لعلها المرة الأولى التي أسمع فيها تصريحاً واضحاً ومباشراً لأحد ممثلي «المعارضة» يؤكد من خلاله بأنها لا تدعو إلى إسقاط النظام، دون أن يعني هذا أنها كانت تدعو إلى ذلك. هنا تصريح أمين عام جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي عبدالنبي سلمان لفضائيـــة «المياديــن» التــــي استضافتـــه فـــي أستديوهاتها في بيروت الأسبوع الماضي للمشاركة مع آخرين في برنامج على الهواء مباشرة، حيث قال في ختام الحلقة «المعارضة لا تدعي إلا أن تكون شريكاً للنظام.. نحن لا نطالب بإسقاط النظام.. هناك دعوات تخرج من أطراف غير مسؤولة ولا تعنينا كمعارضة تلتزم وتعمل ضمن القانون.. نحن نعمل على إصلاح النظام.. نقدم أنفسنا ونمد أيدينا طويلة للنظام.. من أجل الشراكة مع النظام.. من أجل بناء دولة عصرية».
لا أعرف إن كان يتحدث باسم المعارضة المتمثلة في الجمعيات السياسية كلها أم باسم جمعيته فقط أم كان يعبر عن تيار اليسار، ولكنه كان تصريحاً مهماً في مثل هذا الوقت الذي تحتاج فيه المعارضة إلى تأكيد موقفها من النظام ومن «المعارضة غير المسؤولة»، كما وصفها، ويقصد بها ما صار يعرف باسم «ائتلاف شباب فبراير»، الذي تمكن على مدى شهور طويلة من فرض رؤيتـه وتوجهاته على «المعارضة المسؤولة» المتمثلة في الجمعيات السياسية.
مثل هذا التصريح مطلوب الآن من الأمناء العامين للجمعيات السياسية الأخرى التي تعمل ضمن القانون، ليس لتوضيح الموقف من النظام؛ ولكن من تلك المعارضة غير المسؤولة التي تخرج منها تلك الدعوات اللامسؤولة، فما أربك المشهد طوال الشهور الثلاثين الماضية هو أن الجمعيات السياسية لم توضح موقفها من تلك المعارضة المتطرفة، والتي ظلت تردد صباح مسـاء أن الشعب يريد إسقاط النظام، فقد كانت هذه الجمعيات تخشى من شق الصفوف، وكان واضحاً أنها آثرت عدم بيان موقفها من النظام بشكل واضح كي لا تتأثر المطالب وتكون سبباً في ضرب الحراك بسهولة، علاوة على تخوفها من احتراقها وانصراف الشارع عنها، خصوصاً في الفترة التي ارتفعت فيها أسهم الائتلاف وسيطر فيها على الشارع.
اليوم وبعدما تأكد أن لقاءات غير معلن عنها تتم في السر بين مختلف أطراف المشكلة البحرينية صارت الحاجة أكبر لمثل هذه التصريحات المطمئنة والمعترفة بنظام الحكم وأسلوبه في مملكة البحرين، تماماً مثلما برزت الحاجة إلى تصريحات هادئة وواقعية والابتعاد عن المعلومات غير الدقيقة والمضخمة والمبالغ فيها.
فــي هذا الخصوص ينبغي الإشادة بتصريح أمين عام جمعية الوفاق قبل أيام حينما سئل في أحد البرامج عن السعودية، وما إذا كانت تعوق التوصل إلى حل للمشكلة البحرينية حيث قال بوضوح «أنا أعتقد بأن المملكة العربية السعودية وفي أكثر من تسريب أنها لا تضع خطوطاً حمراء للحل في البحرين، وأعتقد بأن التحجج بالسعودية فيه مغالطة».
هذا النوع من التصريحات غير المؤججة للأوضاع هو المطلوب في هذه الفترة التي، وإن شهدت بعض الأحداث المعكرة للصفو، إلا أنها شهدت أيضاً اتساعاً في مساحة الأمل وتفاؤلاً بقرب انتهاء الأزمة.
