قد يكون من المتأخر جداً أن تحاول الإدارة الأمريكية الرد على تصريحات الجنرال المتقاعد، والذي اتهم في تصريحاته واشنطن بسعيها لزعزعة أمن واستقرار البحرين ومصر.
ليس القصد عدم جدوى التفاعل الأمريكي بشأن قضايا المنطقة، ولكن القصد أن واشنطن انتقلت من الأفعال إلى مرحلة ردود الأفعال. وهناك فرق كبير بين المرحلتين، ففي الأولى كانت الأفعال الأمريكية مؤثرة وتؤثر على أوضاع المنطقة، وكانت تقوم على تنفيذ الأجندة. أما المرحلة الثانية فإنها تعتمد على ردود الأفعال، وبالتالي انشغال الإدارة الأمريكية باستمرار بتبرير سياساتها هنا وهناك حول هذه القضية أو تلك.
في حالة الخليج بدون الأمريكان فإنه من الطبيعي أن تتكتل دول مجلس التعاون الخليجي، وتبحث عن شركاء وحلفاء إقليميين لمواجهة تراجع النفوذ الأمريكي وما يمكن أن ينتج عنه من تهديدات وتحديات.
وتبدو الخيارات محدودة جداً. ولكنها واضحة، وفي نفس الوقت تتسم بتناقض شديد!
الخيارات تشمل شراكات وتحالفات بطريقة (6+4) بحيث تكون دول مجلس التعاون الخليجي مع أربع أطراف رئيسة في الشرق الأوسط تضم كلاً من الأردن والمغرب من جهة، ومصر وتركيا من جهة أخرى.
ما يميز الشراكة مع الأردن والمغرب التجانس في شكل النظام السياسي وتركيبة المجتمع والخبرات المشتركة. وما يدعم هذا الاتجاه قرار مجلس التعاون بإقامة شراكة مع هاتين الدولتين إثر حالة عدم الاستقرار التي عمت المنطقة بعد الثورات العربية الأخيرة.
الأردن والمغرب رغم ما تمران به من تحديات اقتصادية، إلا أنهما بحاجة إلى دعم خليجي مستمر، ويمكن الاستفادة مما تمتلكانه من قوة بشرية في مجالات عدة، وضخ استثمارات هائلة هناك مع ما تتمتعان به من فرص واعدة.
أما بالنسبة لمصر، فإنها بعد التطورات الأخيرة تشكل عمقاً لدول مجلس التعاون الخليجي. وهناك قناعة خليجية استراتيجية بضرورة دعم القاهرة والحفاظ على شراكتها.
تتقاطع المصالح الخليجية - التركية كثيراً بعد الثورات العربية، ودليل ذلك المواقف المشتركة بين الجانبين تجاه العديد من القضايا. ولكن التحدي يتمثل في كيفية الشراكة مع مصر وفي نفس الوقت تركيا بعد التطورات الأخيرة. وهو ما يدفع إلى تساؤل بشأن جدوى الشراكة الجماعية أو الشراكات الأحادية؟
في ظل المعطيات الراهنة، مع احتمالات بروز حالة الخليج بدون الأمريكان، فإن الخيار الأنسب هو إطلاق الشراكات الأحادية تفادياً لتضارب المصالح، وما يمكن أن ينتج عن حالة الخليج بدون الأمريكان.