كشفت دراسة مشتركة لكل من جامعة هوبكنز ومعهد دراسات التنمية في جامعة سايكس عن حدوث تطور نوعي كبير في الأدوار التي تلعبها المجالس النيابية والتمثيلية في العالم المتقدم كرديف ومعزز لمسارات عمل ومسؤوليات منظمات ومؤسسات المجتمع المدني، وكشفت الدراسة عن أن التراجع الكبير في سمعة ومكانة المجالس النيابية والتشريعية في مختلف أنحاء العالم، وما تعرضت له مجالس ومؤسسات تشريعية عالمية عديدة من فضائح وممارسات غير مسؤولة، إضافة إلى حاجة هذه المجالس والمؤسسات لاستعادة مكانتها لدى قواعدها الشعبية ولدى الرأي العام، كل ذلك دفع بهذه المجالس إلى تطوير أعمالها ومسؤولياتها لتكون أكثر قرباً من الشعب، والعمل في المجالات والميادين ذات الجدوى المباشرة، والتي من أبرزها الميادين التي تعمل بها مؤسسات المجتمع المدني.
أسوق هذه المقدمة كي أصل إلى مربط الفرس؛ هذه المقالة التي تأتي ونحن على أعتاب دور تشريعي جديد للمجلس الوطني في مملكتنا الحبيبة، وهو كما يبدو في كثير من الاستقراءات؛ السياسية والتشريعية والخدمية والاقتصادية، دور بالغ الأهمية ويمتاز بثراء متوقع في الأجندة والأهداف والتطلعات لكل من المجلسين الموقرين؛ الشورى والنواب.
وبصفتي عضواً في مجلس الشورى، فسوف أحصر حديثي هنا، وما يمكن أن أصفه بـ «مداخلتي العامة» بالدور الوطني الذي يلعبه مجلس الشورى، والأدوار الموازية والمماثلة التي يلعبها -أو ينبغي أن يلعبها- أعضاء المجلس، وأعني بالدور الوطني هنا، كل الأدوار والمسؤوليات التي يتصدى أو يُبادر إليها المجلس أو الأعضاء فرادى أو مجموعات خارج نطاق القبة البرلمانية وبالتوازي مع المسؤوليات الرسمية.
وحتى لا أبدو في موقف المُنظـّر، فقد لا أكشف سراً لو قلت إن التجربة البحرينية في تكريس وتطبيق مبدأ المجلسين، هي تجربة منظورة باحترام ومرصودة بتقدير على المستويين الدولي والإقليمي، وأن ثمة دولتين من دول المنطقة، أحدهما سبقت البحرين الى النظام البرلماني، تعملان حالياً على دراسة واستلهام التجربة البحرينية في نظام المجلسين تمهيداً لتطبيقها! وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الدور المهم والجوهري الذي يلعبه ويمثله مجلس الشورى في صميم العملية التشريعية وفي العمل البرلماني بشكل عام.
لقد قام مجلس الشورى البحريني بدور جليل في عملية الانتقال الديمقراطي وفي تطبيق بنود المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، كما قام بدور تشريعي مسؤول وكبير إلى جانب مجلس النواب، ولعب أدواراً مهمة في عدد كبير من مسارات التطوير والتحديث على امتداد أطياف وقطاعات الشأن الوطني، وقدم للجهاز والسلطة التنفيذية خبرات مهمة وناجزة تسلم أصحابها وصاحباتها مناصب وزارية شديدة الأهمية وحققوا فيها منجزات تحسب لهم كما تحسب للمجلس الذي صقل خبراتهم وعزز أداءهم للعمل العام والوطني على حد سواء.
أما خارج قبة المجلس فثمة ما يقال! والحقيقة أن زملاءنا من أعضاء هذا المجلس الحالي تحديداً، تجاوزوا في آفاق نشاطاتهم ومنجزاتهم ومشاركاتهم ومبادراتهم الوطنية ليس حدود المجلس فحسب؛ بل حدود الوطن، فاكتسبوا بذلك احترام الوطن وتقدير أهله، كما شكلت مبادراتهم ونشاطاتهم قيماً مضافة للمجلس؛ كمؤسسة وطنية، وللعمل البرلماني البحريني؛ كجزء من مجمل المشهد الوطني الحافل بالإنجازات والقيم العالية.
وحتى لا ندفن رؤوسنا في الرمل ونتغافل عما دار ويدور في المجالس والمنتديات وحوارات الرأي العام من تساؤلات تحمل تارةً استهجاناً وتارة استنكاراً عن بعض أدوار ومواقف لأعضاء في مجلس الشورى، وحتى نعمل معاً على تعزيز المجلس لكامل هيبته وأدواره ومسؤولياته، فينبغي على أعضاء المجلس الموقرين أن يتذكروا أنهم في موقع المستشارين لجلالة الملك المفدى حفظه الله. ذلك أن مجلس الشورى يعادل في السلم البروتوكولي والدستوري مجلس الأعيان الأردني، الذي يوصف في العادة بأنه مجلس مستشاري الملك! كما إنه يكافئ مجلس اللوردات في بريطانيا، وهو الذي يوصف أيضاً بأنه مجلس الملكة! وتقليدياً فإن الغرف المعينة في البرلمانات تعتبر مجالس شورى لقائد البلاد، وأعتقد أن من شأن كل عضو في هذا المجلس الموقر أن يشعر بالفخر وبشرف المسؤولية كأعضاء في مجلس مستشاري جلالة الملك.
