بعيداً عن الصورة الصغيرة التي نمعن في مشاهدة تفاصيلها محلياً؛ فإن بعض التحليلات تقول إن ما يحدث من احتواء للوفاق «مثلاً» محلياً إنما هو جزء من تسويات إقليمية، أو إنه جزء مما تم الاتفاق عليه بين الدول العظمى وإيران على خلفية الاتفاق النووي.
خضوع حزب الشيطان في لبنان وقبوله بما يسمى (8/8/8) التي طرحتها كتلة 14 آذار للتشكيل الحكومي كخروج من الأزمة، والتي كان يرفضها سابقاً يؤكد أن هناك تسويات إقليمية أكبر مما يشاهده المواطن البحريني في الصورة الصغيرة التي أمامه.
هل خضوع الوفاق والقبول بتسويات معينة، وذهاب الوفاق بوفد كبير لدعوة سمو ولي العهد هو جزء من هذه التسويات الإقليمية؟ هل تخلت الوفاق عن شروط كبيرة وإملاءات كانت تقول إنه لا حل بدونها؛ بينما هي اليوم تريد حلاً دون ذلك بكثير؟
لا أعلم؛ إنما هذا مجرد تحليل شخصي لما حدث مؤخراً ليس إلا.
جلست بالأمس أقلب في بيان ائتلاف الجمعيات الوطنية -وهو اسم جميل لكن..!!- ثم أخذت أعيد قراءته، قلت في نفسي يبدو أن «التيار الكهربائي» كان مقطوعاً عن الائتلاف والتجمع، وقد عاد إليهم أمس وخرج البيان.. يبدو ذلك.
فلم نكن نسمع منهم شيئاً إلا ما ندر، وما لا يسمن ولا يغني من جوع، حتى ظننا أنهم ليسوا هنا..!!
ليس بعيداً عن موضوع الدعوة؛ لكن الذي استوقفني أن الائتلاف «يرفض» ويريد «ضمانات»..؟
شيء محير؛ لست مع كل ما يفعله البعض من تهكم على التجمع في الصحيفة الصفراء، أعرف أن ذلك حدث للصحيفة الصفراء منذ أن شاهدوا التجمع الحاشد الأول في 2011، وأنهم يريدون ضرب التجمع بمناسبة ومن غير مناسبة، غير أن الواقع المرير للتجمع وبعده عن إرادة ومطالب الشارع الذي أعطى التجمع الشرعية، كان أحد أسباب هذا التهكم.
مبدأ الحوار لا غبار عليه؛ ولا أحسب أي عاقل يقف ضد الحوار كمبدأ، غير أن ما يطرحه سواد كبير من الناس هو مع من نتحاور، وعلى ماذا نتحاور، وإلى ماذا سيؤدي هذا الحوار، وهل الحوار جاء كخضوع لحالة الإرهاب في الشارع؟
أحسبها كلها وجميعها أسئلة مشروعة، ومن حق أهل البحرين أن يطرحوا وجهة نظرهم اليوم، مادام مناخ الحريات يتيح لنا أن ننقد بحرية واحترام أي موقف سياسي.
دعوة سمو ولي العهد -حفظه الله- أحدثت اختلالات كثيرة، فما خرج عن ائتلاف الجمعيات يعتبر مفاجئاً للشارع، أخيراً خرج صوت للائتلاف، وقالوا «نرفض» ولا نعلم ماذا خلف هذا الرفض، هل هو رأيهم المستقل أم أشياء أخرى حدثت؟ لا نعلم.
الاختلالات الأخرى التي أحدثتها دعوة ولي العهد هي حالة الهجوم الشرس جداً، والذي وصل إلى حد التخوين بشخوص الوفاق الذين ذهبوا لوحدهم وتركوا بقية الجمعيات «ذيل الوفاق» دون تقدير، ودون أن تقول الوفاق لهم تعالوا، وهذا يعني أن جمعيات «الردح» التابعة للوفاق ما هي إلا تابعة، لا حول لها ولا قوة ولا إرادة لها..!
حتى وإن خرجت علينا جمعية «وعد» لتقول إن لها موقفها ولها شخصيتها، ولها خطها (والبلد مشكلتها مشكلة خطوط) بينما الواقع يقول إن الوفاق دائماً ما تترك «وعد» في الخلف في اللحظة الحاسمة، ولا تقيم لها وزناً ولا اعتباراً، لكن من الواضح أن الأجنحة المسيطرة على «وعد» تريد أخذها إلى الاصطفاف الطائفي، وهذه مأساة كبيرة لجمعية من المفترض أن تكون ليبرالية وعلمانية على خلفيات قومية وشيوعية سابقة.
الدعوة جعلت الوفاق تصطدم ببقية الجمعيات، حتى وإن لم يظهر ذلك على السطح، إلا أن ما ينقل عن بعض الأشخاص يظهر أن هناك حالة تقاذف وحالة فقدان للثقة بين الجانبين، وهذا ينطبق على «عفاطي» الجمعيات التابعة للوفاق..!
