قالت وزيرة الثقافة الشيخة مي بنت حمد آل خليفة إن "مسؤوليّة الثّقافة أن تحمي الهويّة، وتقلقنا الاستثمارات التي تحاول المتاجرة بما نملك من حضارات وقيم إنسانيّة تراثيّة".
وبينت وزارة الثقافة اليوم الثلاثاء انه وفي استنباطٍ لشكلِ المدينة القديمة، ومحاولة لاستيعاب العمق الحضاريّ والتّاريخيّ لمدينة المحرّق، استقبلت معالي وزيرة الثّقافة الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة كلّاً من المهندس عبدالناصر يوسف المحميد رئيس مجلس المحرّق البلديّ، منسّق عام مجموعة مُلّاك ومستثمري المحرق وعضو مجلس إدارة مركز الجزيرة الثّقافيّ أحمد الجزاف والمهندس جاسم الغريب، بحضور كلّ من ليلى العلي مستشارة خبير التطوير والمهندس غسّان الشّمالي من وزارة الثّقافة، وذلك ظهر اليوم (الثّلاثاء، الموافق 3 ديسمبر 2013م) بمكتبها في وزارة الثّقافة، لمناقشة الوضع العمرانيّ لمدينة المحرّق والسّعي لصياغة استراتيجيّات وآليّات تدعم التّعاون وتساند النّشاط الثّقافيّ والعمران التّراثيّ دون المساس بالقيمة التّاريخيّة، إلى جانب استرداد الحياة في المنطقة بما يحفظ هويّتها وتكوينها.
وأبدت معالي وزيرة الثّقافة خلال الاجتماع اهتمام الثّقافة بمدينة المحرّق ومسؤوليّتها اتّجاهها بموجب قانون الآثار والتّراث، حيث تلتزم الوزارة بكافّة الشّروط والمعايير التي تستبقي الشّكل الأصليّ للمكان وتطوّر تلك الموروثات بهندستها وآليّاتها وتفاصيلها لتنسجم في سياق النّسيج الحضريّ والحياة اليوميّة، وأكّدت: (مسؤوليّة الثّقافة أن تحمي الهويّة، وتقلقنا الاستثمارات التي تحاول المتاجرة بما نملك من حضارات وقيم إنسانيّة تراثيّة)، مردفةً: (كلّ مبنى تراثيّ يجسّد حالة خاصّة وفق تصنيف معيّن، ولا يمكننا تطبيق إحداثيّات ما على جميعها. من خلال مهندسين اختصاصيّين وخبراء نسعى لأن يكون لكلّ مبنى وبيت تراثيّ معالجات خاصّة وفريدة تستدعي القيمة الخاصّة بالمكان، وليس المطلوب منّا استبدال الواجهات والعناصر، بل علينا التّعامل معها وفق ما يستدعيه هذا الإرث كي لا نفسد هويّته). وأوضحت معاليها أنّ استثمار تلك البيوت يجب أن يتّبع معايير وقواعد معيّنة كي لا تنجرف المدينة بتاريخها إلى سياق اقتصاديّ وتجاريّ سريع، مشيرةً إلى أنّ هويّة المدينة توظّف الفضاء المحيط أيضًا، وما فيها من مكوّنات يلتزم بمواصفات التّراث العالميّ. كما انتقدت بدورها بعض المشاريع التي تتجاهل الجانب التّراثيّ والعمرانيّ وقد تلغي دونما وعي بعض المكتسبات التّاريخيّة والحضاريّة قائلةً: (الاشتغال على العمران التّراثيّ وهويّة المدينة ليس ضدّ الاستثمار، بل على العكس، يمكنه أن يستثمر ويحتوي المكان في الوقت ذاته. ما نحتاجه أن نلتفّ حول هذا الهدف وأن نوجد الآلية المرنة التي تساند هذا المشروع).
وتعقيبًا على التّوجه العمرانيّ الحالي والتّغييرات السّكانيّة في مدينة المحرّق أمام انتقال العديد من النّاس للعيش في المدن، أكّدت معالي الوزيرة ضرورة استعادة البنية السّكانيّة للمحرّق، مبيّنةً أنّ الاهتمام بالبيوت التّراثيّة واستعادة جماليّاتها وتفاصيلها سيسهم بكلّ تأكيد في التفاف الأهالي حول موروثاتهم عوضًا عن مغادرتها.
من جهته، أكّد الوفد توافق رؤيته مع ما يحقّقه مشروع طريق اللّؤلؤ، مبدين إعجابهم بهذا المشروع، ورغبتهم في صياغة أساليب للتّواصل والتّقارب، وأكّدوا خلال رغبتهم في الاتّفاق حول آليّة مرنة تسهم في تسهيل إجراءات المشروع فيما يتعلّق بإصدار التّراخيص وتمريرها. كما أشار الوفد إلى ضرورة إيجاد روافد تتّصل ما بين وزارة الثّقافة ومستثمري المنطقة لخلق وعي عام بأهميّة هذا المكان والحرص على عدم المساس بالمكوّنات التّاريخيّة والتّراثيّة وفق الاشتراطات والمواصفات التي تحدّدها كل حالة.
في سياق الموضوع ذاته، اهتمّت وزارة الثّقافة بتهيئة البيئة الملائمة للمشروع ومعالجة كلّ حالة عمرانيّة وفق متطلّباتها. حيث قامت خلال الفترة الماضية بتكوين فريق للتّدخل السّريع لإنقاذ البيوت التّراثيّة الآيلة للسقوط ودعم هياكلها، انضّم إليه مؤخّرًا 20 عاملاً بهدف توسيع نطاق التّدخّل. كما تمّ تكليف مختصّ برصد البيوت ومتابعة الحالات لتكوين التّقارير الخاصّة وتشكيل الملاحظات والرّؤية العامّة. ومن أجل استيعاب المدينة بكلّ خصائصها ومكوّناتها، تقوم وزارة الثّقافة بإعداد وتجهيز دراسة شاملة لمنطقة المحرّق تنتهي منها في أواخر فبراير المقبل، والتي ستقدّم تحليلات موضوعيّة ودراسات معمّقة للمدينة بشكل عام.
وعلى هامش الاجتماع، تمّ الاتّفاق على عقد اجتماع شهريّ للتّواصل وتنسيق كافّة الجهود، حيث يشمل هذا اللّقاء زيارات إلى مختلف أحياء مدينة المحرّق لرصد حالاتها ومشاريعها. واختتم الوفد اللّقاء بزيارةٍ إلى مركز معلومات قلعة بو ماهر الذي دُشّن الأربعاء الماضي برعاية كريمة وسامية من صاحب السّمو الملكيّ الأمير سلمان بن حمد آل خليفة وليّ العهد، مشيرين إلى أهميّة هذا المشروع في حماية بقايا قلعة بو ماهر وتشكيل محطّات ثقافيّة تحفظ الهويّة العمرانيّة والتّاريخيّة للمكان.