من هذا المنطلق، أعتقد أنه لا يكفي أن ينتظر العضو تكليفاً رسمياً من رئاسة المجلس للقيام بدور وطني مسؤول، أو المساهمة في مشروع أو برنامج موجه للصالح العام، ويندرج في إطار المسؤوليتين؛ الاجتماعية والوطنية.
من هذا المنطلق، فإن مسؤوليتي الولاء للوطن والقيادة، تحتم على كل عضو في مجلس الشورى أن يكون مبادراً حيال كل ما من شأنه خدمة الوطن، أو تعزيز برامج القيادة، وخاصة تلك المنبثقة من لدن جلالة الملك حفظه الله، وثمة في الساحة كثير وكثير من المجالات والأبواب والميادين التي يمكن للمجلس كمؤسسة، وللأعضاء الكرام؛ كممثلين وطنيين معينين من قائد البلاد ورائدها، أن يكون لهم قصب السبق في ريادتها أو تعزيزها أو المساهمة في تجويد مسارها ومآلها ومحتواها.
إن من حق الوطن الحبيب علينا أن نخرج من نطاق العضوية التقليدية إلى آفاق العمل الوطني العام، ومن حق عاهلنا المفدى علينا أن نكون الرديف المسؤول والمبادر لكل برنامج ملكي، ولكل مشروع وطني يحمل خاتم القيادة الحكيمة، وفي نفس الوقت فإن من حق أبناء الوطن علينا وقد حملنا مسؤولية تمثيلهم بتكليف واصطفاء من قائد الوطن ورائد مسيرته، من حقهم علينا أن نستهدفهم بالخدمة العامة، وأن تكون لنا بصمتنا في كل ما من شأنه تعزيز حياتهم وتحسين معيشتهم وتمكينهم وترقية حيثياتهم الوطنية، فمسؤولياتنا الوطنية والعامة تتجاوز المشاركة في صياغة القوانين والتشريعات والأعمال والتكليفات المنصوص عليها حرفياً في قانون المجلسين وفي اللائحة الداخلية. وهو الأمر الذي التفتت إليه الدراسة التي سبق أن أشرنا إليها، والأمر الذي لجأت إليه مجالس ومؤسسات برلمانية لتحسين صورتها واستعادة مكانتها، والأمر الذي نختار عن قناعة ومبادرة وشعور وافر بالمسؤولية، وبأننا في النهاية خدام لهذا الوطن الحبيب حيثما كنا وحيث أراد لنا وطننا واختارت لنا قيادتنا.
أسوق هذه المقدمة كي أصل إلى مربط الفرس؛ هذه المقالة التي تأتي ونحن على أعتاب دور تشريعي جديد للمجلس الوطني في مملكتنا الحبيبة، وهو كما يبدو في كثير من الاستقراءات؛ السياسية والتشريعية والخدمية والاقتصادية، دور بالغ الأهمية ويمتاز بثراء متوقع في الأجندة والأهداف والتطلعات لكل من المجلسين الموقرين؛ الشورى والنواب.
وبصفتي عضواً في مجلس الشورى، فسوف أحصر حديثي هنا، وما يمكن أن أصفه بـ «مداخلتي العامة» بالدور الوطني الذي يلعبه مجلس الشورى، والأدوار الموازية والمماثلة التي يلعبها -أو ينبغي أن يلعبها- أعضاء المجلس، وأعني بالدور الوطني هنا، كل الأدوار والمسؤوليات التي يتصدى أو يُبادر إليها المجلس أو الأعضاء فرادى أو مجموعات خارج نطاق القبة البرلمانية وبالتوازي مع المسؤوليات الرسمية.
وحتى لا أبدو في موقف المُنظـّر، فقد لا أكشف سراً لو قلت إن التجربة البحرينية في تكريس وتطبيق مبدأ المجلسين، هي تجربة منظورة باحترام ومرصودة بتقدير على المستويين الدولي والإقليمي، وأن ثمة دولتين من دول المنطقة، أحدهما سبقت البحرين الى النظام البرلماني، تعملان حالياً على دراسة واستلهام التجربة البحرينية في نظام المجلسين تمهيداً لتطبيقها! وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الدور المهم والجوهري الذي يلعبه ويمثله مجلس الشورى في صميم العملية التشريعية وفي العمل البرلماني بشكل عام.
