قبل أكثر من 50 سنة زار صبي عمره 7 سنين معرض إكسبو العالمي في سياتل مع أسرته. وأدهشته الابتكارات العلمية والتقنية المعروضة، واستقل قطارات مونوريل واستمتع باللعب على «الأفعوانية»، وزار معروضات المستقبل ومن ضمنها عرض لجهاز ثوري أطلق عليه الكمبيوتر الشخصي. كان ذلك الصبي هو بيل غيتس.
يقول بيل غيتس اليوم، وهو مؤسس برامج مايكروسوفت وأحد أعظم المبتكرين في التاريخ، إن تجربة زيارته لمعرض إكسبو العالمي في سياتل 1962 كانت ملهمة له. ولعلها كانت سبباً في تغيير حياته، ومن خلال ذلك قام بتغيير حياة مليارات البشر.
والآن أتى الدور على دبي لتلهم مبتكري ورواد المستقبل. إن فوز دبي باستضافة معرض إكسبو 2020 هو إنجاز متميز. وهو ثمرة جهود حملة استمرت زهاء عامين قادها بعض أبرز مسؤولي الدولة.. حملة اشتملت على خطة للبنية التحتية والإمدادات اللوجيستية إضافة إلى الرؤية الاستراتيجية للمعرض بوصفه مكاناً يجمع أفضل العقول من مختلف أرجاء العالم لمعالجة بعض أكبر التحديات التي يواجهها العالم.
معرض إكسبو دبي 2020 اتخذ شعاراً له هو «تواصل العقول وصنع المستقبل» وكذلك فكرة دبي المبتكرة «إكسبو لايف» الذي سيجمع المفكرين القياديين لبحث العديد من المسائل التي تتفاوت ما بين الطاقة والأمن المائي إلى توظيف الشباب والأنماط الاقتصادية الجديدة. كما سيسعى لبحث حلول مستدامة للفجوات المتزايدة التي نواجهها في العالم اليوم، مثل الحصول على الرعاية الصحية مروراً بالبنية التحتية وإلى التقنية.
من المناسب أن تسعى دبي لتصبح مركزاً وملتقىً من خلال منافستها على معرض إكسبو العالمي. ولا عجب، فذلك جوهر دبي، أحدث مدينة عالمية في القرن الـ21، مكان يعيش فيه أناس من أكثر من 200 جنسية يعملون ويحلمون معاً. ودبي أيضاً من أكثر المواقع ارتباطاً بمختلف أنحاء العالم في الأرض، فكل 90 ثانية تقلع أو تهبط طائرة في دبي. وكل دقيقة يجري إنزال 100 حاوية في موانئ دبي. وكل يوم يصل أكثر من 30000 زائر دولي إلى دبي لأغراض التجارة أو لمجرد الاستمتاع بمشاهدة مناظر المدينة والاستماع لأصواتها.
بفضل أكثر من 11 مليون زائر دولي في العام تحل دبي ضمن أكبر 10 مدن للجذب السياحي في العالم متفوقة بذلك على مدن كبرى مثل نيويورك وأمستردام وشنغهاي وبكين.
ومطار دبي الدولي في طريقه ليصبح أكبر مطارات العالم من حيث حركة المسافرين الدوليين بحلول عام 2015. وعلى الرغم من كل ذلك فلا يزال هناك مجال هائل للتقدم. من المقرر أن يفتتح مطار آل مكتوم الجديد، الذي سيكون بجوار موقع معرض إكسبو 2020، أمام حركة المسافرين بحلول عام 2020. وعند طاقته التشغيلية القصوى يستوعب المطار 160 مليون مسافر في العام.
تقع دبي أيضاً على ملتقى أكثر الاتجاهات الجغرافية الاقتصادية التي تشكل عالمنا: نهضة الأسواق الصاعدة والدول النامية والتجارة جنوب - جنوب عبر العالم.
