حال اليمن لا يسر أبداً، بل حال اليمن يدعو إلى الخوف والقلق الشديدين؛ الأمور الأمنية تسير نحو تدهور مهول وخطير، وسط تصاعد موجات العنف، وازدياد وتيرة الاقتتال الكبير، الذي بدأ يأخذ شكلاً طائفياً بغيضاً لا يمكن إنكاره، وخصوصاً بين الفصائل السلفية والقوات الحوثية.
المجاميع المقاتلة باسم التوجهات الحوثية حصلت مؤخراً على سلاح نوعي جديد ومطور، وتحديداً الصواريخ والدبابات والسيارات المدرعة، وهو الذي منح هذه القوات فرصة القتال بشكل مغاير ومختلف، ومنحها الثقة القتالية التي كانت تفتقدها. بالإضافة إلى تمويل كبير من قبل أجهزة المخابرات الإيرانية التي باتت مصدر الدعم الأول لها عسكرياً ومالياً وأمنياً. وبالتالي حصل «تغير» في أهداف الحوثيين في اليمن، فما عادت مطامع هذه المجموعات إيجاد «جيب» مستقل لها في الداخل اليمني، ولكن الشهية انفتحت، وباتت هذه المجاميع ذات طموحات أهم وأخطر.
فهي اليوم تضع العاصمة اليمنية صنعاء نصب أعينها، وتسعى لإسقاطها، وذلك لأنها تدرك تماماً أنها أمام حالة وفرصة ذهبية غير مسبوقة ونافذة مفتوحة لن تتكرر، وهي وجود خلافات حادة جداً بين قبيلتي حاشد وبكيل، أهم ثقلين في الميزان القبائلي في الوضع العشائري الحساس والمعقد والمهم في اليمن. وذلك بسبب الخلاف العميق بين آل الأحمر وعلي عبد الله صالح ومجموعته.
وهذا الخلاف جعل التحالف التقليدي والقديم والمهم بين القبيلتين يخف ويختفي، وتكون الفجوة الهائلة والحساسة التي يتوغل منها الحوثيون لتحقيق هدفهم التاريخي هي استعادة حكم «الإمامة» التاريخي والقديم في اليمن.
وفي حين تحدث كل هذه الدراما السياسية، يتواصل تآكل دور الحكومة المركزية، وتقل هيبتها وقوتها ومكانتها لصالح القوى المتناحرة. وطبعاً وسط كل هذا، لا يمكن أبداً إغفال دور الحراك الانفصالي في الشطر الجنوبي، الذي يتصاعد ويتفاعل بشكل كبير جداً، وتزداد أرقام المؤيدين له. ويظهر ذلك من مشاهد الاحتجاجات والاعتصامات والمظاهرات المتزايدة في شوارع وأحياء وميادين مختلف الجنوب.
وما يثير الانتباه إلى هذا الأمر أن الحراك الانفصالي في منطقة الجنوب اتسع ليشمل مطالب انفصالية جانبية أخرى، لتدخل حركة مهمة تطالب بانفصال منطقة عدن وحدها، على أساس أن عدن لها بعد اجتماعي وثقافي واقتصادي، يختلف كلياً عن سائر منطقة الجنوب أو حضرموت، كما تعرف تقليدياً وتاريخياً.
اليمن يدخل منحنى شديد التعقيد وشديد الحساسية، ولا توجد بوارق أمل في الأفق القريب، وزيادة التدخلات الأجنبية على الخط وبقوة شديدة جداً أدت إلى تفاقم الوضع سوءاً، وإلى تزايد رقعة العنف والقتل والدم والدمار بشكل مرعب.
أرتال السلاح باتت في أيدي كل الفرق والأطراف، وتدفق «الخبرات» الأمنية من أجهزة الاستخبارات المختلفة يسعى لتطوير كفاءات الفرق الإرهابية المختلفة لتحقيق مآربها. كل ذلك يحصل وسط استمرار وجود تنظيمات مرعبة، مثل تنظيم القاعدة، وتواصل عملياتها الإرهابية من خطف وقتل وتفجير، وهي التي تسعى للحصول على مكاسب سياسية على الأرض ضد الحكومة والحوثيين في آن واحد.
ويحدث هذا المشهد البائس وسط تدهور اقتصادي نتاج الوضع الأمني السلبي والمتدهور في اليمن، الذي أدى إلى انخفاض المداخيل، وكذلك ضرب خطوط النفط، وخطف العاملين في هذا القطاع الحيوي والحساس.
