ 26 سبتمبر 2013، أقامت «تمكين» مؤتمراً لمدة 4 ساعات في أحد فنادق البحرين تحت اسم «دور رأس المال البشري»، وكان المحاضرون أساتذة من الجامعة الأهلية وبحضور رئيس الجامعة نفسه من أول المحاضرة حتى كرم مدرسيه وسلمهم الدروع، وندخل الآن في التكلفة لهذا المؤتمر، حيث بلغت 375 ديناراً للفرد، تدفع تمكين 300 و75 تدفع من قبل المشارك، إلا أن في هذا المؤتمر لم يطلب من المشاركين الدفع، حيث أبلغوا أن الجهة المسؤولة عن هذا المؤتمر ستتكفل بباقي المبلغ ولم يعطوا مزيداً من التفاصيل، وكان عدد المسجلين حسب البرنامج 200 مشارك، إلا أن العدد ارتفع إلى ما يزيد على 300 مشارك، نأتي إلى الخلاصة التي سنأخذ فيها أقل عدد تقديري للحضور وهو 300 مشارك في 300 دينار وهي حصة تمكين لكل فرد، الناتج إذاً سيكون 90 ألف دينار، والمبلغ قابل للزيادة إذا كان العدد أكثر من 300 مشارك، وقد كان عدد أبناء الفاتح المشاركين لا يزيد عن 10 متدربين!!أما جدول «برنامج دعم حضور المؤتمرات» للفترة فقط من 4 سبتمبر حتى 11 ديسمبر،23 مؤتمراً، ومدة المؤتمر تتراوح بين اليوم واليومين أي من 4 ساعات إلى 8 ساعات، وقد تفاوتت كلفة المؤتمر للمشارك فمنها 830 وأخرى 700 و 500 وأقل، أما أسماء المعاهد فهي معاهد منها أو الكثير منها غير معروف، وبعد التقصي السطحي وجد أن أحد المعاهد المشاركة في هذه المؤتمرات لا يتعدى مبناه عن شقة وسكرتيرة ترد على التليفون، ومعهد آخر أجاب أجنبي على التليفون وبعد الدردشة معه قال هذا المعهد بدعم «تمكين»، وسألته عن عدد الحضور للمؤتمر المبين في الجدول فقال العدد التقريبي 500 ثم قال لا.. 150 بحرينياً والباقي من دول الخليج، كما إن هناك معهداً آخر باسم سيدة من الاسم يبدو بحرينية ولكنها تعيش في الخارج كما ذكرت على موقعها، ومعهد آخر نصيبه تقريباً حسب إفادة الموظف الذي رد على الهاتف 15 دورة تقريباً في السنة، وصاحب المعهد هو مدير سابق في وزارة العمل، يعني بيت القصيد قد تكون هذه المعاهد التي ذكرها تقرير الرقابة المالية، بأن إدارة «تمكين» تعاقدت مع معاهد ليس لديها ترخيص بعد ولا مبنى!!هذا يحصل في الوقت الذي فيه يعامل أصحاب الشركات الرائدة في البحرين والمؤسسات المعروفة أسوأ معاملة، فقد ذاقوا صنوف العذاب من هيئة سوق العمل في تلك الفترة، برغم ما يدفعون من ضرائب تسببت بخسارة كبيرة لهم، ومنهم من أغلق أبواب مؤسساته بعد إفلاسه، وقد يكون منهم في السجون، فهناك شركات لشخصيات معروفة قد تعثرت، أولاً بسبب الأوضاع الأمنية، وثانياً بسبب الضرائب التي فرضتها هيئة سوق العمل، وتعطيل معاملتهم، وعدم حصولهم على فرص للمشاريع في البحرين لاحتكارها من قبل بعض الشركات التي تحتكر المشاريع بكافة أنواعها من المؤسسات الحكومية والشركات الوطنية، وحل مكانها محلات ورد ومطاعم وعبايات وصالونات تجميل وغيرها من دكاكين صغيرة انتشرت حتى زاحمت السيارات في شوارعها، وذلك من الدعم السخي الذي تقدمه «تمكين» دون حساب ولا كتاب، ولا استراتيجية ولا رؤية اقتصادية.