عرف تاريخ البشرية آلاماً وصراعات عبر القرون، وأدى لذلك ثلاثة دوافع؛ الرغبة في السيطرة على الآخر وإذلاله، الرغبة في الحصول على ثروات الشعوب، والرغبة في تحقيق العظمة وبناء إمبراطوريات. لكن القرن الحادي والعشرين يتجه فكرياً، وإن لم يتطابق الفكر مع سياسات الدول حتى الآن، نحو مبادئ التوافق والسلام والتعاون المستقبلي وليس الانحصار في الماضي بالآمه وأحزانه ومآسيه وأوهامه وطموحاته.
ولعل هذا ينطبق على قارة آسيا أكثر من غيرها في حين أن العالم الأوروبي والأمريكي يتجه نحو البناء المستقبلي والتوصل لحلول تقرب الشعوب من بعضها بدلاً من أن تخدعها بالدعوة للعودة للماضي أو ادعاء التدين والحقيقة هي خداع الشعوب والتلاعب بمصالحها ومشاعرها من اجل كسب أصوات انتخابية، ولعل أكثر المناطق التي يتجلى فيها ذلك ثلاث هي شرق آسيا وجنوب آسيا وغرب آسيا «الشرق الأوسط».
وبعض القوى الرئيسة في تلك المناطق تعيش في أوهام الماضي فقد عرفت فترة مابين الحربين العالميتين ما أطلق عليه مجال الرفاه المشترك لشرق آسيا الكبرى Greater East Asia Co-Prosperity Sphere، وهو مشروع استعماري بامتياز انطلقت من خلاله العسكرية اليابانية لاحتلال شرق آسيا وجنوب شرقها وهو المقابل الآسيوي لمشروع المجال الحيوي الذي أطلقه هتلر في أوروبا، والذي أدى لقيام الحرب العالمية الثانية.
ومن المفترض أن هذا يُترك للمؤرخين والدارسين للعبرة وتجنب الشعوب العواقب الوخيمة من تلك المشروعات والأحداث، وهذا ما تفعله الدول الأوروبية، بخلاف الوضع في شرق آسيا فيما يسمى بضريح «ياسوكوني»، وقيام بعض السياسيين اليابانيين كلما رغبوا في الحصول على شعبية بزيارته، وهو ضريح أقامه اليابانيون لضحاياهم من الحروب الاستعمارية ضد دول شرق آسيا وجنوبها الشرقي، وضم أيضاً رفات من اتهموا وحوكموا على أنهم مجرمو حرب، ومن ثم فإن ضم رفات هؤلاء وبوجه خاص من جرى توصيفهم كمجرمي حرب من الفئة الأولى عام 1978 اعتبر عملاً يشجع ويعزز الاتجاه اليميني المتطرف في اليابان، والذي أدى إلى بروز العسكرية اليابانية بتوجهاتها العدوانية ضد الدول في شرق آسيا وجنوب شرق آسيا وعلى وجه الخصوص الصين وكوريا، ومن ثم فإن تكريم رفاتهم أثار تلك الشعوب وجعلها تنظر للقيادات اليابانية ذات التوجه اليميني وكذلك للشعب الياباني نظرة سلبية، رغم أنه شعب يحب العمل والاجتهاد ولديه قدر من الابتكار وحقق معجزة اقتصادية منذ منتصف القرن العشرين ويقدر الصين وحضارتها والتي تعد الثقافة والحضارة اليابانية إحدى تجلياتها. ولكن آفة الشعوب الشرقية وبخاصة في قارتنا الآسيوية من شرقها لجنوبها لغربها هو فئتان فئة السياسيين وفئة رجال الدين.
ومن المفترض أن تكون هاتان الفئتان أداة تنوير وتقريب بين الشعوب، والبعد عن إثارة الخلافات والصراعات، ويبدو أنها تقوم بالعكس تماماً، كما لو كان وجودها بهدف بث الفرقة والانقسام وهذا ما يتركه من انطباع وسلوك بعض قادة اليابان الذين يزورون من حين لآخر هذا الضريح الذي يمثل حساسية بالغة لشعوب كوريا الجنوبية والشمالية والصين وتايوان وسنغافورة وغيرها من دول الآسيان بوجه عام، لأنهم يرون في ذلك ثلاثة أمور:
أولها: إنه يمثل استفزازاً لهذه الشعوب بإثارة واسترجاع الذكريات الأليمة من عدوان العسكرية اليابانية التي احتلت بلادهم وانتهكت أبسط المبادئ الإنسانية لشعوبهم باستخدام النساء خاصة كأدوات للترفيه عن جنودهم ولإذلال شعوب المستعمرات في تلك الحرب البغيضة.
