نوجه هذه الرسالة للأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء حفظهما الله، وكلنا قناعة بأن سموه يستمع بأريحية ويتابع باهتمام كل نداء موجه له، وهو الشخص الذي رأيناه كيف يستمع حتى لمن أساؤوا له شخصياً وللبلد، فما بالكم بمن يدعمونه ويؤيدونه هو وقادة البلد ومن يريدون الخير للبلد.
استبشرنا كل الخير بتكليف سمو رئيس الوزراء لنائبه الأول سمو ولي العهد بتشكيل لجنة معنية بمتابعة ما تضمنه تقرير ديوان الرقابة الأخير واتخاذ الإجراءات بشأن ذلك، وتفاءلنا خيراً بتصريحات الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة بشأن محاربة الفساد وتعاون الحكومة مع النواب في هذا الجانب، إضافة لتصريحات سمو ولي العهد بشأن ضرورة محاربة الأخطاء والعمل على التصحيح لأجل صالح هذا البلد ومواطنيه.
وعليه أملنا كبير بألا يمر تقرير هذا العام مرور الكرام، أملنا بأن تكون للدولة والحكومة تحركاتها القوية في محاربة الفساد ومحاسبة المفسدين، بالتالي نداء الناس المخلصين موجه لسمو ولي العهد بأمل أن نرى الأفعال المؤثرة التي تفضي لنتائج تضع عملية التصحيح على مسارها الصحيح.
أول ما نتمنى من سمو الأمير بو عيسى الالتفات إليه مشكوراً وبشكل عاجل هو ما أشرنا له بالأمس وتداوله الناس بشأن ما يثار عن هيئة التأمينات الاجتماعية والتجاوزات فيها، خاصة وأن هذه الهيئة مرتبطة ارتباطاً مباشراً باشتراكات الناس ومصير رواتبهم التقاعدية، ولأنها أيضاً «كوضع» سبب في تعطيل أي مشروع يراد منه رفع مستوى الناس وتحسين مداخيلهم تحت ذريعة «العجز الإكتواري»، هذا العجز الذي تعاني منه الهيئة لكنه لا يمنعها من صرف «بونس» سنوي ضخــم يصل مجموعه لنصف مليون دينار، ويلام هنا أيضاً من يمنحهم الضوء الأخضر للقيام بذلك، إضافة لرفضها أن تمتثل بالمرسوم الملكي الذي يخضع الهيئات لأنظمة ولوائح ديوان الخدمة المدنية.
هناك عمليات تصحيحية مطلوبة في جميع الاتجاهات، هناك ملاحظات على كافة قطاعات الدولة من وزارات، كذلك ملاحظات على الهيئات شبه الحكومية، هناك ملاحظات هامة على «ممتلكات» و«تمكين» و«طيران الخليج» على سبيــل المثال، وهي قطاعات تتبع مجلس التنمية الاقتصادية ووضعها «مختلف» عن بقية قطاعات الدولة حتى لو تم مؤخراً الإعلان عن مواءمة أنظمتها الداخلية مع لوائح ديوان الخدمة، وأشير هنا لهذه الجهات لأنها ضمن مشروع طموح كان نتاج فكر سمو ولي العهد حفظه الله، بالتالي حسم أمورها وتصحيح مساراتها مسألة متاحة «بإذن الله» طالما تدخل سموه في الموضوع.
سمو ولي العهد، هناك تجاوزات في كثير من القطاعات، هناك قرارات خاطئة من بعض المسؤولين الذين منحوا الثقة فلم يكونوا أهلاً لها بأداء سلبي وضع الدولة في «حرج» أمام الرأي العام «وهناك من استغل ذلك بسوء نية».
هناك من المسؤولين من «خذل» الدولة بأدائه وليس مقبولاً أن يستمر ليعيد نفس الكرة، وهذا للأسف يحصل والشاهد تقارير الديوان المتوالية عاماً بعد عام.
من بين المسؤولين هناك أشخاص محسوبون على العائلة المالكة، ولهم كل الاحترام لشخصياتهم الاعتبارية وعائلاتهم الكريمة، لكن يفترض أيضاً أن حالهم من حال المسؤولين الآخرين إن سجلت عليهم تجاوزات أو ثبت عليهم سوء الأداء وهم في مواقع مسؤولية عليها رقابة ومحاسبة، وهنا نعرف جيداً أن سمو ولي العهد لا يفرق بين الناس ولا حظوة لديه لأحد بما يخالف القانون وأطر المساواة، بالتالي يفترض تغيير النظرة السلبية التي سادت لدى الناس بأن هناك أشخاصاً لا يحاسبون ولا يساءلون حتى لو كان خطأهم بين وواضح.
لسان حال البحرينيين اليوم يعبر عن السخط والإحباط بشأن ما يتضمنه تقرير ديوان الرقابة وما سبقته من تقارير، كل صفحة فيها من المعلومات ما يجعل الناس تفقد ثقتها بشأن شعارات الإصلاح ومحاربة الفساد، وهنا لا تلوموا الناس، وسموه خير من يعرف بأنه حينما لا تتسق الأفعال مع الشعارات فإنها تفقد قيمتها وتفقد ثقة الناس بها.
والله لو أردنا الكتابة بشأن كل تفصيل في هذه التقارير لسادت حالة فوضى لدى الناس، لوجدنا ردات فعل خطيرة، الناس في وقت تعبت فيه وهي تناشد تحسين أوضاعها وتحسين الخدمات وحل مشاكلها وهي تنصدم كل مرة بذريعة عجز الموازنة والعجز الإكتواري، ولكنها تفاجأ بهذا الكم الكبير من الهدر المالي والتجاوزات، والتي ندرك بأنها لا ترضي قادة البلاد الذين يرفعون شعار الإصلاح ويمضون فيه.
نثق تماماً في جلالة الملك حفظه الله ومشروعه الإصلاحي ورغبته في رؤية البحرين تتطور وتتحسن ويقضى على الفساد فيها، نثق تماماً بسمو رئيس الوزراء حفظه الله الرجل الحكيم الذي ينزل للناس ويستمع لهم ويتفاعل ويوجه الوزراء دائماً لما فيه خير البلد والناس (وللأسف بعضهم يسمع ولا ينفذ)، ونثق بسمو ولي العهد حفظه الله وفكره المنفتح وحماسه الشبابي باتجاه الإصلاح والتطوير.
وعليه هي رسالة صدق من القلب لسمو ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء نتمنى فيها له التوفيق وأن تكلل جهوده بالنجاح في إصلاح هذه الأمور ومحاسبة المتجاوزين والحفاظ على أموال الوطن والمواطنين، مع الشكر الجزيل لسمو رئيس الوزراء على هذه الخطوة الإيجابية بتشكيل هذه اللجنة التي ستكون محط الأنظار.
اتجاه معاكس..
الإخوة الكرام في وزارة الداخلية يبحثون حالياً مع المجلس الأعلى للقضاء إنشاء محكمة خاصة بالقضايا التي تحال من نيابة المرور، والهدف تسريع إجراءات التقاضي.
نفس هذه الفكرة نحتاجها اليوم وبشدة بخصوص ما يتعلق بتقارير ديوان الرقابة المالية، محكمة خاصة تحال إليها «فقط» مخالفات التقرير وتعمل طوال عامل كامل «من صدور تقرير حتى صدور الآخر»، حتى لا تتراكم المخالفات وحتى لا تظل وأصحابها دون مساءلة ومحاسبة.