أيضاً هناك هجمة شرسة تخوينية أصابت كل من ذهب من أعضاء الوفاق لتلبية الدعوة، بل إن الأمر وصل للشتائم، والبعض قال عمن ذهبوا كلاماً لا يقوله المتخاصمون ولا من بينهم حروب حين تشتعل الحرب الكلامية.
هذه الاختلالات جعلت هذا «يخبط» في ذاك، وجعلت بعض من نحسبهم أنهم يقفون في صف واحد يخرجون على بعض، كما إن من كان يشرعن للإرهاب من فوق المنابر قال في خطبته إنه مع السلمية والحوار، ووضع إملاءات وشروط، غير أن هذه الشروط سقطت منها بنود كثيرة مثل الحكومة المنتخبة التي دندنت عليها الوفاق (هي والمشرعن لها من فوق المنابر) ويبدو أنها أصبحت سراباً..!!
من جملة ما حدث أيضاً؛ هو ما فعله مريدو الوفاق أو بقية الحركات المحظورة حين أخذوا يكيلون بالكلام اللاذع لعلي سلمان، فقالوا له؛ أين وثيقة المنامة التي كنت تقول إنها أساس للحل؟ أين هي من كل ما تطرحه الوفاق اليوم؟
كل ذلك حدث من بعد أن ألقي حجر في المياه الراكدة، حتى من كان ممتعضاً من الدعوة لم يتخيل أن كل هذا سيحدث، غير أن ما أحدثته الدعوة هو تصادم رؤوس برؤوس من ذات التيار، ومن فعل بهم ذلك فعله عن ذكاء سياسي.
أعود إلى ائتلاف الجمعيات الذي أعطانا شعوراً خلال الحوار الأخير أنه من غير مشروع، وأخذ ينشق عنه آخرون، فحين يقول ائتلاف الجمعيات إنه ضد المحاصصة، وضد الصفقات خارج الحوار وإنه يريد ضمانات، ويعلن عن رفضه لطريقة وضع الآليات وجدول الأعمال؛ فإن هذا يشبه الاستفاقة المتأخرة، غير أن السؤال هو؛ لماذا؟ هل طرح ممثلو الائتلاف هذه النقاط خلال لقاء سمو ولي العهد أم بعد اللقاء بأيام؟
الائتلاف غائب وضعيف، حتى أن الناس شعروا أنه مثل الذي يقال له «تعال تعال.. روح روح»، فمن وضع نفسه في هذه الخانة ليس عليه التباكي من أنه «مهمش»، الائتلاف همش نفسه -مع احترامي للمحترمين داخل الائتلاف حتى لا نصيب أحداً بظلم-، ولا يبدو أن هناك صحوة تصحيحية حتى مع عودة «الكهرباء» للتجمع والكهرباء هنا مجاز سياسي..!
{{ article.visit_count }}
خضوع حزب الشيطان في لبنان وقبوله بما يسمى (8/8/8) التي طرحتها كتلة 14 آذار للتشكيل الحكومي كخروج من الأزمة، والتي كان يرفضها سابقاً يؤكد أن هناك تسويات إقليمية أكبر مما يشاهده المواطن البحريني في الصورة الصغيرة التي أمامه.
هل خضوع الوفاق والقبول بتسويات معينة، وذهاب الوفاق بوفد كبير لدعوة سمو ولي العهد هو جزء من هذه التسويات الإقليمية؟ هل تخلت الوفاق عن شروط كبيرة وإملاءات كانت تقول إنه لا حل بدونها؛ بينما هي اليوم تريد حلاً دون ذلك بكثير؟
لا أعلم؛ إنما هذا مجرد تحليل شخصي لما حدث مؤخراً ليس إلا.
جلست بالأمس أقلب في بيان ائتلاف الجمعيات الوطنية -وهو اسم جميل لكن..!!- ثم أخذت أعيد قراءته، قلت في نفسي يبدو أن «التيار الكهربائي» كان مقطوعاً عن الائتلاف والتجمع، وقد عاد إليهم أمس وخرج البيان.. يبدو ذلك.
فلم نكن نسمع منهم شيئاً إلا ما ندر، وما لا يسمن ولا يغني من جوع، حتى ظننا أنهم ليسوا هنا..!!
ليس بعيداً عن موضوع الدعوة؛ لكن الذي استوقفني أن الائتلاف «يرفض» ويريد «ضمانات»..؟
شيء محير؛ لست مع كل ما يفعله البعض من تهكم على التجمع في الصحيفة الصفراء، أعرف أن ذلك حدث للصحيفة الصفراء منذ أن شاهدوا التجمع الحاشد الأول في 2011، وأنهم يريدون ضرب التجمع بمناسبة ومن غير مناسبة، غير أن الواقع المرير للتجمع وبعده عن إرادة ومطالب الشارع الذي أعطى التجمع الشرعية، كان أحد أسباب هذا التهكم.
