على واجهة الجامعة الأمريكية في بيروت كتبت عبارة منقوشة في قلب الحجر لتظل عبرة لكل صاحب عقل وبصيرة ونظر، والعبارة تقول «غرسوا فأكلنا.. ونغرس فيأكلون»! وعلى بساطتها فالعبارة تختصر قانون العطاء الجامعي في كل زمان ومكان.. يغرس السابقون ليأكل اللاحقون، وهكذا إلى أبد الآبدين.
العبارة الخالدة «غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون» كنت أقرأها قبل أيام في فكر وحديث الصديق العلامة الدكتور إبراهيم جناحي رئيس جامعة البحرين، عندما التقيته في مكتبه، فكان جُلُّ حديثه عن الدور الوطني للجامعة، وكيف يمكن للجامعة أن تكون مشعل نهضة ونبراس تنمية قبل أن تكون مصدر تعليم، بل كيف يمكن للجامعة أن تكون بوتقة جهود وحراكات وطنية تتماثل فيها وحدة البحرين وروحها وطيبتها وعطاؤها ورسالتها الحضارية؟!
تحدث الدكتور إبراهيم جناحي عن العلاقة بين الجامعات ومؤسسات التشريع في البلدان والدول التي سبقتنا إلى هذه الميادين، فتوقف طويلاً عند علاقة الشراكة في البحث والدراسة والاستقصاء، وكيف يسعى أعضاء المجالس التشريعية والدستورية إلى رحاب الجامعات ليستفيدوا من دراساتها وبحوثها وتجاربها واختباراتها، وكيف يمكن للجامعات أن تشكل سنداً علمياً وأكاديمياً وبحثياً لرجال التشريع والقانون وممثلي الأمة في كافة أعمالهم ومهامهم الوطنية، وهو دور أعتقد أننا نفتقد إليه كثيراً ونحتاج إليه كثيراً في البحرين، حيث تكاد العلاقة معدومة كلياً بين مجلسي الشورى والنواب من جهة وجامعة البحرين من جهة ثانية، وفي هذا الصدد فلعلي أسعى مع عدد من الزملاء والزميلات في مجلس الشورى إلى المبادرة لفتح باب للتعاون بين المجلس والجامعة في القريب العاجل إن شاء الله.
أما النطاق الأكثر أهمية واتساعاً وشمولية، وأعني دور ومسؤولية الجامعة في خدمة المجتمع البحريني، ووصول الجامعة بمقدراتها وبرامجها وعلومها إلى القرى والمناطق البحرينية، باعتبارها شريكاً وطنياً للجهود البناءة، ومسانداً وطنياً للمبادرات الهادفة، فلدى الدكتور إبراهيم جناحي ما يشبه الحلم العظيم في تحقيق ما يمكن وصفه بـ «المسؤولية الاجتماعية الوطنية للجامعة»، والرجل يحمل ما هو أكبر من الحلم في هذا الصدد، ولكنه بالتأكيد لا يستطيع تحقيقه وحيداً ومن دون تعاون حقيقي ومشاركة واعية وحصيفة، سواء من أبناء القرى والمناطق وكذلك وجهاؤها ونوابها وممثلوها الشعبيين، أو من المسؤولين في بعض أجهزة الدولة الخدمية، أو حتى من المعنيين في جامعة البحرين نفسها، فهذا النوع من الأعمال والمبادرات يتطلب الإيمان به والتماهي معه أولاً، كما يتطلب الكثير من الصبر، لأنه يتضمن الكثير من المعاناة، والكثير من عدم فهم الآخر أيضاً وربما اعتراضه ومناهضته، ولكن وكما أكد لي الدكتور جناحي فهو يدرك هذه الصعوبات ويتوقع الكثير منها ربما، غير أن الصعوبات يجب أن لا تشكل مانعاً من العمل العام الموجه للوطن ويجب أن لا تحول بيننا وبين الإنجاز في سبيل خير الوطن وتطوير أبنائه ومناطقه وتجمعاته السكانية.
والواقع أن العلاقة بين جامعة البحرين (باعتبارها أم الجامعات) والمجتمع البحريني في المناطق الشعبية على نحو خاص، لا يمكن أن تكتمل إلا إذا كانت علاقة تبادلية وتشاركية؛ أي أن تستفيد المناطق والأهالي من برامج الجامعة، وأن تستفيد الجامعة أيضاً من هذه المبادرات، بما يضيف إلى سجلاتها الوطنية والأكاديمية على حد سواء، نريد علاقة حقيقية بين الجامعة والبلديات، وبين الجامعة والمحافظات، وبين الجامعة والمجالس الأهلية، وبين الجامعة والمساجد والمآتم، وبين الجامعة والصناديق الخيرية والنوادي المناطقية، ونريد أن نتوسع في رؤية الدكتور إبراهيم جناحي وحلمه ومبادراته لتشمل جامعات أخرى ومعاهد حكومية وخاصة، إنها سلسلة من العمل الوطني المشترك والمبادر، سلسلة من عشاق الوطن ومحبي البحرين والمخلصين لها ولرسالتها وشعبها وتاريخها، سلسلة من المحبة والعطاء نرجو أن نكون كلنا جزءاً منها، لأن العمل من أجل البحرين شرف وخدمة أهلها ومجتمعاتها مسؤولية.
وختاماً، فللصديق والمربي والعالم البحريني الدكتور إبراهيم جناحي كل المحبة والتقدير على هذه الروح الوطنية والعقلية الفذة التي تكمن فيها مستويات عليا من المبادرة والمثابرة ومواجهة التحديات في سبيل رفعة البحرين ونهضتها وتطورها، ولجامعة البحرين وافر التقدير والإجلال على دورها الوطني الكبير؛ ليس في التعليم فقط وتخريج الأجيال المتعلمة والمثقفة، بل في تكريس نفسها صرحاً للعلم والعمل والمبادرات الخلاقة من أجل البحرين.
{{ article.visit_count }}
العبارة الخالدة «غرسوا فأكلنا ونغرس فيأكلون» كنت أقرأها قبل أيام في فكر وحديث الصديق العلامة الدكتور إبراهيم جناحي رئيس جامعة البحرين، عندما التقيته في مكتبه، فكان جُلُّ حديثه عن الدور الوطني للجامعة، وكيف يمكن للجامعة أن تكون مشعل نهضة ونبراس تنمية قبل أن تكون مصدر تعليم، بل كيف يمكن للجامعة أن تكون بوتقة جهود وحراكات وطنية تتماثل فيها وحدة البحرين وروحها وطيبتها وعطاؤها ورسالتها الحضارية؟!
تحدث الدكتور إبراهيم جناحي عن العلاقة بين الجامعات ومؤسسات التشريع في البلدان والدول التي سبقتنا إلى هذه الميادين، فتوقف طويلاً عند علاقة الشراكة في البحث والدراسة والاستقصاء، وكيف يسعى أعضاء المجالس التشريعية والدستورية إلى رحاب الجامعات ليستفيدوا من دراساتها وبحوثها وتجاربها واختباراتها، وكيف يمكن للجامعات أن تشكل سنداً علمياً وأكاديمياً وبحثياً لرجال التشريع والقانون وممثلي الأمة في كافة أعمالهم ومهامهم الوطنية، وهو دور أعتقد أننا نفتقد إليه كثيراً ونحتاج إليه كثيراً في البحرين، حيث تكاد العلاقة معدومة كلياً بين مجلسي الشورى والنواب من جهة وجامعة البحرين من جهة ثانية، وفي هذا الصدد فلعلي أسعى مع عدد من الزملاء والزميلات في مجلس الشورى إلى المبادرة لفتح باب للتعاون بين المجلس والجامعة في القريب العاجل إن شاء الله.
أما النطاق الأكثر أهمية واتساعاً وشمولية، وأعني دور ومسؤولية الجامعة في خدمة المجتمع البحريني، ووصول الجامعة بمقدراتها وبرامجها وعلومها إلى القرى والمناطق البحرينية، باعتبارها شريكاً وطنياً للجهود البناءة، ومسانداً وطنياً للمبادرات الهادفة، فلدى الدكتور إبراهيم جناحي ما يشبه الحلم العظيم في تحقيق ما يمكن وصفه بـ «المسؤولية الاجتماعية الوطنية للجامعة»، والرجل يحمل ما هو أكبر من الحلم في هذا الصدد، ولكنه بالتأكيد لا يستطيع تحقيقه وحيداً ومن دون تعاون حقيقي ومشاركة واعية وحصيفة، سواء من أبناء القرى والمناطق وكذلك وجهاؤها ونوابها وممثلوها الشعبيين، أو من المسؤولين في بعض أجهزة الدولة الخدمية، أو حتى من المعنيين في جامعة البحرين نفسها، فهذا النوع من الأعمال والمبادرات يتطلب الإيمان به والتماهي معه أولاً، كما يتطلب الكثير من الصبر، لأنه يتضمن الكثير من المعاناة، والكثير من عدم فهم الآخر أيضاً وربما اعتراضه ومناهضته، ولكن وكما أكد لي الدكتور جناحي فهو يدرك هذه الصعوبات ويتوقع الكثير منها ربما، غير أن الصعوبات يجب أن لا تشكل مانعاً من العمل العام الموجه للوطن ويجب أن لا تحول بيننا وبين الإنجاز في سبيل خير الوطن وتطوير أبنائه ومناطقه وتجمعاته السكانية.
والواقع أن العلاقة بين جامعة البحرين (باعتبارها أم الجامعات) والمجتمع البحريني في المناطق الشعبية على نحو خاص، لا يمكن أن تكتمل إلا إذا كانت علاقة تبادلية وتشاركية؛ أي أن تستفيد المناطق والأهالي من برامج الجامعة، وأن تستفيد الجامعة أيضاً من هذه المبادرات، بما يضيف إلى سجلاتها الوطنية والأكاديمية على حد سواء، نريد علاقة حقيقية بين الجامعة والبلديات، وبين الجامعة والمحافظات، وبين الجامعة والمجالس الأهلية، وبين الجامعة والمساجد والمآتم، وبين الجامعة والصناديق الخيرية والنوادي المناطقية، ونريد أن نتوسع في رؤية الدكتور إبراهيم جناحي وحلمه ومبادراته لتشمل جامعات أخرى ومعاهد حكومية وخاصة، إنها سلسلة من العمل الوطني المشترك والمبادر، سلسلة من عشاق الوطن ومحبي البحرين والمخلصين لها ولرسالتها وشعبها وتاريخها، سلسلة من المحبة والعطاء نرجو أن نكون كلنا جزءاً منها، لأن العمل من أجل البحرين شرف وخدمة أهلها ومجتمعاتها مسؤولية.
وختاماً، فللصديق والمربي والعالم البحريني الدكتور إبراهيم جناحي كل المحبة والتقدير على هذه الروح الوطنية والعقلية الفذة التي تكمن فيها مستويات عليا من المبادرة والمثابرة ومواجهة التحديات في سبيل رفعة البحرين ونهضتها وتطورها، ولجامعة البحرين وافر التقدير والإجلال على دورها الوطني الكبير؛ ليس في التعليم فقط وتخريج الأجيال المتعلمة والمثقفة، بل في تكريس نفسها صرحاً للعلم والعمل والمبادرات الخلاقة من أجل البحرين.