هناك من المسؤولين من تفوق على ماري أنطوانيت نفسها، والتي قالت للناس الجوعــى الباحثين عن الخبز «كلوا بسكويت»





يغامر ويخاطر بنفسه من يخرج ليحاول أن يقـــول للنـــاس -أو بالأصح يوهمهم- بأن «الدنيا بخيــر» وأن كل الأمــور طيبـــة؛ لأن الواقع يقول عكس ذلك تماماً!
لو امتلك بعض المسؤولين الشجاعة ليفتحوا المجال للناس في وسائل الإعلام الرسمية أو في لقاءات ومؤتمرات «مفتوحة»، لو فتحوا المجال للناس حتى يتكلموا بحرية وأريحية عن واقعهم المعاش، هل سيتحملون ما سيقوله الناس؟! أم سيحاولون «قدر الإمكان» خنق صوت الناس ومنعهم حتى من الكلام.
هناك مسؤولون للأسف في بروج عاجية ينظرون للناس على أنهم مصدر إزعاج، بينما الحقيقة أن هؤلاء المسؤولين هم أكبر مصدر للإزعاج للدولة، بل هم مثل «الهم الثقيل» على قلوب الناس.
هناك من المسؤولين من تفوق على «ماري أنطوانيت» نفسها، أقلها الأخيـرة قالت «بقلة وعي ومعرفة» للناس الجوعــى الباحثين عن الخبز بأن «كلوا بسكويت»، لكن هؤلاء المسؤولين يعرفون تماماً ما يعانيه الناس، وبدلاً من «الضحك عليهم» والقول بأن «كلوا بسكويت» يتعاملون معهم وكأنهم «عبء على الدولة»، وأنهــم «يحمدون ربهم» على النعمة التي هم فيها!
والله بعض المسؤولين لا يتوانى عن القول بما معناه «شيبون الناس بعد»؟! هؤلاء إجابتهم لا تخرج عن التالي: يريد الناس أن تقولوا خيراً أو «تسكتوا»، من غرف وشبع وانتفخت كرشه من خير البلد ليترك الناس في حالهم ورجاء «بلا فلسفة زائدة»، مل الناس ممن أيديهم في الماء البارد بينما البشر أياديهم في النار.
هــــؤلاء المسؤولـــون المتحدثــون بهكــذا أحاديث، هم أكبر «عبء» على الدولة، لا إنتاجية تخدم الناس، ولا فائدة ترتجى منهم كما «الأرض البور»، وفوق كل ذلك يقفون في طريق المواطن ويعملون بجد واجتهاد لإفشال أي تحرك لتصحيح الأمور.
هناك من هو مستفيد من الوضع الحالي، بالتالي ما الذي يدفعهم أصلاً للاهتمــام بالناس والعمل من أجل التغيير للأفضل؟! هؤلاء شعارهم «نفسي نفسي» والبقية «في نار جهنم».
البلد «ليست بخير»، وحينما نقول «البحرين تتعافـى» فإننا نتحدث «فقط» عن محاولـــة انقلابيـــة فشلت حينها، لكن حتى هــذه تداعياتها موجودة وما خفي في الكواليس أعظم، في حين أن الحديث عن محاربة الفساد والمفسدين، والحديث عن تحسين وضع الناس، كلها أمور تجعل القول بأن «البلـــد والمواطـــن بخيـــر» كــلام «خيالي فنتازي» لا مصداقية له.
من يذهب لقادة البلد ويقول لهم «كل شيء تمام طال عمرك»، ليعدل جملته ويقول لهم «المواطـــن بخير» وليقرن هذه «الجملـــة الهلامية» بحقائق على أرض الواقع، وكلام الناس واستشهادات مما يقولونه ويعبرون عنه بحرية، لا أن نصل لمرحلة حتى المساحـات التي «يتنفس» من خلالها الناس ويعبرون عن آرائهم فيها تواجه محاولات لتقليص مساحة الحرية فيها، فقط حتى لا يقول الناس «ما يعتمل في صدروهم» و«ما يؤرق نفوسهم».
لا يعقل أن نرفع شعارات ونعد الناس بوعود جميلة، لكن ما يحصل على أرض الواقع هو العكس تماماً. لا يمكن أن نرفع تقارير للرقابة المالية ونقول هاهو رصد دقيق للفساد، لكن في المقابل ولا حتى مسؤول واحد «تفوح رائحته» من الفساد وسوء الإدارة يتعرض للمساءلة. لا يعقل أن نقول للناس ونكتبها في «رؤية اقتصادية» بأن رواتبكم ستزيد لـ«الضعف»، ثم يستوعب المواطن بأن راتبه أصلاً «نقص» والبركــة في «ضريبة» الاستقطاع القسري للتعطيــل.
لا يعقل أن يستمر هذا الحال، وضع -مع كل الاحترام- يصدق معه القول الساخر: الحالــة معكوسة.. تزرع بصل تطلع كوسة!!
سنجزم بأن «البحرين بخير» حينما يكون «المواطن بخير».