لقد قام مجلس الشورى البحريني بدور جليل في عملية الانتقال الديمقراطي وفي تطبيق بنود المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، كما قام بدور تشريعي مسؤول وكبير إلى جانب مجلس النواب، ولعب أدواراً مهمة في عدد كبير من مسارات التطوير والتحديث على امتداد أطياف وقطاعات الشأن الوطني، وقدم للجهاز والسلطة التنفيذية خبرات مهمة وناجزة تسلم أصحابها وصاحباتها مناصب وزارية شديدة الأهمية وحققوا فيها منجزات تحسب لهم كما تحسب للمجلس الذي صقل خبراتهم وعزز أداءهم للعمل العام والوطني على حد سواء.
أما خارج قبة المجلس فثمة ما يقال! والحقيقة أن زملاءنا من أعضاء هذا المجلس الحالي تحديداً، تجاوزوا في آفاق نشاطاتهم ومنجزاتهم ومشاركاتهم ومبادراتهم الوطنية ليس حدود المجلس فحسب؛ بل حدود الوطن، فاكتسبوا بذلك احترام الوطن وتقدير أهله، كما شكلت مبادراتهم ونشاطاتهم قيماً مضافة للمجلس؛ كمؤسسة وطنية، وللعمل البرلماني البحريني؛ كجزء من مجمل المشهد الوطني الحافل بالإنجازات والقيم العالية.
وحتى لا ندفن رؤوسنا في الرمل ونتغافل عما دار ويدور في المجالس والمنتديات وحوارات الرأي العام من تساؤلات تحمل تارةً استهجاناً وتارة استنكاراً عن بعض أدوار ومواقف لأعضاء في مجلس الشورى، وحتى نعمل معاً على تعزيز المجلس لكامل هيبته وأدواره ومسؤولياته، فينبغي على أعضاء المجلس الموقرين أن يتذكروا أنهم في موقع المستشارين لجلالة الملك المفدى حفظه الله. ذلك أن مجلس الشورى يعادل في السلم البروتوكولي والدستوري مجلس الأعيان الأردني، الذي يوصف في العادة بأنه مجلس مستشاري الملك! كما إنه يكافئ مجلس اللوردات في بريطانيا، وهو الذي يوصف أيضاً بأنه مجلس الملكة! وتقليدياً فإن الغرف المعينة في البرلمانات تعتبر مجالس شورى لقائد البلاد، وأعتقد أن من شأن كل عضو في هذا المجلس الموقر أن يشعر بالفخر وبشرف المسؤولية كأعضاء في مجلس مستشاري جلالة الملك.
من هذا المنطلق، أعتقد أنه لا يكفي أن ينتظر العضو تكليفاً رسمياً من رئاسة المجلس للقيام بدور وطني مسؤول، أو المساهمة في مشروع أو برنامج موجه للصالح العام، ويندرج في إطار المسؤوليتين؛ الاجتماعية والوطنية.
من هذا المنطلق، فإن مسؤوليتي الولاء للوطن والقيادة، تحتم على كل عضو في مجلس الشورى أن يكون مبادراً حيال كل ما من شأنه خدمة الوطن، أو تعزيز برامج القيادة، وخاصة تلك المنبثقة من لدن جلالة الملك حفظه الله، وثمة في الساحة كثير وكثير من المجالات والأبواب والميادين التي يمكن للمجلس كمؤسسة، وللأعضاء الكرام؛ كممثلين وطنيين معينين من قائد البلاد ورائدها، أن يكون لهم قصب السبق في ريادتها أو تعزيزها أو المساهمة في تجويد مسارها ومآلها ومحتواها.
إن من حق الوطن الحبيب علينا أن نخرج من نطاق العضوية التقليدية إلى آفاق العمل الوطني العام، ومن حق عاهلنا المفدى علينا أن نكون الرديف المسؤول والمبادر لكل برنامج ملكي، ولكل مشروع وطني يحمل خاتم القيادة الحكيمة، وفي نفس الوقت فإن من حق أبناء الوطن علينا وقد حملنا مسؤولية تمثيلهم بتكليف واصطفاء من قائد الوطن ورائد مسيرته، من حقهم علينا أن نستهدفهم بالخدمة العامة، وأن تكون لنا بصمتنا في كل ما من شأنه تعزيز حياتهم وتحسين معيشتهم وتمكينهم وترقية حيثياتهم الوطنية، فمسؤولياتنا الوطنية والعامة تتجاوز المشاركة في صياغة القوانين والتشريعات والأعمال والتكليفات المنصوص عليها حرفياً في قانون المجلسين وفي اللائحة الداخلية. وهو الأمر الذي التفتت إليه الدراسة التي سبق أن أشرنا إليها، والأمر الذي لجأت إليه مجالس ومؤسسات برلمانية لتحسين صورتها واستعادة مكانتها، والأمر الذي نختار عن قناعة ومبادرة وشعور وافر بالمسؤولية، وبأننا في النهاية خدام لهذا الوطن الحبيب حيثما كنا وحيث أراد لنا وطننا واختارت لنا قيادتنا.