بقـــي أمر مهم؛ فالأحداث أكدت الفــارق في الخبرة والتجربة ومقدار الحكمة بين المعارضة التي تعمل ضمن القانون والمعارضة غير المسؤولة التي رفعت شعار إسقاط النظام، وعبرت بذلك عن عدم قدرتها على قراءة الواقع، لذا فإن من المهم جداً ألا تسمح الجمعيات السياسية لأولئك المتطرفين من تخريب أي اتفاق تتوصل إليه مع النظام في تلك اللقاءات التي لم يرشح منها سوى معلومات قليلة ولكنها باعثة على التفاؤل. إن قلة خبرة «تلك» يستدعـــي من «هذه» مساعدتها على استيعاب طبيعة المرحلة وحاجة شعب البحرين إلى إنهاء هذه المرحلة المؤلمة.
{{ article.visit_count }}
لا أعرف إن كان يتحدث باسم المعارضة المتمثلة في الجمعيات السياسية كلها أم باسم جمعيته فقط أم كان يعبر عن تيار اليسار، ولكنه كان تصريحاً مهماً في مثل هذا الوقت الذي تحتاج فيه المعارضة إلى تأكيد موقفها من النظام ومن «المعارضة غير المسؤولة»، كما وصفها، ويقصد بها ما صار يعرف باسم «ائتلاف شباب فبراير»، الذي تمكن على مدى شهور طويلة من فرض رؤيتـه وتوجهاته على «المعارضة المسؤولة» المتمثلة في الجمعيات السياسية.
مثل هذا التصريح مطلوب الآن من الأمناء العامين للجمعيات السياسية الأخرى التي تعمل ضمن القانون، ليس لتوضيح الموقف من النظام؛ ولكن من تلك المعارضة غير المسؤولة التي تخرج منها تلك الدعوات اللامسؤولة، فما أربك المشهد طوال الشهور الثلاثين الماضية هو أن الجمعيات السياسية لم توضح موقفها من تلك المعارضة المتطرفة، والتي ظلت تردد صباح مسـاء أن الشعب يريد إسقاط النظام، فقد كانت هذه الجمعيات تخشى من شق الصفوف، وكان واضحاً أنها آثرت عدم بيان موقفها من النظام بشكل واضح كي لا تتأثر المطالب وتكون سبباً في ضرب الحراك بسهولة، علاوة على تخوفها من احتراقها وانصراف الشارع عنها، خصوصاً في الفترة التي ارتفعت فيها أسهم الائتلاف وسيطر فيها على الشارع.
اليوم وبعدما تأكد أن لقاءات غير معلن عنها تتم في السر بين مختلف أطراف المشكلة البحرينية صارت الحاجة أكبر لمثل هذه التصريحات المطمئنة والمعترفة بنظام الحكم وأسلوبه في مملكة البحرين، تماماً مثلما برزت الحاجة إلى تصريحات هادئة وواقعية والابتعاد عن المعلومات غير الدقيقة والمضخمة والمبالغ فيها.
فــي هذا الخصوص ينبغي الإشادة بتصريح أمين عام جمعية الوفاق قبل أيام حينما سئل في أحد البرامج عن السعودية، وما إذا كانت تعوق التوصل إلى حل للمشكلة البحرينية حيث قال بوضوح «أنا أعتقد بأن المملكة العربية السعودية وفي أكثر من تسريب أنها لا تضع خطوطاً حمراء للحل في البحرين، وأعتقد بأن التحجج بالسعودية فيه مغالطة».
هذا النوع من التصريحات غير المؤججة للأوضاع هو المطلوب في هذه الفترة التي، وإن شهدت بعض الأحداث المعكرة للصفو، إلا أنها شهدت أيضاً اتساعاً في مساحة الأمل وتفاؤلاً بقرب انتهاء الأزمة.
بقـــي أمر مهم؛ فالأحداث أكدت الفــارق في الخبرة والتجربة ومقدار الحكمة بين المعارضة التي تعمل ضمن القانون والمعارضة غير المسؤولة التي رفعت شعار إسقاط النظام، وعبرت بذلك عن عدم قدرتها على قراءة الواقع، لذا فإن من المهم جداً ألا تسمح الجمعيات السياسية لأولئك المتطرفين من تخريب أي اتفاق تتوصل إليه مع النظام في تلك اللقاءات التي لم يرشح منها سوى معلومات قليلة ولكنها باعثة على التفاؤل. إن قلة خبرة «تلك» يستدعـــي من «هذه» مساعدتها على استيعاب طبيعة المرحلة وحاجة شعب البحرين إلى إنهاء هذه المرحلة المؤلمة.