استبيحــت الدماء في عاصمة عربية ربيعيـــة أخرى، قتل المدنيون على الهوية، هدمت البيوت على رؤوس ساكنيها، تشرد وهرب على الأقدام من استطاع، خيم الظلام والصمت، وتوقفت دورة الحياة، هذا السيناريو نقله صديق من قاطني صنعاء وبأمانة على حد وصفه.
رغم خوفي الشديد على اليمن وأهل صنعاء خصوصاً، إلا أني حاولت جاهداً التقليل من مخاوف صديقي، وأعدت عليه حديث الرسول الأعظم «الإيمان يمان والحكمة يمانية»، وقراءة التاريخ تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن أرض اليمن لفظت المتآمرين والخونة، جيلاً بعد جيل.
إن ما قرأناه ونقرأه، وشاهدناه ونشاهده في الأخبار، من حرب ضروس يشنها الحوثي، ويعتدي بها على الآمنين في بيوتهم وقراهم، أسفرت حتى الآن عن تهجير أهل دماج، وانتهاك الحرمات وهدم البيوت في حوث وخمر بمحافظة عمران، وترويع المدنيين في العاصمة، وإنشاء أقسام شرطة خاصه بهم «مقر المجاهدين»، وكأنهم أقاموا دولتهم وفرضوا قوانينهم وضربوا بمخرجات الحوار الوطني عرض الحائط.
أفعال جماعات الحوثي المسلحة تقشعر لها الأبدان، وتصنف في القانون المحلي على أنها جرائم جنائية، وفاعلها خارج عن نطاق القانون والسلطة، وتصنف في القانون الدولي على أنها جرائم حرب، ولكن من يحاسب الحوثي؟!
بجانب البعد الطائفي لهذه الحركة المدعومة من إيران، هناك البعد العسكري، والتي تسعى من خلاله إلى الثأر من رجال القبائل على وقوفهم بجانب ثورة 26 سبتمبر 1962 التي أطاحت بحكم الإمامة وأقامت الجمهورية على أنقاضها، والسيطرة على أوسع رقعة من الأرض، ليقولوا إن «الكلمة الأخيرة لنا»، وبعد ثالث سياسي، يتمثل في تحالفهم مع خصم الأمس «المؤتمر الشعبي العام» والحراك الجنوبي، وتشكيلهم جبهة إنقاذ الثورة، والهدف منها إسقاط حكومة الوفاق ـ رمز الوفاق الوطني الحالي في اليمن ـ وتجزيء اليمن وعودة حكم الإمامة الزيدية في الشمال.
السؤال الأكبر المحير لليمنيين والمراقبين للشأن اليمني، يدور حول سر الصمت القاتل لساسة اليمن، عن هذه الحركة وجرائمها، التي تدك أبواب العاصمة بالمدافع والدبابات، ولم نسمع منهم سوى إدانات خجولة، ولم نر أي أفعال للجم جماح الحركة.
حكومة صنعاء، ورئيس الدولة هم أكبر الصامتين، فقد لعبوا دور الوسيط في الحرب الدائرة بين الحوثي والقبائل ـ دون نجاح يذكر ـ ولم يتدخل الجيش لحسم الأمور بالقوة، وسمحوا لجماعة الحوثي المسلحة بالتمدد حتى وصلت معارك الأسابيع الماضية إلى ثلاثة جبال مطلّة على مطار صنعاء، فهل أصبح الجيش اليمني ضعيفاً وعاجزاً حتى عن حماية العاصمة، أم أن له مصالح في ترك أطراف النزاع تستنزف قدراتها، وتعيد للدولة هيبتها وقدرتها على السيطرة، وهذا لعب بالنار.
الأحزاب والتيارات السياسية المشاركة في الحوار الوطني صامتة أيضاً، فما يقوم به الحوثي اليوم يعتبر التفافاً على مخرجات الحوار، وتهرب من تسليم الأسلحة الثقيلة، والتحول من جماعة مسلحة إلى تيار سياسي، وإهدار لعشرة أشهر من اللقاءات السياسية المتواصلة ـ هي عمر الحوار الوطني ـ وإعادة اليمن إلى المربع الأول.
