المرأة فقط هي من يجوز لها تغطية وجهها لأسباب شرعية أو اجتماعية، لكن الرجل الذي يغطي وجهه ويخرج ملثماً لا يمكن أن يعد رجلاً أو يوصف بالشجاع، وإن قدم أعمالاً لا يقوم بها إلا الشجعان، فالرجولة تتضاءل في وجود اللثام وتغطية الوجه؛ بل هي تكسب صاحبها صفة الجبن.
الرجولة هي أن تخرج على الملأ وتقول ها أنذا، أنا الذي أقول كذا وكذا وأنا الذي أفعل كذا وكذا، هذا أنا وهذا قولي وهذا فعلي، لكن أن تختبئ وراء لثام وتقول إنك رجل؟!
الأمر نفسه فيما يخص أولئك الذين عبروا عن يأسهم وضعفهم وهزيمتهم بوضع بعض الصور على الأرض والدوس عليها وتصويرهم وهم يفعلون ذلك ثم نشر صورهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكن من دون أن تظهر وجوههم، فهؤلاء وإن اعتبروا أنفسهم الشجعان، فإنهم في واقع الأمر جبناء، فالشجاع لا يخبئ وجهه ولا يقبل بأن يظهر نصفه الأسفل فقط وهو يمارس أفعالاً يعتقد أنها من أفعال «الرجال». ليس هذا فعل الرجال، وهو لا يمكن أن يكون هكذا إلا إن تغير مفهوم الرجولة، وهذا غير ممكن.
مؤلم أن يصل «الرجال» إلى هذه الحال التي يختبئون فيها وراء اللثام، ومع هذا يعتبرون أنفسهم رجالاً. الرجال لا يختبئون وراء اللثام، الرجال لا يتلثمون إلا عن البرد أو إن أصابهم الزكام.. أو إن «حكوا» الشنب بقرار «ثوري»!
ليس عذراً القول إن الحالة الأمنية تستدعي الظهور بهكذا حال وإن للضرورة أحكاماً، وليس عذراً القول إن القيام بأعمال «الثوار» من غير لثام يتسبب في أذى الثورة والثوار، فمن يثور من أجل الحريات لا يليق به تضييق الخناق على وجهه ومنعه من أن يكون سافراً!
ما قام به البعض في اليومين الماضيين بوضع بعض الصور على الأرض والدوس عليها بالأقدام أو بالمرور عليها بالسيارات لا يقوم به إلا الجبناء، حتى لو كشفوا وجوههم، لأن الفعل نفسه جبان، ولأنه لا يقوم بالفعل الجبان إلا الجبان، وهو يزداد جبنا ويتضاءل قيمة عندما يقوم بذلك وهو مغطى الوجه باللثام أو بفعل الكاميرا التي يمكنها أن تخبئ الوجوه ببساطة.
كل الصور التي تم نشرها للفعاليات التي تم تنفيذها في الأيام الأخيرة لا تظهر وجوه المشاركين فيها إلا لماماً، أو ربما بطريق الخطأ ولعدم الانتباه، ولعل الأكثر جرأة منهم هو ذاك الذي يخبئ وجهه بطرف «الكبوس» بأن يدنيه ليغطي به عينيه!
تغطية الوجوه ليست من أعمال الرجال، وكذلك تلك الممارسة المعبرة عن قلة الحيلة والشعور بالهزيمة، فأي شطارة في وضع الصور على الأرض في الشوارع والطرقات والمرور عليها بالسيارات أو الدوس عليها بالأقدام؟
هذه ممارسة سهلة ولا قيمة لها وهي من عمل الأطفال وليس الكبار، بدليل أن الكل يستطيع القيام بها. هل يعتقد أولئك الصغار أن الآخرين لا يستطيعون انتقاء ما يشاؤون من صور تخصهم ووضعها على الأرض والدوس عليها؟
بعد سلسلة التهديدات التي سبقت احتفالات البلاد بالعيد الوطني وبعد موجة التصريحات المتوعدة توقع الجمهور أموراً كثيرة تعبر على الأقل عن قوة أولئك وتقدمهم لكنه لم ير إلا ما يضحك ويثير السخرية، ذلك أن كل الممارسات التي قاموا بها في يومي العيد الوطني لا جديد فيها ولم تعبر عن قوة أو حتى تطور في الفكر والرؤية، أما الجديد فيها فليس له علاقة بأفعال الرجال.
ما يقوم به أولئك من ممارسات دونية سببه الأول والأخير هو ترك الجمعيات السياسية الساحة للصغار والقبول بالجلوس في مقاعد الجمهور والتفرج.