حين نشاهد نشرات الأخبار الخاصة بالوطن العربي في كل فضائيات العالم، فإننا سنجد مشاهد الجثث المبعثرة والمنازل الواقعة على رؤوس أهلها من النساء والأطفال، أما حالة الاحتراب وتقطيع الأوصال والرؤوس والأطــــراف واستخدام لغـــة المفخخــــات والمتفجرات والقنابل والقنص وغيرها من أدوات الموت، ما هي إلا مشاهد مروعـــة للعبثية في عالمنا العربي.
لم يعد هنالك من وسيلة شيطانية إلا واستعملناها ضد بعضنا البعض، ولم يعد هنالك فن من فنون الذبح والبشاعة والغلاظة إلا كنا أول من اكتشفه واخترعه وطبقه، أما حين اختلطت نجاسة السياسة بنقـــاء الدين، فسيِست كل الفتــــاوى المذهبية، أصبح كل أنواع القتل المعلب والجاهز حلالاً عند غالبية المذاهب الإسلامية!
عدنا للعصور الوسطى، وربما نحن نعيـش في عصر الانحطاط الجديد، فمشاهد العبثية المنتشرة في أوساط شبابنا ومجتمعاتنا وأنظمتنا ومساجدنا ومدارسنا وشوارعنا العربية، كلها تشي بطبيعة الثقافة الهمجية التي نسلكها كلنا لأجل الوصول إلى غاياتنا، حتى جعلنا مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة» هو المنهج الفعلي لكل ما نقوم به من انتهاكات صارخة ضد الإنسانية.
هذا هو المشهد العام في وطننا العربي، لكن ألم نسأل أنفسنا يوماً لماذا لا نشاهد1% من مثل هذه الفوضى العنيفة الدموية في العالم الغربي؟
ألَم يخطر في خلد كل أولئك المجانين من المحاربين السكارى من العرب والمسلمين، خلو أوطان العالم الغربي ودول أمريكا اللاتينية والكثير من دول شرق آسيا من كل مظاهر العنف وليس القتل فقط؟
هنالك إجابتان لا ثالث لهما؛ إما أن يكون الغرب ومعه كل الدول التي تخلو من الإرهاب والفوضى محرِضين أساسيين على العنف في أوطاننا العربية، أو أن يكون هنالك خلل مريع في ثقافتنا وبنية أفكارنا وطبيعة سلوكنا المتوارث، شعوباً وأنظمة، ومن هنا لا نجد مثل هذه العنتريات والفوضويات تتصدر المشهد العام في «دول الكفر»، كما يحلو للبعض تسميتها.
ربما اجتمع السببان معا، بمعنى أن هنالك مؤامرة تدار ضدنا، إضافة إلى وجود خلل في ثقافتنا، وفي كل الأحوال سيظل الإنسان العربي يدفع فواتير الخراب والدمار الذي ينهد على رأسه كل يوم جراء انفلات المشهد، خصوصاً النساء والأطفال.
أمة العرب، هي أمة واحدة، تتمتع بخاصية لا تتمتع بها كل الأمم الأخرى، فربها واحد ودستورها واحد «القرآن الكريم» ونبيها واحد ولغتها واحدة ودولها متلاصقة ببعضها البعض، ومع كل هذه المميزات التي تتمتع بها دولنا العربية إلا أنها أكثر الدول تخلفاً ورجعية وظلامية، فيكفيك أن تفتح أي قناة أخبارية من تلفازك المصنوع في دول الكفر لتشاهد أننا نمارس كل أنواع الكفر، وما يفصلنا ويميزنا عن الآخرين هو النطق بالشهادتين فقط، وما أبعدنا عنهما في واقعنا المعجون بالأسى والحزن.