أدى توقف المحادثات مع إيران 10 أيام قبل بدء الجولة التالية إلى ارتفاع مخاطر احتمالات عدم التوصل إلى اتفاق في محادثات «جنيف 3»، لأنه سيمنح الوقت الكافي للخصوم من كل الأطراف لاستعادة نشاطهم وإثارة مزيد من الشكوك.
كان الكونغرس الأمريكي أحد هؤلاء الخصوم الذين حفزهم اللوبي الإسرائيلي والجمهوريون التقليديون. وعلى الجانب الآخر، كان الخصوم، في إيران، المحافظين المتشددين، الذين عارضوا، بشكل أساسي، أي مفاوضات وتصديق الدول الغربية والولايات المتحدة، على وجه الخصوص.
وسط هذه الأجواء نفد صبر كلا الطرفين عندما أخفقا في التوصل إلى اتفاق نووي في جنيف الأسبوع الماضي. ورغم تهديد الكونغرس إدارة أوباما بفرض سلسلة جديدة من العقوبات، يصارع وزير الخارجية جون كيري جاهداً لمنع أي تحرك قد يضر بمفاوضات جنيف، حيث يخشى كيري أن يؤثر ذلك سلباً على توقيع الاتفاق.
يعني التوصل إلى الاتفاق أنه سيجري سحب خيار المواجهة من بين الخيارات المطروحة على مائدة التفاوض. «كل الخيارات متاحة وممكنة»، هذه هي العبارة التي يرددها دائماً المسؤولون الأميركيون والتي تثير أيضاً حفيظة السياسيين الإيرانيين كثيراً.
أحد الخيارات التي تتجنبها كل من إيران والولايات المتحدة، بصرف النظر عن تفكير الإسرائيليين جدياً ومطالبتها الواضحة بذلك، هو خيار «توجيه ضربة ضد إيران»!
إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجعل الإدارة الإسرائيلية سعيدة ليس سوى شن حرب ضد إيران، وبخلاف ذلك فإن ما يطالبون به، أي عدم وجود عمليات تخصيب، ليس ممكناً. وإذا برهنت إيران على أن الهدف من برنامجها النووي هو استخدامه لأغراض سلمية ومدنية، حينئذ، وفقاً لمواثيق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، فليست هناك مشكلة أمام إيران في تخصيب اليورانيوم على أراضيها للمفاعلات النووية مثل العديد من الدول الأخرى. وفي سياق متصل، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الاثنين الماضي أن إيران وافقت على حل كل القضايا العالقة مع الوكالة والسماح للمفتشين الدوليين «بالقدرة على الوصول الموجه» إلى منشأتين نوويتين مهمتين لم يجرِ استعراضهما بشكل منتظم بعد. ربما يشكل اتفاق إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مفاجأة لبعض الخصوم الذين كان لديهم الوقت الكافي لتنفيذ سلسلة جديدة من العقوبات على إيران في الكونغرس. ويأتي الاتفاق في أعقاب المحادثات التي جرت بين إيران وست قوى عالمية عظمى، بشأن برنامج إيران النووي يوم الإثنين الماضي، أثناء زيارة يوكيا أمانو، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لطهران. سيسمح هذا الاتفاق لمفتشي الوكالة بزيارة منجم غاشين في بندر عباس ومحطة إنتاج الماء الثقيل التي يجري بناؤها في آراك.
وفي هذه الأثناء، قام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بجولات موسعة إلى دول الشرق الأوسط بعد محادثات «جنيف 2» مباشرة لإطلاع حلفاء الولايات المتحدة على نتائج المفاوضات مع إيران. ومن ثم، لا يمكن أن تكون المطالب الإسرائيلية جزءاً في عملية إبرام اتفاق مع إيران، وأوضح الرئيس حسن روحاني في خطابه الأحد الماضي أمام البرلمان أن «تخصيب اليورانيوم يعد خطاً أحمر بالنسبة لنا وأمراً غير قابل للتفاوض».
وفي غضون أقل من أسبوع واحد، ستستأنف مجموعة «5+1» المحادثات مع إيران، وتهدف الولايات المتحدة، بوصفها أهم مفاوض في المحادثات، إلى إقناع حلفائها في المنطقة وجعلهم يشعرون بالارتياح في حال التوصل إلى اتفاق مع إيران.
