تعجبني سمة الثقة بالنفس التي تتسم بها السياسة الخارجية الإماراتية حين تقف داعمة لدولة أكبر منها مساحة و أكثر منها عمقاً استراتيجياً كالمملكة العربية السعودية دون أن تضطر لاتخاذ مواقف تتسم بالتبعية بل تدخل بثقة القرار المستقل الذي ينحو نحو التكامل والتنسيق، فيكون لها الدور الفاعل المكمل في الملف المصري والبحريني والسوري معتمداً الخطوط الرئيسة ولا ينتظر ضوءاً أخضر بل يعرف كيف يتصرف، فله ضوءه الخاص المستقل.
عادة ما تتحسس الدول الصغيرة من دعم مواقف دولة كبيرة وقوية جارة لها في المحافل الدولية، بأن هذا الدعم ـ قد يفسر- بأنه دعم التابع للمتبوع، أودعم المجبر أوالمضطر، أو دعم الخائف من الابتلاع وضياع الهوية أما الحال في دولة الإمارات فإنه دعم «المستغني» دعم الواثق بنفسه الذي ينظر إلى المستقبل ويحدد رؤيته.
لقد خطت السياسة الخارجية الإماراتية لنفسها شخصية مستقلة حددت مصادر قوتها ومصادر التحديات التي تواجهها وأدركت أن أمنها واستقرارها، وهي الدولة الصغيرة في المساحة الفتية في التكوين، لا يكون بعزلة قوقعية يتركها غائبة عن الحدث، كما أنه لا يكون بقيامها بدور الشوكة في الخاصرة، بل اختارت خياراً ثالثاً بأن تكون فاعلة و مؤثرة ضمن منظومة ترى فيها مستقبلاً وحيداً لأمنها و استقرارها حين وضعت يدها في يد المملكة العربية السعودية، رغم أن الإمارات قادرة على انتهاج أي من الخيارين السابقين.
فالإمارات حيدت الخطر الإيراني رغم استمرار مطالبها باستعادة جزرها، حيدتها بميزان تجارة لصالحها، حيدته بسلاح طيران مشهود له، حيدته بعلاقات تجارية داخل العمق الإيراني، مصدر التهديد الدائم (إيران) قد توقف منذ ابتلاع جزرها الثلاث عن المزيد من المضايقات الأمنية ضدها و تجارتها البينية معها في زيادة، مما يجعلها قادرة على التفرغ للملف الاقتصادي بالتقوقع والانعزال السياسي والتركيز على التجارة والسياحة والبناء والتنمية و إدارة ظهرها للجميع و لن يلومها أحد.
والإمارات قادرة أيضاً على اختيار الخيار الثاني، أي أنه بإمكاناتها «المادية» أن تلعب دور القفاز الأمريكي لو أرادت غير عابئة أن تكون شوكة في خاصرة العديد من الدول مادام هذا الدور سيمنحها مكانة دولية، أي أنها قادرة بإمكاناتها المادية الضخمة أن تشتري لها «دوراً» دولياً تدفعه كاشاً نقدياً وستجد من يرحب بها ممولاً لمشاريعها مانحاً لها دوراً احتفائياً يرضي غرورها، ولا أحد ينكر إمكانيات دولة الإمارات المادية، دوراً لن يكون مكلفاً إلا مادياً، يكفيها التلويح بالمحفظة المالية لكل «محتاج» وتستطيع أن تكون لاعباً أساسياً في إدارة أي أزمة حتى لو كانت بين قبيلتين متنازعتين في بوركينا فاسو، أي بإمكانها أن «تشتري» لها مكانة دولية كاشاً نقدياً، لكنها لم تفعل.
كما أن ما تخشاه أي دولة صغيرة كالإمارات من دولة كبيرة كالمملكة العربية السعودية متوفر كأسباب، وتجيز لها دواعي الخوف أن تختار أي من تلك الخيارات السابقة، وتترك مسافة بينها وبين دولة تخشى ابتلاعها، لكنها وبإرادة ذاتية، وبذكاء سياسي أتى ثماره فوراً وضعت الإمارات اسمها على خارطة السياسة كدولة، واختارت أن تأمن للمملكة العربية السعودية وأن تتحرك بالتوازي معها في المواقف الدولية بثقة تامة في مقدراتها وإمكانياتها في جميع الملفات الساخنة في المنطقة.
