محظوظة تلك التيارات الدينية ذات النزعة المتطرفة التي تمثل أقلية في مجتمعاتها.. فبريطانيا هي من يحتضنها ويرعاها.
في مشهد ملؤه الهمجية والوحشية، تشعر وأنت تراه كأنك تشاهد برنامج «خلق ليفترس» على قناة «ناشيونال جيوغرافيك»، وحوش تحاصر فريستها وتنقض عليها مستخدمة القضبان الحديدية والمعاول وأدوات الحفر، لكن هذه المرة انقضاض باسم الدين وتحت رايته.
هذا ما جرى بالضبط قبل بضعة أيام في حقل الرميلة النفطي في البصرة جنوب العراق، مهندس بريطاني يعمل لصالح شركة نفطية انتزع راية سوداء كتب عليها «يا حسين» كان قد وضعها عمال على سيارته دون إذن منه لإحياء مناسبة دينية تخصهم ولا تمثل له شيئاً، فهجموا عليه بالعشرات وانهالوا عليه باللكمات والحديد، ثم جاءت القوات الأمنية العراقية لا لتنقذه من بين أيديهم بل لتشارك في «المنازلة التاريخية».. الرجل مضرج بدمائه ويستغيث وأصواتهم تتعالى «لبيك يا حسين» و«صلوا على محمد».
للحادث أبعاد وجوانب متعددة منها ما يتعلق بسياسة بريطانيا التي لعبت على الورقة الدينية وراهنت عليها سنين طويلة، فهي ورقة رابحة في كل زمان ومكان، ولأنها تتقن اللعبة فقد اختارت من الديانات تيارات تمثل أقلية ولها نزعة متطرفة، فعملت على تقوية وجودها على حساب وجود الأغلبية.
كان ذلك في دول عدة؛ ففي البحرين مثلاً دعمت الوجود الشيعي على حساب الوجود السني الذي عملت على إضعافه، والكل يعرف قضية الدواسر التي عملت على إبعادهم من البحرين، أما في عصرنا الحاضر؛ فقد دعمت أعمال الشغب والغوغاء واحتضنت الانقلابيين وعلى حساب الأغلبية مرة أخرى. أما في العراق أيام الحكم الملكي فكانت تخصص مساعدات مالية لكل من يلطم ويطبر ويضرب نفسه بالسلاسل خلال شهر محرم، وبعد ذلك احتضنت أحزابه الدينية المتطرفة، حتى جاءت بهم بعد الغزو الأمريكي لتعمل من خلالهم، وفي مصر تتحدث عن محنة الأقلية الشيعية التي تتعرض للإيذاء والتهميش بسبب معتقدها، وكلنا يعرف مصر ولم نعلم بوجود شيعة فيها أصلاً.
هذه السياسة لم تعد خافية على أحد بعدما تطرق إليها كتاب بريطانيون؛ ففي كتاب «العلاقات السرية.. التواطؤ البريطاني مع الإسلام الراديكالي» أكد مؤلفه الصحفي الإنجليزي مارك كيرتس أن بريطانيا عملت من خلال الشيعة في جنوب العراق، وعندما انسحبت من البصرة سلمت مسؤولياتها للميليشيات؛ وكذلك بعد أن تطرق إليها علماء الشيعة أنفسهم، فهذا الشيخ عباس الخوئي، ابن المرجع قاسم الخوئي، في تسجيل مصور له يقول: «إن أمر المرجعية موكول إلى قرار الحكومة البريطانية»، فليس من المستغرب وجود أكثر من ثلاثين مؤسسة دينية شيعية تعمل في بريطانيا في نشاطات مختلفة.
لست هنا بمعرض الدفاع عن هذا البريطاني، ولا يهمني أمره، ولكن لأذكّر أن بريطانيا هي التي احتضنت هذه التيارات المتطرفة وأنتجت ميليشياتها وقوتها ورعتها وعملت من خلالها، واستخدمتها ورقة لتحقيق مصالحها، وعليها ألاَّ تحزن ولا تبتئس ولا تتضايق من هذا الحدث «فاللي يجلس عند الحداد يتحمل شراره».
