قال الأمين العام للوفاق «إن الثورة البحرينية جاءت كإحدى نتائج هذه السياسات السياسية والاقتصادية الخاطئة، وإن النظام يتحمل وحده مسؤولية ما سماه المصير الاقتصادي الأسود»، إذاً كانت المراهنة الأولى والهدف الأساسي هو العمل على تراجع الاقتصاد البحريني، والذي سنسلسله بدءاً من السياسة التي اتبعتها هيئة سوق العمل التي عمل موظفوها على طرد المستثمر الأجنبي والبحريني جراء معاملة سيئة وإجراءات محبطة حتى غدت الهيئة مثل «سوق الخضار»، حيث اصطفاف العمال خارج وداخل مبنى الهيئة ومعهم رجال الأعمال القادمون من الدول الخليجية، حيث يكون جواب الموظف لهم «انتهى الزمن المحدد لتقديم الطلبات اليوم»، رغم تشفع رجل الأعمال، هذا الكلام قبل 14 فبراير 2011، وغيرها من غرامات وضرائب استنزفت خزائن ومحفظات أصحاب الأعمال، وبعدها إيرادات سوق العمل التي تم استغلالها من خلال «تمكين»، وما كان نتائجها إلا كساد السوق، وذلك حين استخدمت هذه الأموال لبرامج تعليم الكمبيوتر تقدر بقيمة مئات الملايين والتعاقد مع معاهد ليس لها مبنى ولا حتى ترخيص، واستغلالها في دعم، كما ذكرنا من قبل، بمئات الآلاف من الدنانير لشخص ينوي فتح مصنع ليس له باع في العمل الصناعي ولا الاستثماري، ودعم محلات بيع العبايات وصنع «الكاب كيك»، ودفع إيجارات المعارض الدولية والخليجية في الداخل والخارج، مع تكاليف السفر لأصحاب المؤسسات حتى المقتدرة منها والمبتدئة التي سارعت في الحصول على «جدر» من البقرة الحلوب، وكل هذا كان يجري على مرأى ومسمع من الوفاق التي يجلس أتباعها في مجلس الإدارة لـ»هيئة سوق العمل» و«تمكين»، ودون أن تنتقد أي برنامج أو أن تتكلم عن الفساد الذي ملأ الصحف واحتجاجات رجال الأعمال، وهذا سبب ليس بالهين بل سبب قاصم لظهر الاقتصاد البحريني.
كما نسأل؛ لماذا كان الإصرار على الخروج في المسيرات والمظاهرات وسد شوارع العاصمة وسوق المنامة ومنطقة السيف في أيام الإجازات الأسبوعية والإجازات الرسمية؟ أليس هذا جزءاً من قتل السياحة التي تعتمد عليها الدولة من جانب تشغيل الفنادق والحركة التجارية في المجمعات؟ ولماذا التكثيف في قطع الشوارع الرئيسة وحرق الإطارات والتفجيرات التي تصاحب كل حدث رياضي مثل «الفورمولا» و«الآير شو»، وغيرها من المعارض التجارية، أليس هذا لتشويه لسمعة البحرين أمام الشركات الأجنبية والخليجية، وصرف نظرها أن تكون البحرين مقراً لها في الخليج؟!
فأين شركات الاستثمار الخليجية الإنشائية التي غيرت وجهتها منذ بدء فرض ضرائب سوق العمل، حتى جرت معداتها وطواقمها التشغيلية إلى دول خليجية أخرى بعد بدء الحركة الإرهابية في 14 فبراير، والتي كان اختيارها لقلب المنامة لنصب خيامها ليس عبطاً ولا صدفة، بل كان بعد دراسة وتصميم، وهو ضرب الاقتصاد والسيطرة على القلب التجاري للدولة، فإذاً التخطيط كان لضرب الاقتصاد وهو الدعامة الأساسية التي تقوم عليها ركائز الدولة، وضرب الاقتصاد لا يأتي إلا بانعدام الأمن، والتضييق على فرص الاستثمار ووضع العقبات أمام الشركات الاستثمارية وإساءة معاملات أصحاب الأعمال.