مع تقارب توازن الناتج القومي الإجمالي بين الشرق والغرب والشمال والجنوب تبرز ممرات استثمارية جديدة. وتلعب دبي دوراً رابطاً رئيساً من القاهرة إلى كراتشي ومن جاكارتا إلى جدة ومن ريو دي جانيرو إلى الرياض، تقوم فيه ببناء شبكات تجارية جديدة وتربط فيه الشعوب عبر العالم. إن العالم بحاجة إلى مراكز وروابط وبوابات ونقاط ربط.
لقد لعبت المراكز التجارية، من مدينة البندقية (فينيسيا) في القرن 16 إلى أمستردام في القرن 17 إلى لندن في القرن 18 وأخيراً باريس ونيويورك في القرنين 19 و20، دوراً حيوياً في التجارة والتنمية والتمازج الثقافي البيني ونقل الأفكار في مستقبلنا المشترك.
وعبر التاريخ أدى معرض إكسبو في شيكاغو وباريس وسياتل ومونتريال وشنغهاي وغيرها إلى رفعة وبروز المدن وإلى دفع تقدم الإنسانية. أما دبي فمدينة عالمية بارزة بالفعل، ولذلك فهي لا تحتاج إلى إكسبو لتحقيق ذلك، ولكنها تخرج من منطقة جريحة وبهذا تقع على عاتق إكسبو دبي مسؤولية ثقيلة.
إن إحدى أكثر الفجوات ضرراً التي تواجه العالم اليوم هي «فجوة الأمل». فالكثير من الشباب يفقدون الأمل في وجه البطالة والفساد والإهانة الاقتصادية. ليس هناك من وسيلة لقياس الأمل بالطبع، ولكن وكما قال البرت آينشتاين ذات مرة:
«ليس كل ما يمكن إحصاؤه يمكن الاعتماد عليه بالضرورة، وليس كل ما يمكن الاعتماد عليه يمكن إحصاؤه»، فالأمل يمكن الاعتماد عليه و«فجوة الأمل» هذه يجب سدها.
إحدى السبل لفعل ذلك هي جعل إكسبو دبي 2020 حياً منذ هذه اللحظة، والبدء في عملية من شأنها بناء ثقافة جديدة من الابتكار بصورة استباقية وملموسة عبر العالم العربي، ودعم بيئة مواتية للإنجاز العلمي والتقني وإدارة مشاريع ونمو اقتصادي يؤدي إلى خلق وظائف بصورة ملموسة.
يمكن أن يطلق على إكسبو دبي «إكسبو دبي 2020 ابتكار الجزيرة العربية»، ويجب أن يكون برنامجاً يربط جميع اللاعبين المتعددين من جميع منظومة الابتكار من الشركات والحكومات والمستثمرين ورجال الأعمال إلى الجامعات والمخترعين، ويجب أن يبدأ ذلك فوراً وليس في عام 2020.
ليس هناك من قوة أقدر على تنمية الاقتصاد وتقوية الأفراد وبناء عالم أفضل من الابتكار. ودبي ودولة الإمارات المتحدة في موقع مثالي لخدمة مركز «ابتكار الجزيرة العربية».
إني أتوق إلى ذلك اليوم بعد 7 سنوات الذي أرى فيه وجوهاً يافعة مفعمة بالأمل لصبي من مصر أو السعودية أو لفتاة من الإمارات أو المغرب يتجولون في قاعات إكسبو دبي 2020 ويحلمون أن يصبحوا يوماً ما بيل غيتس المقبل.
ليس من حق الشباب على إكسبو دبي أن يلهمهم فقط، ولكن أن يساعد في ثورة في السياسات عبر العالم العربي والتي تبني بيئة مواتية لهم وهم يبنون أحلامهم.
ما كان لبيل غيتس أن يكون لو كان قد عاش في مكان آخر غير الولايات المتحدة.
ووالد ستيف جوب سوري، لكنه كان سيكون أحد أولئك الشباب ذوي المقدرات المهدورة لو كان قد عاش في سوريا.