وقد أدلى وزير الخارجية جون كيري بتصريحات خلال مؤتمر صحافي عقد في الإمارات العربية المتحدة قائلاً إن إدارة أوباما لم تكن طرفاً في «سباق» عقد أي صفقات. ويعني هذا الأمر أن كيري أراد طمأنة حلفاء أمريكا بأنه في حال إبرام اتفاق فسيكون ذلك الأمر مفيداً للجميع وليس لإيران وحدها فحسب.
ومن المثير للاهتمام إدراك جهود الإدارة الأمريكية لدفع عملية إبرام اتفاق وإقناع حلفائها من العرب وإسرائيل بأن يثقوا في المحادثات مع إيران، بينما الإيرانيون، على الجانب الآخر، سلبيون للغاية بشأن بذل أي جهود للحصول على دعم من دول الجوار. لماذا لا تمتلك إيران هذه الشجاعة لتحسين العلاقة مع جيرانها العرب، في الوقت الذي تتحرك فيه الإدارة الأمريكية بشكل نشط للتفاوض مع الخصوم الداخلين والخارجين؟
قام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بجولة واسعة إلى الدول الغربية للتفاوض بشأن العقوبات المفروضة على إيران وإجراء محادثات بخصوص برنامج إيران النووي وظهر على العديد من القنوات التلفزيونية الأجنبية، لكنه لم يقم حتى الآن بأي رحلة إلى الدول العربية ولم يظهر في وسائل إعلام تلك الدول. وبقدر أهمية الخصوم الداخليين والمفاوضين الغربيين لإيران، يجب على الإيرانيين أيضاً أن يراقبوا عن كثب دول الجوار العربية ويضعوها في اعتبارهم، لأن تلك الدول لها من النفوذ ما يمكنها من إحداث فارق والتأثير على المحادثات. إذا كان بإمكان روحاني وظريف إضفاء الدفء على علاقات إيران مع الولايات المتحدة، فلم لا يتسنى لإيران أن تفعل ذلك مع جيرانها؟ فالمؤكد أن دعم وتأثير تلك الدول المجاورة لا يقل أهمية عن نظيرتها الغربية. ولإدراك ذلك، اسألوا جون كيري لتحذوا حذوه!
عن صحيفة «الشرق الأوسط»
كان الكونغرس الأمريكي أحد هؤلاء الخصوم الذين حفزهم اللوبي الإسرائيلي والجمهوريون التقليديون. وعلى الجانب الآخر، كان الخصوم، في إيران، المحافظين المتشددين، الذين عارضوا، بشكل أساسي، أي مفاوضات وتصديق الدول الغربية والولايات المتحدة، على وجه الخصوص.
وسط هذه الأجواء نفد صبر كلا الطرفين عندما أخفقا في التوصل إلى اتفاق نووي في جنيف الأسبوع الماضي. ورغم تهديد الكونغرس إدارة أوباما بفرض سلسلة جديدة من العقوبات، يصارع وزير الخارجية جون كيري جاهداً لمنع أي تحرك قد يضر بمفاوضات جنيف، حيث يخشى كيري أن يؤثر ذلك سلباً على توقيع الاتفاق.
يعني التوصل إلى الاتفاق أنه سيجري سحب خيار المواجهة من بين الخيارات المطروحة على مائدة التفاوض. «كل الخيارات متاحة وممكنة»، هذه هي العبارة التي يرددها دائماً المسؤولون الأميركيون والتي تثير أيضاً حفيظة السياسيين الإيرانيين كثيراً.
أحد الخيارات التي تتجنبها كل من إيران والولايات المتحدة، بصرف النظر عن تفكير الإسرائيليين جدياً ومطالبتها الواضحة بذلك، هو خيار «توجيه ضربة ضد إيران»!