الصامتون الدوليون، هم رعاة المبادرة الخليجية ومجلس الأمن الدولي، فعدم التحرك الدولي لوقف المعارك والضغط على الحركة الحوثية، يطرح المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية في دائرة الخطر، فإشعال اليمن بحروب أهليه يعود بانعكاساته السلبية على مجلس التعاون الخليجي، ويؤسس لكيان عسكري تابع لطهران بقلب الجزيرة العربية، ناهيك عن تأثير ذلك على دور اليمن في حفظ أمن مضيق باب المندب والقرن الأفريقي، وتأمين الملاحة الدولية، في ممر يعتبر من أهم ممرات العالم التجارية.
آخر الصامتين هم المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية، التي من أصل عملها توثيق جرائم النزاعات المسلحة، والمطالبة بتقديم مرتكبي جرائم الحرب إلى المحاكم الجنائية، بينما اكتفت هذه المنظمات بالمساعدة المحدودة في رعاية المنكوبين، وإيواء المهجرين، وإصدار بيانات هزيلة لا ترتقي لحجم الانتهاكات المرتكبة.
لا تفسير مقنع لأسباب الصمت الكبير السائد في اليمن، ولا أحد يعلم ما هو مصير العملية السياسية الانتقالية، والتي رعاها الخليجيون وأشرف على تفاصيلها ومتابعتها مجلس الأمن، وما مصير مخرجات الحوار بين كافة فرقاء اليمن؟ فالأجواء باتت مهيأة أكثر لحرب أهلية طاحنة لا تبقي ولا تذر، والثورة المضادة بأضلاعها الثلاث ـ النظام السابق والحوثي والحراك الجنوبي المسلح ـ أخذت نيرانها تلتهم اليمن محافظة بعد أخرى، والخوف الأكبر انهيار ما تبقى من الدولة.
قد تحمل الأيام القادمة تفسيرات أوضح لهذه الضبابية، والتخبط، والصمت الحاصل في اليمن وحولها، والأمر يستدعي استشعار الحكومة اليمنية لمسؤولياتها تجاه الشعب المغلوب على أمره، وصحوتها من سباتها الشتوي، وتحركات جادة من المكونات السياسية المؤمنة بالدولة المدنية الحديثة، وتدابير عاجلة على المستويين الإقليمي والدولي، لإنقاذ ما تبقى من اليمن.
رغم خوفي الشديد على اليمن وأهل صنعاء خصوصاً، إلا أني حاولت جاهداً التقليل من مخاوف صديقي، وأعدت عليه حديث الرسول الأعظم «الإيمان يمان والحكمة يمانية»، وقراءة التاريخ تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن أرض اليمن لفظت المتآمرين والخونة، جيلاً بعد جيل.
إن ما قرأناه ونقرأه، وشاهدناه ونشاهده في الأخبار، من حرب ضروس يشنها الحوثي، ويعتدي بها على الآمنين في بيوتهم وقراهم، أسفرت حتى الآن عن تهجير أهل دماج، وانتهاك الحرمات وهدم البيوت في حوث وخمر بمحافظة عمران، وترويع المدنيين في العاصمة، وإنشاء أقسام شرطة خاصه بهم «مقر المجاهدين»، وكأنهم أقاموا دولتهم وفرضوا قوانينهم وضربوا بمخرجات الحوار الوطني عرض الحائط.
أفعال جماعات الحوثي المسلحة تقشعر لها الأبدان، وتصنف في القانون المحلي على أنها جرائم جنائية، وفاعلها خارج عن نطاق القانون والسلطة، وتصنف في القانون الدولي على أنها جرائم حرب، ولكن من يحاسب الحوثي؟!
بجانب البعد الطائفي لهذه الحركة المدعومة من إيران، هناك البعد العسكري، والتي تسعى من خلاله إلى الثأر من رجال القبائل على وقوفهم بجانب ثورة 26 سبتمبر 1962 التي أطاحت بحكم الإمامة وأقامت الجمهورية على أنقاضها، والسيطرة على أوسع رقعة من الأرض، ليقولوا إن «الكلمة الأخيرة لنا»، وبعد ثالث سياسي، يتمثل في تحالفهم مع خصم الأمس «المؤتمر الشعبي العام» والحراك الجنوبي، وتشكيلهم جبهة إنقاذ الثورة، والهدف منها إسقاط حكومة الوفاق ـ رمز الوفاق الوطني الحالي في اليمن ـ وتجزيء اليمن وعودة حكم الإمامة الزيدية في الشمال.
السؤال الأكبر المحير لليمنيين والمراقبين للشأن اليمني، يدور حول سر الصمت القاتل لساسة اليمن، عن هذه الحركة وجرائمها، التي تدك أبواب العاصمة بالمدافع والدبابات، ولم نسمع منهم سوى إدانات خجولة، ولم نر أي أفعال للجم جماح الحركة.
حكومة صنعاء، ورئيس الدولة هم أكبر الصامتين، فقد لعبوا دور الوسيط في الحرب الدائرة بين الحوثي والقبائل ـ دون نجاح يذكر ـ ولم يتدخل الجيش لحسم الأمور بالقوة، وسمحوا لجماعة الحوثي المسلحة بالتمدد حتى وصلت معارك الأسابيع الماضية إلى ثلاثة جبال مطلّة على مطار صنعاء، فهل أصبح الجيش اليمني ضعيفاً وعاجزاً حتى عن حماية العاصمة، أم أن له مصالح في ترك أطراف النزاع تستنزف قدراتها، وتعيد للدولة هيبتها وقدرتها على السيطرة، وهذا لعب بالنار.
الأحزاب والتيارات السياسية المشاركة في الحوار الوطني صامتة أيضاً، فما يقوم به الحوثي اليوم يعتبر التفافاً على مخرجات الحوار، وتهرب من تسليم الأسلحة الثقيلة، والتحول من جماعة مسلحة إلى تيار سياسي، وإهدار لعشرة أشهر من اللقاءات السياسية المتواصلة ـ هي عمر الحوار الوطني ـ وإعادة اليمن إلى المربع الأول.
الصامتون الدوليون، هم رعاة المبادرة الخليجية ومجلس الأمن الدولي، فعدم التحرك الدولي لوقف المعارك والضغط على الحركة الحوثية، يطرح المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية في دائرة الخطر، فإشعال اليمن بحروب أهليه يعود بانعكاساته السلبية على مجلس التعاون الخليجي، ويؤسس لكيان عسكري تابع لطهران بقلب الجزيرة العربية، ناهيك عن تأثير ذلك على دور اليمن في حفظ أمن مضيق باب المندب والقرن الأفريقي، وتأمين الملاحة الدولية، في ممر يعتبر من أهم ممرات العالم التجارية.
آخر الصامتين هم المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية، التي من أصل عملها توثيق جرائم النزاعات المسلحة، والمطالبة بتقديم مرتكبي جرائم الحرب إلى المحاكم الجنائية، بينما اكتفت هذه المنظمات بالمساعدة المحدودة في رعاية المنكوبين، وإيواء المهجرين، وإصدار بيانات هزيلة لا ترتقي لحجم الانتهاكات المرتكبة.
لا تفسير مقنع لأسباب الصمت الكبير السائد في اليمن، ولا أحد يعلم ما هو مصير العملية السياسية الانتقالية، والتي رعاها الخليجيون وأشرف على تفاصيلها ومتابعتها مجلس الأمن، وما مصير مخرجات الحوار بين كافة فرقاء اليمن؟ فالأجواء باتت مهيأة أكثر لحرب أهلية طاحنة لا تبقي ولا تذر، والثورة المضادة بأضلاعها الثلاث ـ النظام السابق والحوثي والحراك الجنوبي المسلح ـ أخذت نيرانها تلتهم اليمن محافظة بعد أخرى، والخوف الأكبر انهيار ما تبقى من الدولة.
قد تحمل الأيام القادمة تفسيرات أوضح لهذه الضبابية، والتخبط، والصمت الحاصل في اليمن وحولها، والأمر يستدعي استشعار الحكومة اليمنية لمسؤولياتها تجاه الشعب المغلوب على أمره، وصحوتها من سباتها الشتوي، وتحركات جادة من المكونات السياسية المؤمنة بالدولة المدنية الحديثة، وتدابير عاجلة على المستويين الإقليمي والدولي، لإنقاذ ما تبقى من اليمن.