اليمن يدخل بالتدريج إلى غيبوبة سياسية قد لا يفيق منها إلا بعد فوات الأوان وحصول الكارثة، واليمن لا يبدو مهتماً بإنقاذ نفسه، وبالتالي كيف سيطلب من غيره إنقاذه؟!
- عن «الشرق الأوسط»
المجاميع المقاتلة باسم التوجهات الحوثية حصلت مؤخراً على سلاح نوعي جديد ومطور، وتحديداً الصواريخ والدبابات والسيارات المدرعة، وهو الذي منح هذه القوات فرصة القتال بشكل مغاير ومختلف، ومنحها الثقة القتالية التي كانت تفتقدها. بالإضافة إلى تمويل كبير من قبل أجهزة المخابرات الإيرانية التي باتت مصدر الدعم الأول لها عسكرياً ومالياً وأمنياً. وبالتالي حصل «تغير» في أهداف الحوثيين في اليمن، فما عادت مطامع هذه المجموعات إيجاد «جيب» مستقل لها في الداخل اليمني، ولكن الشهية انفتحت، وباتت هذه المجاميع ذات طموحات أهم وأخطر.
فهي اليوم تضع العاصمة اليمنية صنعاء نصب أعينها، وتسعى لإسقاطها، وذلك لأنها تدرك تماماً أنها أمام حالة وفرصة ذهبية غير مسبوقة ونافذة مفتوحة لن تتكرر، وهي وجود خلافات حادة جداً بين قبيلتي حاشد وبكيل، أهم ثقلين في الميزان القبائلي في الوضع العشائري الحساس والمعقد والمهم في اليمن. وذلك بسبب الخلاف العميق بين آل الأحمر وعلي عبد الله صالح ومجموعته.
وهذا الخلاف جعل التحالف التقليدي والقديم والمهم بين القبيلتين يخف ويختفي، وتكون الفجوة الهائلة والحساسة التي يتوغل منها الحوثيون لتحقيق هدفهم التاريخي هي استعادة حكم «الإمامة» التاريخي والقديم في اليمن.
وفي حين تحدث كل هذه الدراما السياسية، يتواصل تآكل دور الحكومة المركزية، وتقل هيبتها وقوتها ومكانتها لصالح القوى المتناحرة. وطبعاً وسط كل هذا، لا يمكن أبداً إغفال دور الحراك الانفصالي في الشطر الجنوبي، الذي يتصاعد ويتفاعل بشكل كبير جداً، وتزداد أرقام المؤيدين له. ويظهر ذلك من مشاهد الاحتجاجات والاعتصامات والمظاهرات المتزايدة في شوارع وأحياء وميادين مختلف الجنوب.
وما يثير الانتباه إلى هذا الأمر أن الحراك الانفصالي في منطقة الجنوب اتسع ليشمل مطالب انفصالية جانبية أخرى، لتدخل حركة مهمة تطالب بانفصال منطقة عدن وحدها، على أساس أن عدن لها بعد اجتماعي وثقافي واقتصادي، يختلف كلياً عن سائر منطقة الجنوب أو حضرموت، كما تعرف تقليدياً وتاريخياً.
اليمن يدخل منحنى شديد التعقيد وشديد الحساسية، ولا توجد بوارق أمل في الأفق القريب، وزيادة التدخلات الأجنبية على الخط وبقوة شديدة جداً أدت إلى تفاقم الوضع سوءاً، وإلى تزايد رقعة العنف والقتل والدم والدمار بشكل مرعب.
أرتال السلاح باتت في أيدي كل الفرق والأطراف، وتدفق «الخبرات» الأمنية من أجهزة الاستخبارات المختلفة يسعى لتطوير كفاءات الفرق الإرهابية المختلفة لتحقيق مآربها. كل ذلك يحصل وسط استمرار وجود تنظيمات مرعبة، مثل تنظيم القاعدة، وتواصل عملياتها الإرهابية من خطف وقتل وتفجير، وهي التي تسعى للحصول على مكاسب سياسية على الأرض ضد الحكومة والحوثيين في آن واحد.
ويحدث هذا المشهد البائس وسط تدهور اقتصادي نتاج الوضع الأمني السلبي والمتدهور في اليمن، الذي أدى إلى انخفاض المداخيل، وكذلك ضرب خطوط النفط، وخطف العاملين في هذا القطاع الحيوي والحساس.
اليمن يدخل بالتدريج إلى غيبوبة سياسية قد لا يفيق منها إلا بعد فوات الأوان وحصول الكارثة، واليمن لا يبدو مهتماً بإنقاذ نفسه، وبالتالي كيف سيطلب من غيره إنقاذه؟!
- عن «الشرق الأوسط»