إن المبالغ الطائلة التي تدخل ميزانية «تمكين» هكذا تصرف.. بين دعم «دكان حلاوة»، وبين مؤتمر، وغيرها من برامج ترقيعية وهبات لهذه المؤسسة وأخرى، وناهيك عن تحمل «تمكين» إيجارات المعارض في البحرين وفي الخارج التي تشارك فيها المؤسسات والمحلات بمختلف بضاعتها حتى منها المؤسسات التي تصفي مخزوناتها.ونرجع إلى مكاسب المعاهد ونأخذ على سبيل المثال فإذا فرضنا أن نصيب أحد المعاهد من 15 مؤتمراً، فكم تدفع «تمكين» لهذا المعهد في كل مؤتمر، إذا كان عدد الحضور 300 أو أكثر ونأخذ مثال 500 دينار ولن نقول 800 دينار مثل معهد الفتاة البحرينية في الخارج، إذاً «تمكين» ستدفع 150000 دينار في 15 مؤتمراً يكون الناتج 2250000 دينار، لكم أن تتصوروا معهد صغير قد لا يزيد حيزه عن شقة وموظف، تفوق أرباحه أرباح شركات وطنية كبرى تعمل في مجال الهندسة والبناء، ومنها مع الأسف شركات أفلست وأغلقت أبوابها وسرحت موظفيها، أو شركة أخرى انتقلت بمشاريعها إلى دول خليجية أخرى ترحب برجال الأعمال وتقدم لهم كافة التسهيلات، دول خليجية تقدر قيمة المستثمر، لا دولة تغلق أبواب مؤسساتها في وجوههم وتعاقبهم بفرض ضرائب، يتم تحويلها إلى مؤسسة توزع فيها مئات الآلاف من الدنانير كأنها محارم ورقية.هذه حقائق وليس خيالاً، حقائق موجودة في موقع «تمكين»، حقائق بشهادة شهود وهم أبناء الفاتح الذين انصدم البعض منهم وخرج دون أن يتناول وجبة الغداء، حقائق مؤلمة تفجر قلوب شرفاء الوطن الذين يتألمون لآلام الوطن، الذين تعتصر قلوبهم حزناً عندما يشاهدون الاقتصاد البحريني وهو الرائد الأول ليس على مستوى دول الخليج العربي بل على مستوى الشرق الأوسط، يصبح هذا الاقتصاد اليوم تحت رحمة «تمكين» وهيئة سوق العمل، فالمسألة وصلت لمرحلة خطيرة، تعدت مرحلة الفساد الإداري والمالي الذي ذكرته تقارير الرقابة المالية، وأننا نتمنى من أصحاب القرار إعادة النظر في الجدوى من وجود «تمكين» الذي لم ينتج عنها إلا يأس التجار والمستثمرين وهروبهم من البحرين، والنظر في رسوم الاستقدام، والبحث عن وسائل تحفز الاستثمار وتشجع عودته مرة أخرى، وإيجاد حلول للعمالة السائبة التي تفاقمت أضعاف مضاعفة بسبب قوانين هيئة سوق العمل التي فتحت باب الاستقدام، وذلك من أجل زيادة ميزانية «تمكين» لأهداف محسوبة سياسية، حسبتها الدولة بحسن نية، ولكن الطرف الآخر كان يقصد ماذا تعني «تمكين».شكر وتقدير:لا ننسى هنا أن نرجع الفضل لأهله، إذ نتقدم بالشكر والتقدير لصاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء الموقر لتجميده رسوم العمل، ووقفته المشرفة مع المستثمرين، وكما نتمنى إلغاءها نهائياً رأفة بالاقتصادي البحريني ما قبل هيئة سوق العمل، كما نود أن نذكر هنا بأن هناك من أصحاب الشركات الوطنية التي ساهمت في النهضة العمرانية في البحرين، اليوم يجرون إلى المحاكم بسبب التراكم السابق لرسوم هيئة سوق العمل، إذ نتمنى من الدولة أن ترفع الظلم عنهم.