لا يمكن طي صفحة معهد البحرين للتدريب، وذلك عندما يتهم الإصلاح بالفساد وغيرها من أوصاف لم تفتر منذ أن تحولت إدارة المعهد إلى وزارة التربية والتعليم. لذلك لابد من التذكير بالشيء القليل عما كان يحدث في ظل الإدارة السابقة، عندما كانت إدارة معهد البحرين مناطة إلى وزارة العمل، ومن هذا القليل إهدار المال العام لصالح موظفي المعهد، ومنه توفير امتيازات مالية وعلاوات لكبار الموظفين، والحصول على بعثات بامتيازات خاصة وغير قانونية، ومخالفة جدول الرواتب المعتمدة، ومخالفة أنظمة الترقيات، والقيام بدمج العلاوات مع الراتب لتضخيم المعاش التقاعدي، واحتساب كلفة الساعة لموظفي العمل الجزئي وصل للبعض إلى 60 ديناراً للساعة، لا يستلمها حتى عالم ذرة، ولا جراح أعصاب.
أما بالنسبة لعملية التوظيف في المعهد فهي عملية مفتوحة، عندما يكون على الهيكل التنظيمي عدد من الموظفين بمسميات وظيفية تفوق الأعداد المعتمدة، ووجود موظفين بمسميات وظيفية غير موجودة من الأصل على الهيكل التنظيمي، كما تم الكشف عن التلاعب في الميزانية الخاصة بالمعهد، حيث بلغت إجمالي كلفة تذاكر سفرات لـ7 من الموظفين خلال 3 سنوات 100 ألف دينار، حيث يتم الحجز على الدرجة الأولى دون أن يذكر حتى أسباب السفرة ووجهتم في كثير من الأحيان، وربما نقول قد تكون وجهتهم إلى قارة لم تكتشف بعد، فيا أيها المتباكون؛ هل هناك أكبر من هذا الفساد؟ إنه فساد معهد البحرين السابق تحت الإدارة السابقة، حين تحول المعهد من منارة تعليم إلى باب مفتوح من خلاله يهدر المال العام والتربح والاستغلال لأهداف.
الفساد لم يقف عند جرائم الأموال العامة؛ بل وصل إلى الترشيح للبعثات الدراسية العليا، والتي يقتصر اعتمادها على مدير المعهد، وقد بلغ عدد المبتعثين 100 مبتعث، وهو أمر ليس بالمخفي على المسؤول الكبير، فالمدير ليس بالغباء ليرشح لدراسة ماجستير ودكتوراه وهو يتبع لمسؤول له عيون وآذان في كل زاوية ومكان وفي كل مؤسسة عامة وخاصة، وهو المسؤول الذي لا يمكن أن يدخل أحد لمعهد أو يوظف فيه أو في مشروع التوظيف أو يوظف بمؤسسته إلا بعد علمه وإذنه، ليس بالضرورة كتابياً، ففي هذه الحالات تعتمد الموافقات الشفهية للاحتراز والاحتراس.
هذا معهد البحرين الذي تألم مسؤول كبير ولم يستطع أن يخفي ألمه فقال «إنه مؤلم أن يصل حال معهد البحرين بأن يصبح مركزاً لمن لا يكمل تعليمه»، وجهة أخرى من الجهات الآسفة والتي شنت حملة حقودة على وزارة التربية عندما أحيلت مسؤولية المعهد إليها، فوصفت عملية إعادة هيكلة المعهد وفق متطلبات العملية التعليمية وخبراتها كمؤسسة تربوية حيث قالت هذه الجهة «الأساليب الملتوية وإجراءات موغلة تتخذها (التربية) في حق موظفي معهد البحرين»، حيث إن المتباكين يحاولون بحملتهم هذه إعادته إلى وزارة العمل، وذلك كي يواصل ويتواصل الفساد والمفسدون، فميزانية المعهد مع ميزانية مشروع التوظيف، بالفعل تستحق البكاء والألم على فقدانها، فهي عملية استغلال وفساد وتربح وتحقيق أهداف.
ونأتي هنا إلى ذكر التربح والتربيح، حيث لا يمكن أن يكون ربحاً دون تربيح، منها إعدام الديون المستحقة للمعهد بناء على توجيهات الوكيل المساعد، من يا ترى هذه الجهات؟ وتأخر المعهد عن استرجاع الديون والتي بلغت 4 ملايين دينار تقريباً؛ فماذا يسمى هذا أيها المتباكون؟ هل هذا فساد أم أنه حصاد للمال العام عندما تقع هذه المؤسسات تحت سلطة من لا ضمير له ولا أمانة.
نواصل معكم كشف الفساد الذي يبين جذوره وأصله، حين تم خلط بين ميزانية المعهد وميزانية المشاريع التابعة لوزارة العمل، وعلى سبيل المثال تم دفع مبالغ من حساب معهد البحرين لمصلحة أحد مشاريع وزارة العمل، مثل شراء كتب إلكترونية بقيمة 24736 دولاراً لمشروع تأهيل وتوظيف الخريجين، ولم يطبق على هذا المشروع قوانين المناقصات، وكان ذلك قبل صدور القرار الملكي برفع سقف المناقصات إلى 25 ألف دينار، والقضية لم تقتصر على خلط بين ميزانية المعهد وميزانية المشاريع التابعة لوزارة العمل؛ بل ازدواجية المسؤوليات الإدارية والمالية لكبار المسؤولين في المعهد ووزارة العمل في ذات الوقت، ومثال على ذلك نائــــب المدير العام للشؤون المالية والإداريــــة في المعهد، وهو نفسه رئيس وحدة الشؤون المالية في مشروع توظيف الخريجين، كما تمت الاستفادة من صرف مكافآت شهرية لموظفين في المعهد للمشاركة بمشروع توظيف الخريجين، وصرف علاوات الاتصال والسيارة من المشروع، في الوقت الذي يتقاضى فيه نفس الموظفين هذه العلاوات من المعهد، وكما يقول المثل «إذا عرف السبب بطل العجب»، هذا هو سر المتباكين على معهد البحرين للتدريب عندما أصبحت تحت إدارة وزارة التربية والتعليم التي ستقدر على إعادة معهد البحرين ليصبح منارة للعلم، فحين يعرف الداء -إن شاء الله- يسهل الدواء، كما نقول للمتباكين على معهد البحرين؛ حان وقت التصحيح ومحاربة الفساد الذي يبدأ باجتثاثه من المؤسسات التعليمية.