إن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يجعل الإدارة الإسرائيلية سعيدة ليس سوى شن حرب ضد إيران، وبخلاف ذلك فإن ما يطالبون به، أي عدم وجود عمليات تخصيب، ليس ممكناً. وإذا برهنت إيران على أن الهدف من برنامجها النووي هو استخدامه لأغراض سلمية ومدنية، حينئذ، وفقاً لمواثيق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، فليست هناك مشكلة أمام إيران في تخصيب اليورانيوم على أراضيها للمفاعلات النووية مثل العديد من الدول الأخرى. وفي سياق متصل، ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الاثنين الماضي أن إيران وافقت على حل كل القضايا العالقة مع الوكالة والسماح للمفتشين الدوليين «بالقدرة على الوصول الموجه» إلى منشأتين نوويتين مهمتين لم يجرِ استعراضهما بشكل منتظم بعد. ربما يشكل اتفاق إيران مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مفاجأة لبعض الخصوم الذين كان لديهم الوقت الكافي لتنفيذ سلسلة جديدة من العقوبات على إيران في الكونغرس. ويأتي الاتفاق في أعقاب المحادثات التي جرت بين إيران وست قوى عالمية عظمى، بشأن برنامج إيران النووي يوم الإثنين الماضي، أثناء زيارة يوكيا أمانو، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، لطهران. سيسمح هذا الاتفاق لمفتشي الوكالة بزيارة منجم غاشين في بندر عباس ومحطة إنتاج الماء الثقيل التي يجري بناؤها في آراك.
وفي هذه الأثناء، قام وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بجولات موسعة إلى دول الشرق الأوسط بعد محادثات «جنيف 2» مباشرة لإطلاع حلفاء الولايات المتحدة على نتائج المفاوضات مع إيران. ومن ثم، لا يمكن أن تكون المطالب الإسرائيلية جزءاً في عملية إبرام اتفاق مع إيران، وأوضح الرئيس حسن روحاني في خطابه الأحد الماضي أمام البرلمان أن «تخصيب اليورانيوم يعد خطاً أحمر بالنسبة لنا وأمراً غير قابل للتفاوض».
وفي غضون أقل من أسبوع واحد، ستستأنف مجموعة «5+1» المحادثات مع إيران، وتهدف الولايات المتحدة، بوصفها أهم مفاوض في المحادثات، إلى إقناع حلفائها في المنطقة وجعلهم يشعرون بالارتياح في حال التوصل إلى اتفاق مع إيران.
وقد أدلى وزير الخارجية جون كيري بتصريحات خلال مؤتمر صحافي عقد في الإمارات العربية المتحدة قائلاً إن إدارة أوباما لم تكن طرفاً في «سباق» عقد أي صفقات. ويعني هذا الأمر أن كيري أراد طمأنة حلفاء أمريكا بأنه في حال إبرام اتفاق فسيكون ذلك الأمر مفيداً للجميع وليس لإيران وحدها فحسب.
ومن المثير للاهتمام إدراك جهود الإدارة الأمريكية لدفع عملية إبرام اتفاق وإقناع حلفائها من العرب وإسرائيل بأن يثقوا في المحادثات مع إيران، بينما الإيرانيون، على الجانب الآخر، سلبيون للغاية بشأن بذل أي جهود للحصول على دعم من دول الجوار. لماذا لا تمتلك إيران هذه الشجاعة لتحسين العلاقة مع جيرانها العرب، في الوقت الذي تتحرك فيه الإدارة الأمريكية بشكل نشط للتفاوض مع الخصوم الداخلين والخارجين؟
قام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بجولة واسعة إلى الدول الغربية للتفاوض بشأن العقوبات المفروضة على إيران وإجراء محادثات بخصوص برنامج إيران النووي وظهر على العديد من القنوات التلفزيونية الأجنبية، لكنه لم يقم حتى الآن بأي رحلة إلى الدول العربية ولم يظهر في وسائل إعلام تلك الدول. وبقدر أهمية الخصوم الداخليين والمفاوضين الغربيين لإيران، يجب على الإيرانيين أيضاً أن يراقبوا عن كثب دول الجوار العربية ويضعوها في اعتبارهم، لأن تلك الدول لها من النفوذ ما يمكنها من إحداث فارق والتأثير على المحادثات. إذا كان بإمكان روحاني وظريف إضفاء الدفء على علاقات إيران مع الولايات المتحدة، فلم لا يتسنى لإيران أن تفعل ذلك مع جيرانها؟ فالمؤكد أن دعم وتأثير تلك الدول المجاورة لا يقل أهمية عن نظيرتها الغربية. ولإدراك ذلك، اسألوا جون كيري لتحذوا حذوه!
عن صحيفة «الشرق الأوسط»