واضح تماماً بأن هذا هو المنطق الذي تعمل وفقه الوفاق ومن معها ممن يريد الانقلاب على هذا البلد ونظامه بأي وسيلة كانت، طالما أن من يمتلك سلطة تطبيق القانون ووضع حد للانفلات والعبث والإرهاب «ساكت» ولا يتخذ إجراءات سريعة وصارمة بحكم القانون، فلماذا لا نتمادى، وفي كل خطاب نزيد من وتيرة التهديد والوعيد، وفي كل فعالية نزيد من نسبة الإرهاب؟!
مقالات عديدة تكتب مفندة لادعاءات الوفاق وتصريحات عناصرها وتقارعهم الحجة بالحجة، تحركات من جمعيات أهلية، الشارع البحريني الذي تضرر مما يحدث يتحدث ويعبر عن نفسه في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، لكن كل هذا لا يكفي، فالوفاق ومن معها باتوا لا يتحدون فقط جموع الشعب التي تقف منهم موقف الضد، بل باتوا يتحدون الدولة ويصلون لمستوى التطاول على القانون وعلى رموز النظام، وكل ذلك بلا تحرك في المقابل بحسب ما يقتضيه القانون.
ككتاب وأفراد في المجتمع يقوم كل منا بدوره بحسب قناعاته دفاعاً عن هذا الوطن، وحينما يتم انتقاد الوفاق بسبب حراكها المبني على أهداف طائفية عنصرية فئوية، لا يعني ذلك إخلاء الجانب الرسمي من مسؤوليته، إذ يظل المواطنون والمقيمون على هذه الأرض يطالبون بحقوقهم خاصة حق العيش في أمان، وحق تطبيق القانون على من يهدد حياتهم ومعيشتهم. بالتالي الدولة مسؤولة أيضاً عما يحصل.
من يريد أن يهدئ من انفعال الشعب البحريني المخلص لأرضه إزاء ما يحصل من وضع متأزم بكلام مثل «هذه سياسة» أو «تكتيك»، حري به أن يخرج مباشرة ليتكلم مع الشعب ويوضح له ما يحصل، لا أن يترك الناس هكذا يتململون من حياتهم ويصلون لمرحلة يفقدون فيها الثقة في كل شيء، هم يتواجهون مع الانقلابيين في محافل عدة، ثم يسمعون عن تسريبات بشأن تفاهمات وتربيطات، حتى وإن كانت تسريبات يقوم بها الانقلابيون لزعزعة ثقة المخلصين، لكنها تؤثر في الإنسان البسيط الذي مازال ينتظر تطبيق القانون ووقف هذا العبث.
الانقلابيون دائماً ما يكررون على لسانهم «فترة السلامة الوطنية» وانتقال قوات درع الجزيرة إلى البحرين، والسبب في ذلك أن تلك المرحلة شهدت تحركاً قوياً من الدولة لحفظ أمن البلاد وحماية أهلها من محاولة انقلابية مغموسة في الطائفية المقيتة التي مازالت الوفاق تصدرها في كل خطاب ومحفل، حينما تحركت الدولة بقوة ومسكت زمام الأمور اختبأ من يتحدون الدولة اليوم، تراجعوا إلى بيوتهم وبعضهم هرب من المشهد، لا لأن الدولة ستفعل بهم مثلما تفعل إيران والخامنئي بمعارضيهم، بل لأنهم أدركوا بأن الكيل طفح بالنسبة لمن يتعامل مع مثل هذه التصرفات بحلم وصبر.
لكن، وهي معادلة منطقية، إن سكت عن متجاوز القانون مرة، فهذا يدفعه لتكرار فعله والتمادي فيه. الناس حفظت أقوالاً مأثورة وجملاً لها مدلولات تاريخية مثل «من أمن العقوبة أساء الأدب»، ومثل المثل الدارج «سألوا فرعون لماذا تفرعنت، فأجاب لم أجد من يردعني»، وعلى غرارها. إذ من يرى بأنه دائماً ما يفلت من العقاب والقانون على فعل هو في تصنيف القانون «جريمة» أو «مخالفة» سيعود مرة أخرى ليكرر فعله وبنسبة أشنع.
وصلنا لمرحلة تطاول على رموز النظام، تسقيط القانون ووضعه تحت الأقدام، وادعاءات كاذبة بحرب إبادة واستهداف لمكون من المجتمع، وغيرها من الاتهامات التي يفترض -إن كان لدينا تطبيق حرفي للقانون- أن يساءل مطلقوها عنها وأن يقدموا الدلائل والشواهد والإثباتات.
ما يحصل لدينا «فوضى» عارمة، تتحمل مسؤوليتها الدولة قبل أي طرف آخر، والدليل التوصيات المعنية بالتحريض والإرهاب التي مازالت لم تطبق على من يفترض أن تطبق عليهم أولاً قبل أي أحد آخر، فالانقلابي لن يهدأ إلا حينما يحقق هدفه، وبالنسبة لهم هي فرصة لن تتكرر وإن انتهت فلن تقوم لها قائمة إلا بعد عشر سنوات مثلما قالوا، وهذا المدى الزمني الذي يعتبرونه مطلوباً لتنظيم الصفوف والتخطيط من جديد لمحاولة أخرى. الوضع لن يستقر طالما هناك شريحة كبيرة من الشارع المخلص تعاني نفسياً مما يحصل ووصلت لمرحلة اليأس من إعادة الأمور إلى نصابها بحكم القانون.