ثانيها: إنه لا منطق ولا هدف موضوعي يمكن خدمته من القيام بزيارة لضريح قتلى الحرب الظالمة، ولفهم ذلك هل لو أقام الألمان نصباً تذكارياً لهتلر، وأقام الإيطاليون نصباً لموسوليني ماذا سيكون رد فعل الدول والشعوب الأوروبية التي عانت من حروبهما؟
إن مثل هذا التصرف لا يخدم هدف التقارب بين الشعوب في عصرنا الحاضر. بل إنه يستدعي الآلام الماضية ومآسيها ومن ثم يستدعي أسوأ ما في الخصائص النفسية للشعوب ويثير أحقادها ضد بعضها البعض، ولذلك انتقدت الولايات المتحدة هذا التصرف من رئيس وزراء اليابان كما انتقدته بشدة أكبر الصين وكوريا وغيرها من دول شرق آسيا.
ثالثها: إن عالم القرن الحادي والعشرين هو عالم البناء والتقارب والتفاهم بين الشعوب وليس عالم الحروب والصراعات خاصة أن الكرة الأرضية أصبحت قرية صغيرة وأسلحة الدمار الشامل أصبحت أكثر فتكاً وتدميراً ومن ثم فإن القيادات السياسية العاقلة تحرص على تجنب إثارة الخصومات وتحريك الفتن والخلافات.
وبصفتي متخصصاً في قضايا شرق آسيا خاصة والقضايا الآسيوية بوجه عام، فإنني أناشد قيادات اليابان الصديقة للشعوب العربية أن تنظر للمستقبل، كما أتوجه بنفس النداء لشعوب شرق آسيا وقادتها. وليقدموا لنا النموذج الذي نعجب به فيما أنجزته تلك الشعوب من بناء وعمران وتنمية اقتصادية وديمقراطية لشعوبها مما حقق لها معجزات في اليابان والصين وكوريا وسنغافورة وغيرها من دول النمور الآسيوية.
إنني اقترح عليهم التفكير في المستقبل والتركيز عليه حتى نقتدي بهم، وليس استدعاء الماضي، كما يحدث في جنوب آسيا. وفي غرب آسيا. إننا نريد أن نقتدي بهم ولا نريدهم أن يقتدوا بنا في دائرة الصراع والعداء والكراهية الجهنمية بلا ضوء في آخر النفق. إنني أدعو لأن نترك الماضي وننظر للمستقبل. وهذا يستدعي أن تعيد القيادات السياسية اليابانية النظر في القضايا أو الممارسات التي تستفز الدول الأخرى وتستدعي لديها الذكريات الأليمة.
وأذكر ذلك العمل الرائع الذي قام به الإمبراطور هيروهيتو وخطابه الوطني البليغ المتسم بالواقعية في نهاية الحرب العالمية الثانية والذي أدى لاستسلام اليابان وجنب شعبها ويلات استخدام قنبلة نووية أخرى أكثر تطوراً وتدميراً من القنبلتين اللتين ألقيتا علي هيروشيما وناجازاكي وما زال أهل هذه المناطق يعانون من آثارهما ويتذكرون شهداءهم في إطار الحملة الوطنية والدولية لحظر استخدام الأسلحة النووية.
ولعل هذا ينطبق على قارة آسيا أكثر من غيرها في حين أن العالم الأوروبي والأمريكي يتجه نحو البناء المستقبلي والتوصل لحلول تقرب الشعوب من بعضها بدلاً من أن تخدعها بالدعوة للعودة للماضي أو ادعاء التدين والحقيقة هي خداع الشعوب والتلاعب بمصالحها ومشاعرها من اجل كسب أصوات انتخابية، ولعل أكثر المناطق التي يتجلى فيها ذلك ثلاث هي شرق آسيا وجنوب آسيا وغرب آسيا «الشرق الأوسط».
وبعض القوى الرئيسة في تلك المناطق تعيش في أوهام الماضي فقد عرفت فترة مابين الحربين العالميتين ما أطلق عليه مجال الرفاه المشترك لشرق آسيا الكبرى Greater East Asia Co-Prosperity Sphere، وهو مشروع استعماري بامتياز انطلقت من خلاله العسكرية اليابانية لاحتلال شرق آسيا وجنوب شرقها وهو المقابل الآسيوي لمشروع المجال الحيوي الذي أطلقه هتلر في أوروبا، والذي أدى لقيام الحرب العالمية الثانية.
ومن المفترض أن هذا يُترك للمؤرخين والدارسين للعبرة وتجنب الشعوب العواقب الوخيمة من تلك المشروعات والأحداث، وهذا ما تفعله الدول الأوروبية، بخلاف الوضع في شرق آسيا فيما يسمى بضريح «ياسوكوني»، وقيام بعض السياسيين اليابانيين كلما رغبوا في الحصول على شعبية بزيارته، وهو ضريح أقامه اليابانيون لضحاياهم من الحروب الاستعمارية ضد دول شرق آسيا وجنوبها الشرقي، وضم أيضاً رفات من اتهموا وحوكموا على أنهم مجرمو حرب، ومن ثم فإن ضم رفات هؤلاء وبوجه خاص من جرى توصيفهم كمجرمي حرب من الفئة الأولى عام 1978 اعتبر عملاً يشجع ويعزز الاتجاه اليميني المتطرف في اليابان، والذي أدى إلى بروز العسكرية اليابانية بتوجهاتها العدوانية ضد الدول في شرق آسيا وجنوب شرق آسيا وعلى وجه الخصوص الصين وكوريا، ومن ثم فإن تكريم رفاتهم أثار تلك الشعوب وجعلها تنظر للقيادات اليابانية ذات التوجه اليميني وكذلك للشعب الياباني نظرة سلبية، رغم أنه شعب يحب العمل والاجتهاد ولديه قدر من الابتكار وحقق معجزة اقتصادية منذ منتصف القرن العشرين ويقدر الصين وحضارتها والتي تعد الثقافة والحضارة اليابانية إحدى تجلياتها. ولكن آفة الشعوب الشرقية وبخاصة في قارتنا الآسيوية من شرقها لجنوبها لغربها هو فئتان فئة السياسيين وفئة رجال الدين.
