أن تهطل على البحرين هذه الكمية الكبيرة من الأمطار فهي مشيئة من الله، لكن أن «تتبهدل» الديرة ونصل لمرحلــة نبرر فيها بعدم استعدادنا أو وجود عجز هنا وهناك فهي مسائل «غير مقبولة» وكلها تضعف ثقة الناس أكثر بقدرة الأجهزة المعنية مع أي كارثة طبيعية -لا سمح الله- تصيب البلد.
سوء شبكة التصريف أمر يجمع عليه البحرينيون كلهم اليوم، ومسألة التردد في اتخاذ قرارات حاسمة في «لحظة المشكلة» بحيث تركز على سلامة المواطنين أمر بات واضحاً أيضاً، إذ في مثل هذه الأجواء تحتاج الدولة أكثر من لجنة عليا للكوارث، بل تحتاج للجنة يمكنها أن تتخذ قرارات فورية وعاجلة.
الصور التي نشرت لـ «بهدلة» الطلبة في المدارس، كانت كفيلة بأن يتم النظر في وضعية التحصيل الدراسي في ذاك اليوم أو الذي يليه، إذ من غير المجدي التعويل على تركيز الطلاب في تحصيلهم وهم حتى يصلوا للصفوف عليهم «المخابط» في «نقع» المياه! لا تركيز أصلاً موجوداً، بالتالي قرار تعطيل المدارس كان سيكون أنجع من «بهدلة» أولياء الأمور في توصيل أبنائهم ثم العجز عن الوصول للصفوف، وإن وصلوا فلا تحصيل دراسياً يومها ولو بنسبة 10%.
حتى قضية الدوام الرسمي وقت الكوارث، إن كان هناك من يقول بأن إجازة يوم واحد تكلف الدولة 40 مليون دينار «والله نحتاج بريك داون لهذا المبلغ لمعرفة كيف حسبوها أصلاً، 40 مليون دينار؟! من صجكم؟!)، طيب لو كانت هذه الخسارة، فالخسارة مضاعفة أصلاً حينما لا يصل الموظفون على الوقت وتتعطل الشوارع وتحصل الاختناقات والحوادث.
البحرين ليست معتادة على مثل هذه الأجواء، لكن لا يعني ذلك أنه حينما تحصل الأمور يجب أن تسير طبيعية وكأن شيئاً لم يحصل، توقفوا رجاء عن استخدام جملة «الأمور طيبة»، والله الأمور ليست طيبة أبداً، وخذوها من الناس لا المسؤولين الكبار.
حينما تحصل أمور على هذه الشاكلة من الأفضل التعامل مع الأهم ثم المهم ثم الأقل أهمية، بمعنى أنه يجب التعامل مع المشكلة الأكبر المعنية بانسداد الشوارع وغرق بعض المرافق وتعطل الوصول لها، يجب التعامل مع تصريف الميـــاه «المضروب» على ما يبدو، ثـــم بعد السيطرة على الموقف نوعاً ما تعود العجلة للدوران مثلما كانت عليه.
هذا ما يتعلق بإدارة الأزمات، وما يرتبط بها من تخطيط مسبق وتنفيذ صحيح لمشاريع البنية التحتية بحيث تقلل الضرر أقلها ولا تحول البلد إلى مهزلة حينما تراها تغرق بهذه الصورة وكأننا لا نملك نظام تصريف للمياه ولا أي استعداد لمثل هذه الظروف.
أما ما يتعلق ببعض المجمعات السكنية فهنـــاك صور تجعل شعر رأســك يقـــف من الذهول، بيوت وادي السيل على سبيل المثال، كيف يمكن لها أن تغرق بهذه الطريقة؟! أيعقل أن تصل المياه المتكدسة لهذا الارتفاع؟! شخبار المقاول ومن عمل معه على مد الخدمات للمنطقة وأهمها شبكة الصرف؟! معقولة يا جماعة؟!
متنا ونحن نقول «تخطيط» ونحتاج جهة عليا للتخطيط الاستراتيجي (مو وزارة واحدة)، ويرد علينا المواطن ويقول «ديرة مساحتها شبرين ومو فالحين يخططونها صح»، تحاول أن ترد عليه فتجده يصرخ «إني أتنفس تحت الماء.. إني أغرق أغرق أغرق»!
كارثة حينما يصل الحال بالمواطن أن يغرق في «الفريج» لا البحر!