مبدأ الحوار لا غبار عليه؛ ولا أحسب أي عاقل يقف ضد الحوار كمبدأ، غير أن ما يطرحه سواد كبير من الناس هو مع من نتحاور، وعلى ماذا نتحاور، وإلى ماذا سيؤدي هذا الحوار، وهل الحوار جاء كخضوع لحالة الإرهاب في الشارع؟
أحسبها كلها وجميعها أسئلة مشروعة، ومن حق أهل البحرين أن يطرحوا وجهة نظرهم اليوم، مادام مناخ الحريات يتيح لنا أن ننقد بحرية واحترام أي موقف سياسي.
دعوة سمو ولي العهد -حفظه الله- أحدثت اختلالات كثيرة، فما خرج عن ائتلاف الجمعيات يعتبر مفاجئاً للشارع، أخيراً خرج صوت للائتلاف، وقالوا «نرفض» ولا نعلم ماذا خلف هذا الرفض، هل هو رأيهم المستقل أم أشياء أخرى حدثت؟ لا نعلم.
الاختلالات الأخرى التي أحدثتها دعوة ولي العهد هي حالة الهجوم الشرس جداً، والذي وصل إلى حد التخوين بشخوص الوفاق الذين ذهبوا لوحدهم وتركوا بقية الجمعيات «ذيل الوفاق» دون تقدير، ودون أن تقول الوفاق لهم تعالوا، وهذا يعني أن جمعيات «الردح» التابعة للوفاق ما هي إلا تابعة، لا حول لها ولا قوة ولا إرادة لها..!
حتى وإن خرجت علينا جمعية «وعد» لتقول إن لها موقفها ولها شخصيتها، ولها خطها (والبلد مشكلتها مشكلة خطوط) بينما الواقع يقول إن الوفاق دائماً ما تترك «وعد» في الخلف في اللحظة الحاسمة، ولا تقيم لها وزناً ولا اعتباراً، لكن من الواضح أن الأجنحة المسيطرة على «وعد» تريد أخذها إلى الاصطفاف الطائفي، وهذه مأساة كبيرة لجمعية من المفترض أن تكون ليبرالية وعلمانية على خلفيات قومية وشيوعية سابقة.
الدعوة جعلت الوفاق تصطدم ببقية الجمعيات، حتى وإن لم يظهر ذلك على السطح، إلا أن ما ينقل عن بعض الأشخاص يظهر أن هناك حالة تقاذف وحالة فقدان للثقة بين الجانبين، وهذا ينطبق على «عفاطي» الجمعيات التابعة للوفاق..!
أيضاً هناك هجمة شرسة تخوينية أصابت كل من ذهب من أعضاء الوفاق لتلبية الدعوة، بل إن الأمر وصل للشتائم، والبعض قال عمن ذهبوا كلاماً لا يقوله المتخاصمون ولا من بينهم حروب حين تشتعل الحرب الكلامية.
هذه الاختلالات جعلت هذا «يخبط» في ذاك، وجعلت بعض من نحسبهم أنهم يقفون في صف واحد يخرجون على بعض، كما إن من كان يشرعن للإرهاب من فوق المنابر قال في خطبته إنه مع السلمية والحوار، ووضع إملاءات وشروط، غير أن هذه الشروط سقطت منها بنود كثيرة مثل الحكومة المنتخبة التي دندنت عليها الوفاق (هي والمشرعن لها من فوق المنابر) ويبدو أنها أصبحت سراباً..!!
من جملة ما حدث أيضاً؛ هو ما فعله مريدو الوفاق أو بقية الحركات المحظورة حين أخذوا يكيلون بالكلام اللاذع لعلي سلمان، فقالوا له؛ أين وثيقة المنامة التي كنت تقول إنها أساس للحل؟ أين هي من كل ما تطرحه الوفاق اليوم؟
كل ذلك حدث من بعد أن ألقي حجر في المياه الراكدة، حتى من كان ممتعضاً من الدعوة لم يتخيل أن كل هذا سيحدث، غير أن ما أحدثته الدعوة هو تصادم رؤوس برؤوس من ذات التيار، ومن فعل بهم ذلك فعله عن ذكاء سياسي.
أعود إلى ائتلاف الجمعيات الذي أعطانا شعوراً خلال الحوار الأخير أنه من غير مشروع، وأخذ ينشق عنه آخرون، فحين يقول ائتلاف الجمعيات إنه ضد المحاصصة، وضد الصفقات خارج الحوار وإنه يريد ضمانات، ويعلن عن رفضه لطريقة وضع الآليات وجدول الأعمال؛ فإن هذا يشبه الاستفاقة المتأخرة، غير أن السؤال هو؛ لماذا؟ هل طرح ممثلو الائتلاف هذه النقاط خلال لقاء سمو ولي العهد أم بعد اللقاء بأيام؟
الائتلاف غائب وضعيف، حتى أن الناس شعروا أنه مثل الذي يقال له «تعال تعال.. روح روح»، فمن وضع نفسه في هذه الخانة ليس عليه التباكي من أنه «مهمش»، الائتلاف همش نفسه -مع احترامي للمحترمين داخل الائتلاف حتى لا نصيب أحداً بظلم-، ولا يبدو أن هناك صحوة تصحيحية حتى مع عودة «الكهرباء» للتجمع والكهرباء هنا مجاز سياسي..!