{{ article.visit_count }}
في مشهد ملؤه الهمجية والوحشية، تشعر وأنت تراه كأنك تشاهد برنامج «خلق ليفترس» على قناة «ناشيونال جيوغرافيك»، وحوش تحاصر فريستها وتنقض عليها مستخدمة القضبان الحديدية والمعاول وأدوات الحفر، لكن هذه المرة انقضاض باسم الدين وتحت رايته.
هذا ما جرى بالضبط قبل بضعة أيام في حقل الرميلة النفطي في البصرة جنوب العراق، مهندس بريطاني يعمل لصالح شركة نفطية انتزع راية سوداء كتب عليها «يا حسين» كان قد وضعها عمال على سيارته دون إذن منه لإحياء مناسبة دينية تخصهم ولا تمثل له شيئاً، فهجموا عليه بالعشرات وانهالوا عليه باللكمات والحديد، ثم جاءت القوات الأمنية العراقية لا لتنقذه من بين أيديهم بل لتشارك في «المنازلة التاريخية».. الرجل مضرج بدمائه ويستغيث وأصواتهم تتعالى «لبيك يا حسين» و«صلوا على محمد».
للحادث أبعاد وجوانب متعددة منها ما يتعلق بسياسة بريطانيا التي لعبت على الورقة الدينية وراهنت عليها سنين طويلة، فهي ورقة رابحة في كل زمان ومكان، ولأنها تتقن اللعبة فقد اختارت من الديانات تيارات تمثل أقلية ولها نزعة متطرفة، فعملت على تقوية وجودها على حساب وجود الأغلبية.
كان ذلك في دول عدة؛ ففي البحرين مثلاً دعمت الوجود الشيعي على حساب الوجود السني الذي عملت على إضعافه، والكل يعرف قضية الدواسر التي عملت على إبعادهم من البحرين، أما في عصرنا الحاضر؛ فقد دعمت أعمال الشغب والغوغاء واحتضنت الانقلابيين وعلى حساب الأغلبية مرة أخرى. أما في العراق أيام الحكم الملكي فكانت تخصص مساعدات مالية لكل من يلطم ويطبر ويضرب نفسه بالسلاسل خلال شهر محرم، وبعد ذلك احتضنت أحزابه الدينية المتطرفة، حتى جاءت بهم بعد الغزو الأمريكي لتعمل من خلالهم، وفي مصر تتحدث عن محنة الأقلية الشيعية التي تتعرض للإيذاء والتهميش بسبب معتقدها، وكلنا يعرف مصر ولم نعلم بوجود شيعة فيها أصلاً.
هذه السياسة لم تعد خافية على أحد بعدما تطرق إليها كتاب بريطانيون؛ ففي كتاب «العلاقات السرية.. التواطؤ البريطاني مع الإسلام الراديكالي» أكد مؤلفه الصحفي الإنجليزي مارك كيرتس أن بريطانيا عملت من خلال الشيعة في جنوب العراق، وعندما انسحبت من البصرة سلمت مسؤولياتها للميليشيات؛ وكذلك بعد أن تطرق إليها علماء الشيعة أنفسهم، فهذا الشيخ عباس الخوئي، ابن المرجع قاسم الخوئي، في تسجيل مصور له يقول: «إن أمر المرجعية موكول إلى قرار الحكومة البريطانية»، فليس من المستغرب وجود أكثر من ثلاثين مؤسسة دينية شيعية تعمل في بريطانيا في نشاطات مختلفة.
لست هنا بمعرض الدفاع عن هذا البريطاني، ولا يهمني أمره، ولكن لأذكّر أن بريطانيا هي التي احتضنت هذه التيارات المتطرفة وأنتجت ميليشياتها وقوتها ورعتها وعملت من خلالها، واستخدمتها ورقة لتحقيق مصالحها، وعليها ألاَّ تحزن ولا تبتئس ولا تتضايق من هذا الحدث «فاللي يجلس عند الحداد يتحمل شراره».