ومن المفترض أن تكون هاتان الفئتان أداة تنوير وتقريب بين الشعوب، والبعد عن إثارة الخلافات والصراعات، ويبدو أنها تقوم بالعكس تماماً، كما لو كان وجودها بهدف بث الفرقة والانقسام وهذا ما يتركه من انطباع وسلوك بعض قادة اليابان الذين يزورون من حين لآخر هذا الضريح الذي يمثل حساسية بالغة لشعوب كوريا الجنوبية والشمالية والصين وتايوان وسنغافورة وغيرها من دول الآسيان بوجه عام، لأنهم يرون في ذلك ثلاثة أمور:
أولها: إنه يمثل استفزازاً لهذه الشعوب بإثارة واسترجاع الذكريات الأليمة من عدوان العسكرية اليابانية التي احتلت بلادهم وانتهكت أبسط المبادئ الإنسانية لشعوبهم باستخدام النساء خاصة كأدوات للترفيه عن جنودهم ولإذلال شعوب المستعمرات في تلك الحرب البغيضة.
ثانيها: إنه لا منطق ولا هدف موضوعي يمكن خدمته من القيام بزيارة لضريح قتلى الحرب الظالمة، ولفهم ذلك هل لو أقام الألمان نصباً تذكارياً لهتلر، وأقام الإيطاليون نصباً لموسوليني ماذا سيكون رد فعل الدول والشعوب الأوروبية التي عانت من حروبهما؟
إن مثل هذا التصرف لا يخدم هدف التقارب بين الشعوب في عصرنا الحاضر. بل إنه يستدعي الآلام الماضية ومآسيها ومن ثم يستدعي أسوأ ما في الخصائص النفسية للشعوب ويثير أحقادها ضد بعضها البعض، ولذلك انتقدت الولايات المتحدة هذا التصرف من رئيس وزراء اليابان كما انتقدته بشدة أكبر الصين وكوريا وغيرها من دول شرق آسيا.
ثالثها: إن عالم القرن الحادي والعشرين هو عالم البناء والتقارب والتفاهم بين الشعوب وليس عالم الحروب والصراعات خاصة أن الكرة الأرضية أصبحت قرية صغيرة وأسلحة الدمار الشامل أصبحت أكثر فتكاً وتدميراً ومن ثم فإن القيادات السياسية العاقلة تحرص على تجنب إثارة الخصومات وتحريك الفتن والخلافات.
وبصفتي متخصصاً في قضايا شرق آسيا خاصة والقضايا الآسيوية بوجه عام، فإنني أناشد قيادات اليابان الصديقة للشعوب العربية أن تنظر للمستقبل، كما أتوجه بنفس النداء لشعوب شرق آسيا وقادتها. وليقدموا لنا النموذج الذي نعجب به فيما أنجزته تلك الشعوب من بناء وعمران وتنمية اقتصادية وديمقراطية لشعوبها مما حقق لها معجزات في اليابان والصين وكوريا وسنغافورة وغيرها من دول النمور الآسيوية.
إنني اقترح عليهم التفكير في المستقبل والتركيز عليه حتى نقتدي بهم، وليس استدعاء الماضي، كما يحدث في جنوب آسيا. وفي غرب آسيا. إننا نريد أن نقتدي بهم ولا نريدهم أن يقتدوا بنا في دائرة الصراع والعداء والكراهية الجهنمية بلا ضوء في آخر النفق. إنني أدعو لأن نترك الماضي وننظر للمستقبل. وهذا يستدعي أن تعيد القيادات السياسية اليابانية النظر في القضايا أو الممارسات التي تستفز الدول الأخرى وتستدعي لديها الذكريات الأليمة.
وأذكر ذلك العمل الرائع الذي قام به الإمبراطور هيروهيتو وخطابه الوطني البليغ المتسم بالواقعية في نهاية الحرب العالمية الثانية والذي أدى لاستسلام اليابان وجنب شعبها ويلات استخدام قنبلة نووية أخرى أكثر تطوراً وتدميراً من القنبلتين اللتين ألقيتا علي هيروشيما وناجازاكي وما زال أهل هذه المناطق يعانون من آثارهما ويتذكرون شهداءهم في إطار الحملة الوطنية والدولية لحظر استخدام الأسلحة النووية.