سألت أحدهم وهو عائد للتو من الأراضي السورية لتقديم بعض المساعدات الإنسانية هناك: كم عدد المجاهدين البحرينيين في سوريا؟
فأجاب مفكراً: العدد غير معروف، والتقيت ببعضهم هناك. ولكن لا أتوقع أن العدد يتجاوز الخمسين على أكثر تقدير.
وأضاف: الغريب أنه لاتوجد جهة مركزية أو معينة تتولى مهمة التنسيق لاستقطاب المجاهدين البحرينيين ومعظمهم من الشباب، فمن سألتهم هناك أكدوا أنهم قدموا للأراضي السورية بأنفسهم، وهناك التحقوا ببعض الجماعات المجاهدة.
إذن المشهد الأفغاني يتكرر نفسه في سوريا، أفواج من المجاهدين الشباب من البحرين ودول مجلس التعاون توافدت من أجل الجهاد هناك. بعضهم استشهد، وآخرون مازالوا بالانتظار.
ليست قضيتنا هنا الموقف الشرعي من هذا الجهاد، بل السؤال هو ماذا بعد الجهاد؟ سواء حسم الصراع السوري بتدخل عسكري أجنبي أو بسبب تطورات القتال الداخلي؟
ماذا سيحدث لهؤلاء المجاهدين البحرينيين والخليجيين إذا سقط نظام الأسد؟
قد يكون موقف الحكومة السعودية هو الأكثر وضوحاً في هذا السياق، حيث أعلنت الداخلية السعودية في مارس الماضي عن عزمها محاسبة مواطنيها. تبعها موقف حكومة البحرين في يونيو الماضي عندما دعا وزير الخارجية الشباب إلى الابتعاد عن الدخول في الصراعات الإقليمية والدولية، وحذر من الانسياق وراء الجماعات العنيفة والمتطرفة.
المواقف الخليجية ارتكزت على التهديدات والتحذير ولم تركز على خيارات المعالجة المستقبلية. وهو ما يدفعنا مجدداً لاستذكار التجربة الأفغانية في الثمانينات عندما فتح المجال للخليجيين والعرب للمشاركة في الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، حيث صارت الأعداد من العشرات إلى المئات إن لم يكن أكثر.
لاحقاً عندما انتهى الغزو السوفيتي، وعاد بعض المجاهدين ولم تتمكن المجتمعات الخليجية من استيعابهم أو احتوائهم، مما دفع شريحة واسعة منهم للبحث عن جبهات قتال جديدة فكانت البوسنة وكوسوفا والشيشان خيارات مفضلة. وانتهى الأمر بظهور الجماعات الراديكالية التي تبنت موجة من الإرهاب في العديد من دول العالم.
الفرق الرئيس بين الجهاد الأفغاني والجهاد السوري، أن الأول كان قتالاً بين المسلمين والروس، ولكن الثاني قتال بين جماعات مسلمة.
الجهاد الأفغاني انتهى بصراعات مسلحة بين الجماعات التي شاركت في الجهاد، ومن المتوقع أن ينتهي الصــراع في سوريا إلى حال مماثلــــة ســـواء وقـــعت الضــربة العسكريـة أم لم تقع.
ولكن ما يساعد على أن يكون الصراع المقبل في سوريا صراعاً أكثر دموية أنه صراع طائفي بامتياز، وأنه صراع بؤري بمعنى أنه صراع وسط دائرة ملتهبة من الصراعات الطائفية في العراق ولبنان.
الرؤية الأمريكية تجاه هذه الجماعات الجهادية اختلفت من كوندوليزا رايس إلى هيلاري كلينتون وحتى الموقف الراهن بما يمثله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. فالأولى لم تشجع دعم هذه الجماعات رغم انتمائها لتيار المحافظين الجدد، وفي عهد كلينتون ظهر الدعم، والآن فريق جون كيري يتعامل بحذر بالغ مع هذه الجماعات لخشية واشنطن من دور الجماعات نفسها في مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري.
والفكرة التي سادت من قبل وهي أن يكون الصراع ضد النظام السوري بشكل غير مباشر من خلال الجماعات الجهادية باتت غير مجدية، فمبرراتها تغيرت إذ تراجعت فوبيا الإسلاميين في الشرق الأوسط، وليس مبرراً الاستمرار فيها.
البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي بحاجة ملحة لإعداد استراتيجية للتعاون مع الجماعات الجهادية في سوريا، وبحث كيفية التعامل مع المواطنين الخليجيين العائدين من هناك حتى لا يتكرر السيناريو الأفغاني مجدداً.