ستحتفل دبي ودولة الإمارات العربية عن استحقاق خلال الأيام القليلة المقبلة، لكن مع الانتصارات العظيمة تأتي مسؤوليات عظيمة وليس هناك تحدٍ يواجه العالم العربي اليوم أكبر من هذا. أتمنى أن ترتقي دبي لمستوى التحدي.
* نقلاً عن صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية
يقول بيل غيتس اليوم، وهو مؤسس برامج مايكروسوفت وأحد أعظم المبتكرين في التاريخ، إن تجربة زيارته لمعرض إكسبو العالمي في سياتل 1962 كانت ملهمة له. ولعلها كانت سبباً في تغيير حياته، ومن خلال ذلك قام بتغيير حياة مليارات البشر.
والآن أتى الدور على دبي لتلهم مبتكري ورواد المستقبل. إن فوز دبي باستضافة معرض إكسبو 2020 هو إنجاز متميز. وهو ثمرة جهود حملة استمرت زهاء عامين قادها بعض أبرز مسؤولي الدولة.. حملة اشتملت على خطة للبنية التحتية والإمدادات اللوجيستية إضافة إلى الرؤية الاستراتيجية للمعرض بوصفه مكاناً يجمع أفضل العقول من مختلف أرجاء العالم لمعالجة بعض أكبر التحديات التي يواجهها العالم.
معرض إكسبو دبي 2020 اتخذ شعاراً له هو «تواصل العقول وصنع المستقبل» وكذلك فكرة دبي المبتكرة «إكسبو لايف» الذي سيجمع المفكرين القياديين لبحث العديد من المسائل التي تتفاوت ما بين الطاقة والأمن المائي إلى توظيف الشباب والأنماط الاقتصادية الجديدة. كما سيسعى لبحث حلول مستدامة للفجوات المتزايدة التي نواجهها في العالم اليوم، مثل الحصول على الرعاية الصحية مروراً بالبنية التحتية وإلى التقنية.
من المناسب أن تسعى دبي لتصبح مركزاً وملتقىً من خلال منافستها على معرض إكسبو العالمي. ولا عجب، فذلك جوهر دبي، أحدث مدينة عالمية في القرن الـ21، مكان يعيش فيه أناس من أكثر من 200 جنسية يعملون ويحلمون معاً. ودبي أيضاً من أكثر المواقع ارتباطاً بمختلف أنحاء العالم في الأرض، فكل 90 ثانية تقلع أو تهبط طائرة في دبي. وكل دقيقة يجري إنزال 100 حاوية في موانئ دبي. وكل يوم يصل أكثر من 30000 زائر دولي إلى دبي لأغراض التجارة أو لمجرد الاستمتاع بمشاهدة مناظر المدينة والاستماع لأصواتها.
بفضل أكثر من 11 مليون زائر دولي في العام تحل دبي ضمن أكبر 10 مدن للجذب السياحي في العالم متفوقة بذلك على مدن كبرى مثل نيويورك وأمستردام وشنغهاي وبكين.
ومطار دبي الدولي في طريقه ليصبح أكبر مطارات العالم من حيث حركة المسافرين الدوليين بحلول عام 2015. وعلى الرغم من كل ذلك فلا يزال هناك مجال هائل للتقدم. من المقرر أن يفتتح مطار آل مكتوم الجديد، الذي سيكون بجوار موقع معرض إكسبو 2020، أمام حركة المسافرين بحلول عام 2020. وعند طاقته التشغيلية القصوى يستوعب المطار 160 مليون مسافر في العام.
تقع دبي أيضاً على ملتقى أكثر الاتجاهات الجغرافية الاقتصادية التي تشكل عالمنا: نهضة الأسواق الصاعدة والدول النامية والتجارة جنوب - جنوب عبر العالم.
مع تقارب توازن الناتج القومي الإجمالي بين الشرق والغرب والشمال والجنوب تبرز ممرات استثمارية جديدة. وتلعب دبي دوراً رابطاً رئيساً من القاهرة إلى كراتشي ومن جاكارتا إلى جدة ومن ريو دي جانيرو إلى الرياض، تقوم فيه ببناء شبكات تجارية جديدة وتربط فيه الشعوب عبر العالم. إن العالم بحاجة إلى مراكز وروابط وبوابات ونقاط ربط.