بصراحة أعتبر ذلك التحرك المدروس ذكاء سياسياً بعيد النظر، اختياراً لنهج ناجح، فيه استدامة ويفتح لدولة الإمارات آفاقاً جديدة على المدى البعيد حتى على المستوى التسويقي، دوراً دولياً يأتي بالبناء لا دوراً يأتي بالهدم!!!!!
أهنيكم
{{ article.visit_count }}
عادة ما تتحسس الدول الصغيرة من دعم مواقف دولة كبيرة وقوية جارة لها في المحافل الدولية، بأن هذا الدعم ـ قد يفسر- بأنه دعم التابع للمتبوع، أودعم المجبر أوالمضطر، أو دعم الخائف من الابتلاع وضياع الهوية أما الحال في دولة الإمارات فإنه دعم «المستغني» دعم الواثق بنفسه الذي ينظر إلى المستقبل ويحدد رؤيته.
لقد خطت السياسة الخارجية الإماراتية لنفسها شخصية مستقلة حددت مصادر قوتها ومصادر التحديات التي تواجهها وأدركت أن أمنها واستقرارها، وهي الدولة الصغيرة في المساحة الفتية في التكوين، لا يكون بعزلة قوقعية يتركها غائبة عن الحدث، كما أنه لا يكون بقيامها بدور الشوكة في الخاصرة، بل اختارت خياراً ثالثاً بأن تكون فاعلة و مؤثرة ضمن منظومة ترى فيها مستقبلاً وحيداً لأمنها و استقرارها حين وضعت يدها في يد المملكة العربية السعودية، رغم أن الإمارات قادرة على انتهاج أي من الخيارين السابقين.
فالإمارات حيدت الخطر الإيراني رغم استمرار مطالبها باستعادة جزرها، حيدتها بميزان تجارة لصالحها، حيدته بسلاح طيران مشهود له، حيدته بعلاقات تجارية داخل العمق الإيراني، مصدر التهديد الدائم (إيران) قد توقف منذ ابتلاع جزرها الثلاث عن المزيد من المضايقات الأمنية ضدها و تجارتها البينية معها في زيادة، مما يجعلها قادرة على التفرغ للملف الاقتصادي بالتقوقع والانعزال السياسي والتركيز على التجارة والسياحة والبناء والتنمية و إدارة ظهرها للجميع و لن يلومها أحد.
والإمارات قادرة أيضاً على اختيار الخيار الثاني، أي أنه بإمكاناتها «المادية» أن تلعب دور القفاز الأمريكي لو أرادت غير عابئة أن تكون شوكة في خاصرة العديد من الدول مادام هذا الدور سيمنحها مكانة دولية، أي أنها قادرة بإمكاناتها المادية الضخمة أن تشتري لها «دوراً» دولياً تدفعه كاشاً نقدياً وستجد من يرحب بها ممولاً لمشاريعها مانحاً لها دوراً احتفائياً يرضي غرورها، ولا أحد ينكر إمكانيات دولة الإمارات المادية، دوراً لن يكون مكلفاً إلا مادياً، يكفيها التلويح بالمحفظة المالية لكل «محتاج» وتستطيع أن تكون لاعباً أساسياً في إدارة أي أزمة حتى لو كانت بين قبيلتين متنازعتين في بوركينا فاسو، أي بإمكانها أن «تشتري» لها مكانة دولية كاشاً نقدياً، لكنها لم تفعل.
كما أن ما تخشاه أي دولة صغيرة كالإمارات من دولة كبيرة كالمملكة العربية السعودية متوفر كأسباب، وتجيز لها دواعي الخوف أن تختار أي من تلك الخيارات السابقة، وتترك مسافة بينها وبين دولة تخشى ابتلاعها، لكنها وبإرادة ذاتية، وبذكاء سياسي أتى ثماره فوراً وضعت الإمارات اسمها على خارطة السياسة كدولة، واختارت أن تأمن للمملكة العربية السعودية وأن تتحرك بالتوازي معها في المواقف الدولية بثقة تامة في مقدراتها وإمكانياتها في جميع الملفات الساخنة في المنطقة.
بصراحة أعتبر ذلك التحرك المدروس ذكاء سياسياً بعيد النظر، اختياراً لنهج ناجح، فيه استدامة ويفتح لدولة الإمارات آفاقاً جديدة على المدى البعيد حتى على المستوى التسويقي، دوراً دولياً يأتي بالبناء لا دوراً يأتي بالهدم!!!!!
أهنيكم