الوفد التجاري البحريني الذي زار الهند مؤخراً التقى وعقد اجتماعات مع مسؤولين كبار من القطاعين العام والخاص معنيين بقطاعات الصناعة، وبالتالي جاءت الاجتماعات معهم من أجل تشجيع الاستثمار في الصناعة البحرينية، وإقامة شراكات صناعية اقتصادية بين الجانبين الهندي والبحريني.
لكننا عندما نلقي الضوء على أسماء الوفد البحريني الذي سافر الى الهند لهذا الغرض فلا نجد من الأسماء غير رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين الذي ألقى محاضرة خاصة بترويج الاستثمار في البحرين، والاستثمار الصناعي على وجه الخصوص، ووزير المواصلات الذي رأس الوفد بصفته القائم بأعمال الرئيس التنفيذي لمجلس التنمية الاقتصادية.
وغير هذين الاسمين لم نقرأ أسماء أعضاء الوفد البحريني الآخرين سواء الذين يمثلون مجلس التنمية الاقتصادية أو غرفة التجارة والصناعة أو أي جهة أخرى، كما أننا لاندري لماذا تتمسك هذه الجهات دائماً بإيكال مهمة زيارات واجتماعات تخصصية مثل الاستثمار في الصناعة إلى مسؤولين عامين مثل وزير المواصلات الذي عاد لتوه من منتجع دافوس الاستثماري العالمي، ورئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين، ولماذا لا يتشكل الوفد من شخصية خبيرة ومعنية بقطاع الصناعة في مجلس التنمية، (وهي شخصية لم نسمع عن وجودها بالمجلس حتى الآن). ومن أعضاء وفد يمثلون الصناعات الرئيسة في البحرين بالإضافة لأهم الصناعات التحويلية.
عندها نستطيع أن نقول إننا نتحرك في إطار دولة المؤسسات المتخصصة وذات الشأن والمعرفة والعلاقة بالشأن الذي نحن بصدده، ووقتها نزعم أننا جادون في إقامة شراكات استثمارية صناعية مع الشركات والمستثمرين في الهند.
فالمعروف أن هذه ليست أول زيارة ولا عاشر زيارة يقوم بها وفد مشترك من مجلس التنمية وغرفة التجارة إلى الهند، وغيرها من البلدان الآسيوية والأروبية بهدف الترويج للبحرين وجذب الاستثمارات الصناعية، وإقامة الشراكات مع الصناعيين في تلك البلدان.
وما هو مطلوب من المسؤولين في الجهات ذات العلاقة أن تقدم لنا كشفاً بعدد وحجم الاستثمارات التي جذبوها في كل واحدة من هذه الزيارات، أو بها مجتمعة، وكم منها تم تنفيذه على أرض الواقع وأصبح منتجاً، وموظفاً لعدد معين من البحرينيين، على اعتبار أن إيجاد وظائف للمواطنين هي الهدف الأول لإقامة الصناعات في أي بلد.
فالاستثمار في الصناعة، مثل أي قطاع اقتصادي تخصصي آخر، له لغة خاصة لا يفهمها إلا أصحاب الصناعات، ومن عيوبنا في البحرين أن الحكومة توقفت عن الاستثمار في الصناعة من بعد «ألبا» والبتروكيماويات والحوض الجاف، والقطاع الخاص، وبالتحديد الشركات العائلية تستثمر في التجارة والعقار السياحة، ولا تستثمر في الصناعة وبالتالي فانه لا يوجد لدينا في البحرين إلا القليل جداً من الصناعيين الذين يصلحون ليكونوا شركاء مع نظرائهم في الهند أو غيرها من البلدان.
والجانب الآخر أن أي وفد من المستثمرين الصناعيين يغادر البحرين لابد أن يحمل معه استراتيجية او حتى خطة للصناعة تتحدث عن عدد وأنواع وأحجام الصناعات التي نتطلع إلى إقامتها على مدى الخمس والعشر سنوات القادمة، وعن الإمكانيات المتاحة لإقامة هذه الصناعات من مواد خام وطاقة أو أيدي عاملة مدربة، وعن المناطق الصناعية الجاهزة أو التي ستكون جاهزة في وقتها، وأخيراً توفر الرساميل أو شراكات الرساميل التي ستشارك المستثمرين الأجانب في إقامة هذه الصناعات.
وقبل وبعد ذلك فأي وفد يتوجه لمقابلة مستثمرين في بلد آخر، أو مؤتمر دولي يواجه بسؤال مباشر يقول: ما هو مناخ الاستثمار في بلدكم، هل هو آمن ومشجع ومحصن ضد الفساد، وضد الذين يطلبون من فوق ومن تحت الطاولة.
وبالطبع فالوفد المسافر سيشرح للمستثمرين الأجانب السائلين كل ما هو طيب عن مناخ الاستثمار في البحرين، ولن يتطرق إلى أي نقطة مهما كانت صغيرة تؤثر سلباً على هذا المناخ.
لكن المتعارف عليه اليوم في العالم أجمع أن السفارات ومراكز الأبحاث، والشركات المعلوماتية المتخصصة في معرفة ونشر كل ما يحدث ويدور في بلدان العالم، تجعل ما يأخذه معه الوفد المسافر، ويقدمه على شكل محاضرات أو اجتماعات مجرد تحصيل حاصل.
ومع التوفيق لوفودنا التي زارت دافوس والهند والصين وبريطاينا واليابان، وأي مكان في العالم، نقول لهم: إذا أردتم ان تنجحوا في مساعيكم كونوا أكثر جدية وأكثر تخصصية وأكثر مؤسساتية.