لقد لعبت المراكز التجارية، من مدينة البندقية (فينيسيا) في القرن 16 إلى أمستردام في القرن 17 إلى لندن في القرن 18 وأخيراً باريس ونيويورك في القرنين 19 و20، دوراً حيوياً في التجارة والتنمية والتمازج الثقافي البيني ونقل الأفكار في مستقبلنا المشترك.
وعبر التاريخ أدى معرض إكسبو في شيكاغو وباريس وسياتل ومونتريال وشنغهاي وغيرها إلى رفعة وبروز المدن وإلى دفع تقدم الإنسانية. أما دبي فمدينة عالمية بارزة بالفعل، ولذلك فهي لا تحتاج إلى إكسبو لتحقيق ذلك، ولكنها تخرج من منطقة جريحة وبهذا تقع على عاتق إكسبو دبي مسؤولية ثقيلة.
إن إحدى أكثر الفجوات ضرراً التي تواجه العالم اليوم هي «فجوة الأمل». فالكثير من الشباب يفقدون الأمل في وجه البطالة والفساد والإهانة الاقتصادية. ليس هناك من وسيلة لقياس الأمل بالطبع، ولكن وكما قال البرت آينشتاين ذات مرة:
«ليس كل ما يمكن إحصاؤه يمكن الاعتماد عليه بالضرورة، وليس كل ما يمكن الاعتماد عليه يمكن إحصاؤه»، فالأمل يمكن الاعتماد عليه و«فجوة الأمل» هذه يجب سدها.
إحدى السبل لفعل ذلك هي جعل إكسبو دبي 2020 حياً منذ هذه اللحظة، والبدء في عملية من شأنها بناء ثقافة جديدة من الابتكار بصورة استباقية وملموسة عبر العالم العربي، ودعم بيئة مواتية للإنجاز العلمي والتقني وإدارة مشاريع ونمو اقتصادي يؤدي إلى خلق وظائف بصورة ملموسة.
يمكن أن يطلق على إكسبو دبي «إكسبو دبي 2020 ابتكار الجزيرة العربية»، ويجب أن يكون برنامجاً يربط جميع اللاعبين المتعددين من جميع منظومة الابتكار من الشركات والحكومات والمستثمرين ورجال الأعمال إلى الجامعات والمخترعين، ويجب أن يبدأ ذلك فوراً وليس في عام 2020.
ليس هناك من قوة أقدر على تنمية الاقتصاد وتقوية الأفراد وبناء عالم أفضل من الابتكار. ودبي ودولة الإمارات المتحدة في موقع مثالي لخدمة مركز «ابتكار الجزيرة العربية».
إني أتوق إلى ذلك اليوم بعد 7 سنوات الذي أرى فيه وجوهاً يافعة مفعمة بالأمل لصبي من مصر أو السعودية أو لفتاة من الإمارات أو المغرب يتجولون في قاعات إكسبو دبي 2020 ويحلمون أن يصبحوا يوماً ما بيل غيتس المقبل.
ليس من حق الشباب على إكسبو دبي أن يلهمهم فقط، ولكن أن يساعد في ثورة في السياسات عبر العالم العربي والتي تبني بيئة مواتية لهم وهم يبنون أحلامهم.
ما كان لبيل غيتس أن يكون لو كان قد عاش في مكان آخر غير الولايات المتحدة.
ووالد ستيف جوب سوري، لكنه كان سيكون أحد أولئك الشباب ذوي المقدرات المهدورة لو كان قد عاش في سوريا.
ستحتفل دبي ودولة الإمارات العربية عن استحقاق خلال الأيام القليلة المقبلة، لكن مع الانتصارات العظيمة تأتي مسؤوليات عظيمة وليس هناك تحدٍ يواجه العالم العربي اليوم أكبر من هذا. أتمنى أن ترتقي دبي لمستوى التحدي.
* نقلاً عن صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية