حينما تقول بأنني أمارس سياسة «الباب المفتوح» وأنني أتعامل بشفافية ووضوح ولا أملك ما أخفيه، هذا لا يعني بأن كل الأطراف التــي ستحــاول أن تعبــر «بابــك المفتــوح» ستتعامــل معك بنفس «الروح» أي بالشفافيــة والمصداقية والعدل.
من أكبر الأخطاء التي وقعت فيها الدولة وكان بفعل أشخاص «مشكوكي الولاء» للوطن مسكوا مناصب هامة وحساسة، هي عملية «جر» الدولة جراً وإيقاعها في مصيدة توقيع اتفاقيات وتفاهمات ومواثيق نجد أن دولاً كبيرة ولها تاريخ في الممارسة الديمقراطية والحريات لم تقبل التوقيع عليها لسبب بسيط جداً أن هذه التوقيعات تفتح «أبواباً خلفية» لمن يريد استغلالها والدخول من خلالها لهذه الدول لينفذ خططاً ما أو أجندة معينة.
هذا القول لا يعني بأن الدول ليس ضرورياً أن تنخرط في إطار العمل المؤسساتي الدولي عبر أجهزة الأمم المتحدة مثلاً أو التحالفات الإقليمية، لكن الحكمة تكون بمراعاة مصلحة الدول أولاً والحرص على ألا تتخلى الدولة عن سيادتها في شأن حقها الصرف بتطبيق القوانين وتفعيل أنظمتها الداخلية.
للأسف من كان يمسك منصباً هاماً في السابــق في الخارجية تعمد «إغراق» البحريــن في توقيعات على مثل هذه الشاكلة، كان يطرز العملية ويخرجها بشكل جميل وبألوان زاهية بينما في داخلها مضامين خطرة أهمها قبول البلد بأن تكون «مزاراً» مفتوحاً لمن يريد، و«ساحة لعب» لمن يتطلع لتنفيذ أجندة معينة. مثل هؤلاء لم يكن مستغرباً أن يكشفوا وجههم الحقيقي ساعة الصفر ليصلوا لمنظمات دولية ليقدموا شكاوى على البحرين.
أيضاً في قطاعات أخرى، نجد من يستميت لتشويه صورة البحرين وإغراقها في مزيد من التواقيع، بينما الجهة التي يفترض أن تتصدى له بالقانون تطلق تصريحات إعلامية فقط لـ«الشو» وبيان أنها تقوم بدورها، بينما الفعل غائب تماماً بقصد وتعمد ليترك المجال لمن «يتقهوى» عند هؤلاء ليفعل ما يفعله بحق البحرين.
حتى في مجال حقوق الإنسان ظن بعضهم أن الإنجاز هو بكثرة دفع البحرين للإمضاء على معاهدات واتفاقيات، سواء أكانت مهمة أم لا، فقط حقق أكبر قدر من التوقيعات وهذا هو الإنجاز! إلى هذه الدرجة من السطحية أوصلنا البعض ممن لا نقول إنه يعمل ضد البحرين، بل يعمل لأجل شكله بما يجعله يسيء للبحرين.
حتى على صعيد القطاعات الخدمية وغير المعنيــة بالسياســة، كــم عــدد الاتفاقيـــات وبالأخص اتفاقات التعاون وقعت لتطوير أداء معين، وهي الآن مجرد أوراق يعلوها الغبار ولم يتم تفعيلها؟! هناك الكثير.
هــذه كلهــا أبــواب خلفيــة مثــل فايروســات «التروجان» التــي تختــرق أجهــزة الحاســوب، ومثــــل «حصــان طــروادة» الــذي اختبــأ بــه الجنود لينقضوا في ظلام الليل على المدينة المحصنة التي عجزوا عن اختراقها. الكارثة لا تكون باستهداف الدولة عبر من يضع هذه المخططات، بل الكارثة حينما يساعد هؤلاء عناصر في الداخل، وعناصر تمثل مؤسسات رسمية أو كيانات مرخصة.
هنا يجب أن تتحرك الدولة لوقف صناعة هذه الأبواب الخلفية التي تهدف لإضعاف سيادتها وجعلها مثل «المكب» الذي تلقي فيه أي جهة -مهما علا أو صغر شأنها ومهما كان لها وزن أو انعدم- ما تريد أن «تكبه».
جيد أن ينتبه المراقبون وأن تتحرك الحكومة لإفشال هذه المخططات قبل أن تتحول إلى واقع في الرمق الأخير، لكن السؤال يظل: إلى متى ننتظر قرب وقوع الفأس على الرأس حتى نتحرك؟! أليس الأجدى أن يتم «فتح العين» منذ البداية وأن يتم وقف أي مسؤول أو شخص يمارس هذا النوع من الإضرار بالبلد؟!