{{ article.visit_count }}
فأجاب مفكراً: العدد غير معروف، والتقيت ببعضهم هناك. ولكن لا أتوقع أن العدد يتجاوز الخمسين على أكثر تقدير.
وأضاف: الغريب أنه لاتوجد جهة مركزية أو معينة تتولى مهمة التنسيق لاستقطاب المجاهدين البحرينيين ومعظمهم من الشباب، فمن سألتهم هناك أكدوا أنهم قدموا للأراضي السورية بأنفسهم، وهناك التحقوا ببعض الجماعات المجاهدة.
إذن المشهد الأفغاني يتكرر نفسه في سوريا، أفواج من المجاهدين الشباب من البحرين ودول مجلس التعاون توافدت من أجل الجهاد هناك. بعضهم استشهد، وآخرون مازالوا بالانتظار.
ليست قضيتنا هنا الموقف الشرعي من هذا الجهاد، بل السؤال هو ماذا بعد الجهاد؟ سواء حسم الصراع السوري بتدخل عسكري أجنبي أو بسبب تطورات القتال الداخلي؟
ماذا سيحدث لهؤلاء المجاهدين البحرينيين والخليجيين إذا سقط نظام الأسد؟
قد يكون موقف الحكومة السعودية هو الأكثر وضوحاً في هذا السياق، حيث أعلنت الداخلية السعودية في مارس الماضي عن عزمها محاسبة مواطنيها. تبعها موقف حكومة البحرين في يونيو الماضي عندما دعا وزير الخارجية الشباب إلى الابتعاد عن الدخول في الصراعات الإقليمية والدولية، وحذر من الانسياق وراء الجماعات العنيفة والمتطرفة.
المواقف الخليجية ارتكزت على التهديدات والتحذير ولم تركز على خيارات المعالجة المستقبلية. وهو ما يدفعنا مجدداً لاستذكار التجربة الأفغانية في الثمانينات عندما فتح المجال للخليجيين والعرب للمشاركة في الجهاد الأفغاني ضد السوفييت، حيث صارت الأعداد من العشرات إلى المئات إن لم يكن أكثر.
لاحقاً عندما انتهى الغزو السوفيتي، وعاد بعض المجاهدين ولم تتمكن المجتمعات الخليجية من استيعابهم أو احتوائهم، مما دفع شريحة واسعة منهم للبحث عن جبهات قتال جديدة فكانت البوسنة وكوسوفا والشيشان خيارات مفضلة. وانتهى الأمر بظهور الجماعات الراديكالية التي تبنت موجة من الإرهاب في العديد من دول العالم.
الفرق الرئيس بين الجهاد الأفغاني والجهاد السوري، أن الأول كان قتالاً بين المسلمين والروس، ولكن الثاني قتال بين جماعات مسلمة.
الجهاد الأفغاني انتهى بصراعات مسلحة بين الجماعات التي شاركت في الجهاد، ومن المتوقع أن ينتهي الصــراع في سوريا إلى حال مماثلــــة ســـواء وقـــعت الضــربة العسكريـة أم لم تقع.
ولكن ما يساعد على أن يكون الصراع المقبل في سوريا صراعاً أكثر دموية أنه صراع طائفي بامتياز، وأنه صراع بؤري بمعنى أنه صراع وسط دائرة ملتهبة من الصراعات الطائفية في العراق ولبنان.
الرؤية الأمريكية تجاه هذه الجماعات الجهادية اختلفت من كوندوليزا رايس إلى هيلاري كلينتون وحتى الموقف الراهن بما يمثله وزير الخارجية الأمريكي جون كيري. فالأولى لم تشجع دعم هذه الجماعات رغم انتمائها لتيار المحافظين الجدد، وفي عهد كلينتون ظهر الدعم، والآن فريق جون كيري يتعامل بحذر بالغ مع هذه الجماعات لخشية واشنطن من دور الجماعات نفسها في مرحلة ما بعد سقوط النظام السوري.
والفكرة التي سادت من قبل وهي أن يكون الصراع ضد النظام السوري بشكل غير مباشر من خلال الجماعات الجهادية باتت غير مجدية، فمبرراتها تغيرت إذ تراجعت فوبيا الإسلاميين في الشرق الأوسط، وليس مبرراً الاستمرار فيها.
البحرين ودول مجلس التعاون الخليجي بحاجة ملحة لإعداد استراتيجية للتعاون مع الجماعات الجهادية في سوريا، وبحث كيفية التعامل مع المواطنين الخليجيين العائدين من هناك حتى لا يتكرر السيناريو الأفغاني مجدداً.