إذاً الدولة ليست المسؤولة الأولى عن تدهور الاقتصاد، فقد كان الاقتصاد في أعلى مؤشراته عندما كانت «الديرة» بخير وسلام، لم يعبث فيها أصحاب النفوس التي لا تحب الخير للبحرين، وأن تعليل الأمين العام للوفاق بأن «قيام ثورته بسبب السياسة الاقتصادية للدولة، وأن الثورة مسؤوليتها وأهدافها هي إيقاف هذا المصير الأسود وتصحيح المسار»، فهو تعليل خاسر، لأن مطالب ما يسمى الثورة هو «الانقلاب على الحكم» وإسقاط النظام والوصول إلى السلطة.
من قلبه على الاقتصاد لا يخاطب منظمي سباق «الفورمولا1» ويحثهم على عدم تنظيم السباق في البحرين بدعوى تردي الأوضاع الحقوقية في البحرين ومطالبتهم بإعادة النظر في سباق البحرين 2013، كما أعلنت الجمعيات السياسية من تسمي نفسها المعارضة عن تنظيمها مسيرات متتالية ضمن فعاليات ما أسمته بـ»أسبوع الصمود» من 17-20 أبريل 2012 من الأحد إلى الجمعة، وذلك تزامناً مع موعد انطلاق سباق «الفورمولا1»، وكذلك بالنسبة للمسيرات التي زامنت الاستعراض الجوي السنوي الذي يقام على أرض البحرين والذي صار حديث الصحف الخليجية والأجنبية، حين ملأت الأدخنة سماء البحرين في ساعات الاستعراض، حيث تم إحراق الإطارات التي تصاعدت منها أعمدة الدخان المتواصلة التي حلقت طائرات الاستعراض من خلالها، وذلك من أجل إحراج الدولة والإساءة إلى سمعتها، فهل هذه أفعال من يقول إن ثورته من أجل إيقاف المصير الأسود للاقتصاد وتصحيح المسار، ثم نواصل السرد معكم وما يفعله من يسعى لتصحيح المسار، هل حرق المعارض التجارية والمخازن والممتلكات الخاصة والعامة هو أيضاً يدخل ضمن ادعاء أمين عام الوفاق بتصحيح المسار؟
إذاً تدمير الاقتصاد هو الركيزة الأساسية التي اعتمدت عليها الوفاق في تنفيذ مخططاتها، وعلى الدولة اليوم أن تسعى بكل جهدها وتعيد النظر في سياستها الاقتصادية والعمل على تذليل العقبات وإزالة المعوقات وأولها الإلغاء الضريبي التي تتبناه هيئة سوق العمل التي تسوق بإرادتها إلى صندوق آخر جعل من الشارع الاقتصادي البحريني شارعاً ميتاً لا ترى فيه مشترياً ولا مضارباً، وذلك حين يكون هذا المواطن الذي حفزته إغراءات «تمكين» على فتح محل يزيد البحرين كساداً، حين يكون المستفيد صاحب الديكور، وصاحب الماكينات التي لا ندري هل يشتريها صاحب الدكان أو يرجعها بعد شرائها كاتفاق مسبق، وهذا ما يتم تداوله.
نعم.. اليوم يجب أن تتدارك الدولة نفسها وإنقاذ اقتصادها، لأن المستثمر البحريني الجاد والمستثمر الأجنبي والخليجي لن يغامر بشركاته في مكان يقضم رأس ماله بغير وجه حق. إن قلوبنا على البحرين وعلى اقتصادها وأمنها، وليس كقلوب تدعي أنها تسعى لتصحيح المسار، وإيقاف المصير الاقتصادي الأسود للبحرين وأتباعها يتربعون على كراسي أعضاء مجلس إدارة سوق العمل و«تمكين» دون أن توجه الوفاق كلمة «نقد» لا من كتابها ولا مواقعها ولا جمعياتها المعارضة لما يتعرض له أصحاب الأعمال من عملية استنزاف لأرباحهم، ثم بهيئة تدفع ببعضهم إلى دهاليز المحاكم.